الأدب في زمن " الكورونا " / محمد المصطفى الولي

 يقول الروائي الكبير غابرييل غارسيا ماركيز في روايته الرائعة «الحب في زمن الكوليرا» (1985) : «الحب موجود في كل زمان وفي كل مكان، ولكنه يشتد كثافة كلما اقترب من الموت». تأملت هذه المقولة وأنا أشاهد وأقرؤ لكتاب وروائيين يكادون يجمعون على بعث حركة الرواية " الوبائية " من مردقدها أويجسون نبضها على الأصح من خلال نسج روايات وأفلام وأعمال أدبية ودرامية جديدة ، يكون وباء فيروس " كورونا المستجد " 19COVID " موضوعها ومحورها الأساسي ، ينضاف إلى سلسلة التجارب الأدبية والفنية التي جعلت من الأمراض والأوبئة والكوارث مادة إبداعية تتجاوز أنساق الكلمة فيها سلطة العلم والطب وعيون المختبرات .

أغلب الروايات التي كتبت في هذا الحقل بالذات تحاول أن تخبرنا بأن المستقبل ليس آمنًا وليس أرضًا للخير المطلق ، فالشرّ كامنٌ في أشياء خفية وغير متوقعة ، وليس كل شيء قابل للسيطرة؛ والإنسان مهما فعل فإن العالم يتمرد وينفلت من قبضته. لكن في ظل كل ذلك تظل هناك “نار مشتعلة” يقودها “طفل” يعثر على أناس أخيار، يقودونه في الطريق نحو الخلاص، نحو بناء عالم جديد، بشر مثله، وليس كائنات سماوية قد تعيد بناء العالم من جديد (لنراجع فيلم النبوءة). فلا مكان للإنسان للعيش إلا “الأرض”، وعليه أن يكون في كامل الاستعداد لما سيواجهه من أجل البقاء عليها، وأن يتعلم أن التضامن والتكافل والتعاون والحبّ هي “الطريق” الأوحد إلى النجاة والخلاص. بل لا يتحقق كل ذلك إلا بالحب باعتباره غريزة وهبة ألوهية متعالية في نفس البشر، إنه خلاص من الشر المحدّق بنا في زمن الوباء والعمى…(1) .

                                                 

في ظل هذا التوقع المفعم بالذعر من كتاب يعشقون الجديد ويسافرون في قطارات يزاحم راكبها السجان والمسجون ... يختط " كورونا " طريقه نحو العالمية ، ولكن هذه المرة عن طريق الفن الجميل ، عن طريق الرواية المقروءة بدموع جامدة ، تبحث عن من يكتبها للأجيال بلغة تناسب حجم الداء ومستوى عجز العالم ، لغة تختلف تماما عن رواية : ألبير كامو " الطاعون " وتنسينا عصور : " السل ، والحصبة و" الجدري " والجفاف والحمى التي عاشت مجتمعاتنا العربية ألم نتائجها ، وما خلفته من مآسي أبى الدمع إلا أن يذيعها لأقلام التاريخ وكيف كانت أشد فتكا وتأثيرا من السياسة والحروب والحملات العسكرية في قديم الزمان وبداية الحضارات التي دونت الأوبئة البابلية والأشورية العراقية ، والفراعنة المصريون، والأنباط العرب.

الكاتب العربي : فارس الحباشنة يقول : " الأوبئة أخذت مكانا متميزا في الأدب العالمي والتراث الأدبي العربي، وتحولت لثيمة إبداعية. من ماركيز في مئة عام من العزلة، والحب في زمن الكوليرا، والطاعون، وجان لانتوفان وانتوان ارتو، والبير كامو، وخوسيه ساراموغا. ومن تراثنا الأدبي الجاحظ والثعالبي والسيوطي عن رواية الوعظ الديني واستخلاص العبر من الأمراض والأوبئة كما جاءت في النص القرآني والمحمدي، وفي مروياتهم سيسوا وانسنوا الوباء، وربطوه في صراعات ونزاعات ومجالات خارجة عن الحكمة الدينية والابتلاء الالهي، فالجاحظ استعمل الطاعون للطعن سياسيا في بني امية خصوم العباسيين حكام بغداد في ذلك الزمن .

كورونا فايروس معاصرقهر العالم وأنهك قواه ، ولم يأخذ إلى - جانب الترح – مكانا من مساحة الفرح في الأدب كغيره من الأوبئة السابقة ، ولكن ربما أن الإنسان في القرن الحادي والعشرين، ومع معايشة الكورونا اليومية يحتاج بإلحاح إلى فتح دفاتر الذاكرة ليفك العزلة عن محجوزي " الكورونا" ، ويقرأ ماذا كتب الأدباء في الأوبئة من ماركيز إلى الجاحظ وغيرهما. متسع من التأمل تستحقه الكورونا على قسوة وقوعها على يوميات الناس بما خلفت من ذعر وخوف وقلق ورهبة من المرض .

وإذا كان رائد الواقعية السحرية وأحد أهم روائيي العالم الكاتب الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز قد كتب أيقونته الروائية الشهيرة «الحب في زمن الكوليرا»، لتصبح من كلاسكيات فن الرواية في تاريخ البشرية، فإن البشرية ستكون بانتظار أيقونة جديدة لا بد أنها ستخرج من محاجر العزل الصحي أو مستشفيات الحالات المصابة، أو حتى مختبرات فحص الفيروس.

إلى ذلك نفتح هنا دفاتر الأدب لنتعرف على مستجدات الكلمة وتطورات الحرف في زمن الكورونا ، ولكن هذه المرة مع أدباء بلاد شنقيط ، بلاد المليون شاعر ، حيث سنتعرف على تفاصيل الأحداث عبر نافذة نصوص أدبية منها الفصيح والشعبي " اللهجي " نسوقها على سبيل التمثيل والاستطراد لا الحصر والإحاطة .

هذه النصوص تشكل " سيناريو " الرسالة الأدبية لشعراء وأدباء يدركون محورية الصورة الشعرية وتأثيرها في الذائقة الشعبية من خلال توجيه وتشخيص الظاهرة " النازلة " محل السجال , وتحويلها إلى غرض تنحت من مادته صنوف الصورة الشعرية فصيحة كانت أولهجية :

سهام عيون الخود فوق الكمائم *** أعدن لهذا الصب عهد الهزائم

وقربن أسباب الهوى لأخي الهوى *** وقد حال هم دون تلك العوالم

بدت وعليها معطف وعباءة *** فحل وأيم الله عقد العزائم

أقول وقد ماست تجر ثيابها *** حرام عليك اليوم وضع الكمائم

لحى الله أيام الكرون فإنما *** لعبن بنا مثل السيوف الصوارم

الشاعر محمدو ولد نافع

شعبيا :

محمد فال ولد يلال

غايتن من لكعاد .. ماه كره اتلواد

و التسدار افلبلاد .. دشره دشره دشره

ألسفار ألاه زاد .. خوف الشفره لخره

غايتن يالجواد .. ونت مول القدره

الخمس ما تنزاد .. أذيك الخمس تبره

-------------------

دمبه ولد الميداح

يا ملان لوَّاد .. ماهو كابل لكعاد

إظل الا يتراد .. و يزكنن فالدشر

يعملو يالجواد .. يزحف هذا الفتره

يسو راجل لعاد .. و اسو لعاد امر

غايتنا يالجواد ...وأنت مرل القدره

الخمس ما تنزاد...أذيك الخمس تبره .

 

محمد محمود عبد الجليل

 

واجبن مجتمعين *** التمسك بالدين

واتمعليم اليقين *** واستخلاص العبرة

من شي من بين الحين *** والحين اعي يطر

كيفت ذل بين أيدين *** الناس افذي الفترة

انعود مشتهدين *** افتوصيل الفكرة

وانتم ملتزمين *** وانكلو فلخطرة

ؤفلمد الليدين *** ولل من يكر

لايعجزعن حزبين *** ابتلاوة عطرة

" غايتنا يالجواد ...........................

أحمدو بمب ولد محمدو

لاتلحگ لك عراد *** ولايلحگ لك مراد

ولايسوالك تفگاد *** تمرگ تيت الدشره

عادت صحة لعباد *** فگعادك والعبره

عادت فگعادك زاد *** وأهن جبت الكصره

غايتن بالجواد *** وأنت مول القدره

الخمس ماتنزاد *** أذيك الخمس تبره .

محمد المصطفى الولي

ماعينك في التلواد *** واشبه ترع لمكاد

واتكثر من لكعاد *** في الدار امع لمره

واتعود امع الاولاد *** ناتر ذيك النتره

والغ عنك ميعاد *** اجيك افذي الفترة

ؤكول امع لعباد *** سابك حالة تطر

" غايتنا يالجواد *** وانت مول القدره

الخمس ما تنزاد *** ذيك الخمس تبره " .

 

أحمد أبوبكر

 

شفنا مد رفدو *** ذالفيروس ؤجحدو

ذاك، ؤجاو ؤگعدو*** بيه امع مد أخر

ؤشفنا واحد وحدو*** فات أعد بيه أمر

واخترنا نبتعدو *** ذاك اشبه فى الدشر

واگعدنا لا يعدو *** نا بيه أعل غدر

غايتنا يالجواد *** وانت مول القدره

الخمس ماتنزاد*** ذيك الخمس تبر

 

 

أبو عبد الرحمن

 

يالرحمن الرحيم *** السميع العليم

الكريم الحليم *** اعبيدك منكصرة

عادت والحال اطميم *** تمش وأتج كصرة

قادر من ظرك اتجيم*** غير حالة لاخره

غايتنا يالجواد *** وانت مول القدره

الخمسة ماتنزاد*** ذيك الخمسة تبره

 

دادي سيدي ميلة

 

عبره يحد اتليت *** مانك هان فلبيت

وتسلم ما شفربت *** وتلد فدشره

وتذراعك للي ريت *** ذيك املي عبره

أغايتن يالجواد ***ونت مول القدره

الخمس ما تنزاد *** أذيك الخمس تبره

 

محمدو محمد المختار

 

يل فيدك تحداد *** المقادير والاعداد

ويل فيدك تراد  *** ش لاه يجر يجر

ايل من لطفك عاد *** ذالفات امرض يبر

ايل ظروك لعباد  *** لجاتلك منكسر .

غايتنا يالجواد ...................إلخ

30. مارس 2020 - 9:17

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا