للإصلاح كلمة ناضرة : لتعرية قانون النوع في الدنيا والآخرة / محمدَ بن البار

كلمة الإصلاح تكتب كلمتها هذه ، وقد استمعت إلي جولة ميكروفون إذاعة التنوير التي قام بها مشكورا مديرها اللوذعي : الحسن ولد ملاي اعل ( الجندي الإسلامي المجهول نسخة أصلية لا تقبل التزوير ) جزاه الله خيرا .

وقد استمعت إلي جميع التدخلات ، وكنت أود أن تسمع أذني متدخلا يقول قبل كلامه إنه يتيقن أنما سيقوله في الموضوع سوف يسأل عنه من طرف علام الغيوب ليس بينه وبينه ترجمان ، سواء كان المتدخل ذكرا أو أنثي من غير أي اعتبار آخر ، ولا شك أن الجميع يعرف أن سؤاله في الموضوع وعن سلوكه في مدة قليلة جدا تترتب عليه نتيجة : إما حسنة أو سيئة وإلي ما لا نهاية .

وإذا كان أي شخص لا يستحضر دائما أن هذا السؤال لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا وهي محصية ومسؤول عنها فإن هذا أكبر فجوة في عقيدته ، فالله يقول من جهة : (( قل ربي يعلم القول في السماء والأرض وهو السميع العليم )) ومن جهة اخري يقول : (( ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين )) ، فمن سمع قوله تعالي : (( وعرضوا علي ربك صفا )) أي كل إنسان ولد من أول الدنيا إلي آخرها سيعرضون صفا واحدا أمام الله علم بأن كلامه في قانون النوع سوف يسأل عنه .

فجميع المتدخلين ما عدا الدكتور محمد الأمين ولد مزيد الذي افتتح تدخله بضربة قاصمة للظهر رافضة جملة وتفصيلا لقانون مسيلمة " والطاحنات طحنا والخابزات خبزا " إلي آخر خبث تفكير الإنسان الموحي من الشيطان المطابق كما كيفا مع هذه الخزعبلات التي تدوس بموادها القذرة علي محكم الآيات الصادرة من لدن حكيم خبير والتي لا يمسها إلا المطهرون ، وقد نزلت من هذا الحكيم الخبير الذي خلق هذا الإنسان مدة قليلة ليبتليه أيحسن العمل ثم يعود إليه للمحاسبة والحياة الأبدية إن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا؟ .

ومن هنا أعود إلي العنوان لنعري المتعري في الدنيا والآخرة : ففي الدنيا أمام أهل الدنيا ومن يسمون أنفسهم بالمشرعين ومن يفكر فكرهم من أهل الدنيا الآخرين .

فمعلوم عند كل مشرع أن الدستور الدنيوي للبلد هو فوق كل تشريع يصدر من البلد أو من الخارج لأن فيه كما يقولون عصارة السيادة في البلد ، وقد أجيز بالتصويت عليه من طرف كافة الشعب مباشرة دون نيابة ممثليه وغالبا يكون بالإجماع ، إذا:

 أولا : اسمعوا أيها المشرعون والضامنون لاحترام الدستور ما يقوله الدستور في ديباجته التي هي أقوي دستوريا من مواده الأخري لأنها هي عصارة المعني السيادي في الدولة ، فبعد اعلان اتكال الشعب الموريتاني علي الله العلي القدير : " يعلن تمسكه بالدين الإسلامي الحنيف " والتمسك بالدين الإسلامي الحنيف ليس عنده من معني إلا التطبيق الفعلي الكامل لقوله تعالي : (( وما ءاتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا )) ، هذه العبارة من الله بينها الرسول صلي الله عليه وسلم كما أمره الله بالتبيين لآياته بقوله : " لقد جئتكم بالمحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك  " ( وما أكثر الهالكون هنا ) هذه المحجة البيضاء لا أظن أن أي عاقل يقتصر لفظها علي فحوي آية من القرآن دون فحوي آية أخرى لأن هذا الفعل حذر القرءان منه بقوله تعالي : (( واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك ))

ثانيا : يقول الدستور : " وحرصا منه علي خلق الظروف الثابتة لنمو اجتماعي منسجم يحترم أحكام الدين الإسلامي المصدر الوحيد للقانون )) ، فهل كلمة المصدر الوحيد للقانون تركت نافذة لقانون النوع ليدخل منها ويهدم هذه الفقرة ويتمرغ علي النصوص القرآنية الواضحة مثل ما يفعل " عر" ليلا إذا دخل في المزارع ، مع أن الدستور الموريتاني لم يخلق أصلا للاحترام ، فالراعي لحمايته دائما نائما عنها ، والجسر المنصوب لتلك الحماية أول قانون  يتركه يهدم ويمر من غير أن يشعر أن هناك جسر لحماية الدستور ، فالمادة الأولي في فقرتها الأخيرة تقول : " يعاقب القانون كل دعاية إقليمية ذات طابع عنصري أو عرقي " فكم امتلأت جميع الأجواء الموريتانية من دعاية عنصرية وعرقية بدل أن تعاقب طبقا للدستور كادت أن تشرع دون تغيير الدستور وتقول المادة الخامسة : " الإسلام دين الشعب والدولة " فهل القانون النوعي اللا إسلامي سوف يطبق علي من هو خارج الدولة والشعب ، وما معني الإسلام إذا لم يشمل العمل به تطبيق جميع ما أنزل الله ، ومن أوضح نوم راعي الدستور عن حمايته وهدم الجسر المعد لاحترامه الاهانة المستمرة للمادة السادسة من الدستور التي تفرد اللغة العربية بالترسيم فكأنها أعدت وأحضرت لتقول لها السلطة التنفيذية بعد طردها من أغلب الرسميات الصادرة من الجهات الرسمية بما فيها جميع المؤسسات العسكرية التي لا تخالف عادة أوامر السلطة التنفيذية كأنها تقول لها : " ذق إنك أنت العزيز الكريم " ، فأنت وحدك التي جعلك الشعب في دستوره رسمية وأنت التي نزل بك القرآن الذي هو دين الدولة والشعب ، ولكن ضعف إرادة السيادة ومعرفة أين هي جعلت راعي الدستور نائما عنه وجسره مهدوما فوقه ، فلو وجد حاميا أو جسرا للحماية لما عدل الدستور بالمادة 38 منه التي لا صلة لها بالتعديل ولكن حاميها كان هو حراميها ، فقد كتب أخيرا نائب في البرلمان أن مؤسسة حكومية تقسم مساعدة الحكومة للضعفاء اشترطت طلبا لذلك واشترطت فيه أن يكون مكتوبا بالفرنسية ( وعهدة هذه الجريمة الدستورية علي ما كتبه النائب مستغربا للموضوع ) .

وبناء علي هذه النصوص المتقدمة في الدستور فإني أعود بها مع إصابتها بكورونا مع عدم المناعة إلي قانون النوع وإلي تدخلات الذكور والإناث في ميكروفون إذاعة التنوير لأقول أني لم أسمع أي واحد منهم استدل علي وجوب جلد ورجم هذا القانون بتجاهله لأول سورة من القرآن جاءت بعبارات تخص الإنسان وهي قوله تعالي : (( سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها ءايات بينات لعلكم تذكرون الزانية والزاني فاجلدوا كل و احد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين )) .

وإيراد هذه الآية يتطلب سؤالا بعدها وهو هل هذه الآية وما بعدها محكمة أو منسوخة وهي موجهة لمن ؟ فقوله تعالي : فاجلدوا ،،، ولا تأخذكم بهما رأفة ,,,,إن كنتم تؤمنون بالله  . هذا الخطاب يعني من ؟ لا يعني إلا السلطات التنفيذية والتشريعية المخاطبين بقوله تعالي: (( الذين إن مكناهم في الأرض)) إلي آخر الآية ، هذه الآية حذفها مشرع قانون النوع من إيمانه لأنه لم يسم من الزنا إلا الغصب وإذا كان لا يهمه فعل الزنا الطوعي أو يبيحه فهل مثل هذا يحوز أن يشرع للمؤمنين ، فقوله تعالي : أنزلناها تقذف معني قويا في قلب المؤمن ويؤكده ويزيد فيه الإيمان بموضوعه قوله تعالي : " وفرضناها " أي فرضناها علي من ؟ علي الملائكة أو الجان أو البهائم أو علي الجمادات ؟ لا وألف لا  ، بل فرضها الله علي هذا الإنسان في جميع ولايات موريتانيا وداخل ساكنة كل مقاطعة ، فالغصب زنا زائد عنفا ، فكيف لا يبدأ بذكر هذا الفعل بعقوبة الله له عقوبة الزاني إن كان بكرا أو محصنا ، فاتباع عقوبة هذا الفعل من الإنسان المسلم بقول أي قانون صادر من أي مكان تجاهلا لأحكام ا لله تجاهلا لا يرد عليه إلا قوله تعالي : (( نسوا الله فأنساهم أنفسهم )).

فهذا القانون النوعي كله تجاهل أن الإسلام وضع جميع القاصرين إذا كانوا يتامى تحت تصرف القاضي العارف للمصلحة الشرعية عند الإسلام ، فهو وحده الذي يحكم فيهم نصوص الشرع  ، وإلا اجتهد في المصلحة اجتهادا مبنيا علي قواعد الشرع المبينة لكل مصلحة في حينها حتى ولو كان غير يتيم فوكيله الشرعي لم تطلق له الشريعة اليد المطلقة في الوكالة بل تقيدها بالمصلحة ،فإذا لم تكن مصلحة تنزع منه الوكالة ولو كان أبا حتي أن الشريعة كل أحد لا يقوم بالمصلحة ولو في نفسه تسميه السفيه وتنزع منه وكالته علي ماله وأولاده إلي آخره ولكن لا تعطيها للمنظمات الأجنبية بل للقاضي فقط ، أما الأسرة الزوجية فالشريعة جعلت بينهما عقدا سمته بميثاق الله وأكدت في كثير من الآيات والأحاديث علي احترامه والمساواة فيما بينهما إلا أن الله جعل بيولوجيا علي المرأة الحمل للولد وهنا علي وهن ومقابل ذلك جعلت علي المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف متبعة لها بالقول : (( لا تكلف نفس إلا وسعها )) .

فعلي المسلمين أن يقولوا للمشرعين الدوليين سواء كانوا دولا أو منظمات أن المسلمين عندهم اكتفاء ذاتي من التشريع في شأن الأسرة والجنايات وأن التشريع الذي عندهم ليس للمجرم مهما كانت شناعة اجرامه إلا سجنا تراعي فيه حقوق المجرم كإنسان من نفقة وسكني إلي آخره ، وتترك فيه الضحية كأنها ليست إنسانا حاملة لآثار الإجرام مهما كان أثره حتى يأتي وعد الله ، سبحانك هذا بهتان عظيم ، فالمسلمون في غني عن هذا التشريع.

والآن أقول أني أتأسف من آراء سمعتها من بعض المتدخلين ( في الفيسيبوك ) يضعون رأيا يشيب الرضع من معناه لصدروه من المسلم لاستحالته في الإسلام وهو الجمع بين مراعاة أحكام الدين الإسلامي مع مراعاة تحكيم آراء غير المسلمين في المسلمين .

فغير المسلمين إما أهل كتاب فالله يقول فيهم : (( ألم تر إلي الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يشترون الضلالة ويريدون أن تضلوا السبيل والله أعلم بأعدائكم وكفي بالله وليا وكفي بالله نصيرا )) وأما غير الكتابي فإما مشرك أو ملحد فإن كان مشركا فهو نجس بنص القرآن وإذا كان ملحدا فأولئك تحت رقابة الله بالوعيد : (( إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا أفمن يلقي في النار خير أمن يأتي ءامنا يوم القيامة )) ، والمتدخلون الفيسبوكيين وبعض المفتين للمواقع كل واحد منهم يضع النصوص القرآنية والأحاديث واجتهاد علماء الإسلام وراء ظهره ويقول : "قرأت هذا القانون فلم أجد فيه ما يخالف الشريعة " وأحكام الشريعة وضعها وراء ظهره طبعا لا يستطيع قراءتها فلو التفت إليها لوجدها هي والآمر بها أقرب إليه من حبل الوريد .

 فالشعوب الإسلامية أصبحت الآن بين سندان سلطات مسلمة حملها الله تنفيذ أحكامه ثم لم يحملوها وبين مطرقة متطرفين قابلوا ذلك بقتل الشعب المسلم البريء تحت راية الجهاد بقتل الأبرياء المسلمين وانتهاك أعراضهم بدل التوجيه بالحكمة والموعظة الحسنة وأصبح الفريقان ينتظران قوله تعالي : (( ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية يومئذ تعرضون لا تخفي منكم خافية )) ، فالحكام قرؤوا آية الطاعة ابتداءا من قوله تعالي : (( وأولي الأمر منكم )) والمتطرفون وقفوا عند قوله تعالي : (( يا أيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول )) وتركوا التفصيل لأهوائهم .

وملخص المقال أن كل مواد هذا القانون النوعي هي ضد الدستور القرآني الأخروي وضد الدستور الموريتاني الدنيوي وأقل ما يقال فيها أنها محاولة للصد عن جوهر الدين والله يقول : (( ودوا لو تدهن فيدهنون )) ، فهذا القانون أولي أن يكون معدا لعقوبة السلطة التنفيذية والتشريعية إن أجازته من عقوبته للإنسان المجرم لأن عقوبة السلطات بمناقشة إجازته أمام الله ، ومن نوقش الحساب عذب كما قال صلي الله عليه وسلم ، أما الإنسان المجرم فيحتال علي العقوبة مع إنسان مجرم آخر مسؤول ويفلت من العقاب البسيط أصلا والله يقول : (( يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ويحذركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد )) .

 

 

 

13. مايو 2020 - 1:55

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا