لعبة القتل الرحيم...! / سيدي محمد ولد ابه

من الأمور الشائعة في الأوساط الغربية، مصطلح "القتل الرحيم" ويهدف حسب دعاته إلى إراحة المريض -الميؤوس من حالته- بالتعجيل بموته، إما حقنا بمادة قاتلة أو نزعا لأجهزة الإسعاف المرتبطة بجسمه، وإذا حدث أن تم هذا "القتل" بواسطة المريض نفسه فإن الأمر ينقلب إلى انتحار..!

الزائر مساء الـ5 من ديسمبر 2012 لساحة مسجد ابن عباس سيكون له أجر السير في نعش منسقية المعارضة الموريتانية، التي قرر الشعب الموريتاني –على ما يبدو – أن يريحها من عذابات الألم، ويضع حدا لحالتها الميؤوس من علاجها، على طريقة "القتل الرحيم"..

هذه المرة وبعد أن سمعنا جعجعة مزعجة خلال الأسبوع الماضي عن رفض الترخيص لمخيم المنسقية، وكيف أنها ستنظمه رغما عن كذا وكذا، تفاجأنا- ومعنا قادة المعارضة- بخلو الساحة إلا من عابري السبيل وعدد قليل من الفضوليين، وسائقي سيارات مجلس الرؤساء الموقر.. لا شيئ يوحي أننا أمام مهرجان للمعارضة التي تنادي بالرحيل، والتي تهدد وتتوعد وترعد وتزبد.. شيئ ما حدث فجأة، قلب الموازين، وغير مسار الحراك الظاعن أبدا إلى غياهب المجهول..

بعضهم غالب الدموع في مآقيه، وبعضهم طفق يلعن البعض الآخر، أما البقية التي حاولت أن تتماسك أمام هذا النفر القليل، فلم تزد على مراقبتها الساحة الخالية بأعين زائغة ووجوه مغبرة، بعد يوم شتوي قارص البرد..

إنها نهاية مرحلة، وبداية أخرى، فقد ترجل الفرسان، وماتت الخيول، وأغمدت السيوف التي لم تقارع عدوا منذ أن غادرت أنامل الحداد..

ما الذي حدث؟ يقول أحد الحاضرين وهو يرى ركائب الظاعنين تلتهم الطريق المعبد، وتتوارى في زحمة المدينة مع حلول الليل.. أتراهم تركونا نلعق جرحنا الغائر، ونجتر لوحدنا طعم الهزيمة، بعد أن جعلونا نعتاش على أمل ما إن يدنو حتى يزداد ابتعادا؟

ثمة شيئ حدث فعلا.. يجيبه الشيخ الواقف عن يساره، لقد فعلت الصراعات فعلتها في صف المنسقية، يوم انتفض ولد عبد العزيز -الميت سريريا- كطائر العنقاء من تحت الرماد..

علينا إذن أن نعود، فقد بدأ الليل يرخي سدوله، وما زال أمامنا وقت طويل في انتظار سيارة تقلنا إلى حيث نريد.. وقال بنبرة الواثق- وهو الشيخ الطاعن في السن- "لقد أفلت شمس المنسقية، وربما لن ترى لها بعد اليوم من أثر.."

6. ديسمبر 2012 - 0:22

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا