المثقف، من الحبر إلى الحجر / المصطف ولد علي 

حسب ما يدور في مخيلتي عن شخص وماهية المثقف :هو ذلك الكائن البشري الذي يتابع مجتمعه عن كثب - من بين أمور أخرى- من خلال زاوية مكتملة الرؤية والابعاد... ، بعيدا عن تأثير، وتشويش ضباب الحياة، والحواجز التضاريسية الوعرة، والمتغيرة، والملازمة للسيكولوحيا الخاصة بكل مجتمع على حدة، بل لكل مكونات المجتمع الواحد داخل إطار القبيلة أو الوطن على حد السواء... 

... هو ذلك الشخص المارق على الاعتبارات الضيقة، و الرجعية الوضعية التي تسطرها عقليات الشعوب، والمجتمعات تبعا لمستوياتها  الإيمانية، والعلمية،والسيكولوجية، ومستوى التأثير، والتأثر داخل المجتمع، وخارجه... 

... هو ذلك الشخص الذي يسعى إلى تقييم سلوك المجتمعات من خلال التشخيص الموضوعي، والغربلة على أساس متين من المصداقية، والواقعية... 

... هو ذلك الشخص الذي يتعالى على المسطرة المجتمعية الضيقة، خاصة إذا كانت منطلقاتها شعبوية، وهي السواد الأعظم..، بالتحديد إذا تعلق الأمر بواقع مجتمعنا الذي ما زال يئن تحت وطأة المعايير العرفية،إلى حد بعيد، وتسيطر عليه العقلية القروسطية، ولا يزال يعيش على روافد عروق، وجذور زمن العصور السائبة، أو بالأحرى المعابر المستوحاة، وذات الالهام المباشر من لدن القوانين الغابوية..، حيث مصدر الأحكام الوحيد للقوة ولا شيء غيرها.. 

... هو الذي يسمو عن تفاهات المجتمع، عن تأثير المحيط، عن الانقياد الأعمى للغرائز النفسية، وللفطرة السيئة لبعض عادات المجتمع... 

... هو هو الذي ينظر بعين العقل، لا القلب، يحتحكم إلى المنطق، لا العواطف، يؤثر، ولا يتأثر... 

... هو الذي يعرف كل شيء عن شيء  واحد، و يعرف من كل شيء شيئا... 

لكن للأسف المثقف في مجتمعي يصير شخص آخر، الواقع في مجتمعي شيء آخر، المثقف غير المثقف، المعايير غير المعايير، البشر غير البشر، حتى الحجر يخيل إليك أحيانا انقياده جراء مخلفات البشر .... 

في مجتمعي يتم التعاطى مع القضايا في الواقع من خلال ثلاث مسلمات، أو الكيل بعدة موازين...، تتغير حسب الظرف، والموقف، والظاهرة...

سنتطرق إليها انطلاقا من نماذج واقعية( بكل تجرد، وبعيدا عن الانتماءات لأي كان، مع العلم أن ذلك لن يمنع البعض من حشري تكلفا حسب هواه، حسنا فل يكن..)، من خلال إسقاط المناظرة بين المثقف بالحبر، والمتثيقف على الحجر طبعا هذا في مجتمعي الضيق... وهي كالتالي :

- موقف مستساق،و مشترك، ومشروع محل إجماع، وغير مرغوب... ،وإذا حاولنا الاسقاط واقعيا سنتستأنس بالامثلة التالية : القضايا الحقوقية، الفوارق الاجتماعية، بعض الشخصيات المناهضة...، أكل لحومهم مباح، والجميع.. اقول الجميع يستحسن الصول والجول مع احتساء مناخ الاريحية، والنشوة الأخذ والعطاء في هذا المجال ... هذا يحدث في مجتمعي. 

- موقف بمثابة مفترق طرق بين النخبة طبعا من مجتمعي المنقسم ههنا على أساس المصالح ، حلال على بعضهم حرام على الآخرين ، لنهم ما لهم و للآخرين ما لهم،لهم مجدهم و للآخرين فضلهم، وكرامتهم ..،  كل هذا في مجتمعي المنقسم على أساس المصالح، كان نتناول تنظيمات، أحزاب، شخصيات وطنية من من لا ينتمي للشجرة الاجتماعية الضيقة.. دمه حلال عند بعضهم، عرضه مباح عند بعضهم....، في مجتمعي هذا شيء يحدث.. 

- موقف محظور، خط أحمر، بل في مقام الكبائر حسب أعراف وقواميس مجتمعي المتناقض ..، كالتعرض لإحدى المرجعيات القبلية الضيقة، أو الشخصيات الاعتبارية المطابقة لها من حيث الجينات...

المثقف في مجتمعي، شخص آخر، ينظر بمنظار آخر، بل يعيش في كوكب آخر...

 

9. يوليو 2020 - 0:11

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا