المياه القذره ترسم مستقبلنا / د.محمدعالي الهاشمي

في الوقت الذي تغرق مدننا الداخليه والعاصمه بالمياه الآسنه،و الروائح المنبعثة من مخارج المياه الراكده والبرك، تدور عجلات 13% من باصات النقل الداخلي في بعض مدن  العالم بوقود منتج من مياه الصرف الصحي. هذه المياه تخمّر في أحواض ، ويصنع منها الغاز الحيوي أو العضوي.  يتم تكرير  المياه المستخدمة والمخلفات البشرية ودهون المطاعم سنوياً، وينتج منها الوقود بعد عملية التخمير لغرض التدفئة، و تحول الاهتمام بها منذ نهاية القرن العشرين إلى وسائل النقل الداخلي، وذلك من أجل التخلص من غاز ثاني أوكسيد الكاربون المنبعث من حرق الوقود الأحفوري.

اذا لا مكان للسرديات والعنتريات والنظريات  على خارطة المدن المستقبلية ، من دون إدارة رشيدة للمياه التي تعد العامل الأهم في نشوء الأمم والحضارات وسقوطها، ذلك أن 70٪ من سكان العالم سيعيشون في المدن بحلول عام 2050 ويتضاعف الطلب على المياه قبل أي شيء آخر وبسبب ندرة المياه، ستواجه مدن عالمية كثيرة الواقع ذاته الذي واجهته عاصمة جنوب أفريقيا، كيب-تاون حين أعلنت ساعة الصفر مائياً، وتم تحديد 25 ليتراً للفرد يومياً.

إنه المستقبل الذي تشارك في رسمه المياه، حتى القذرة منها.

وهذا مانلمسه في السياسات الدوليه وإعطاء اهميه كبري لدور السياسة المائية، والبيئية- الحضرية القائمة على الطبيعة في مقاومة التحديات، الاستمرار والمشاركة في رسم المستقبل.

 يمكن القول إن أحوال مُدننا تزداد تفاقماً بسبب انعدام سياسات مائية- أيكولوجية قادرة على معالجة مياه صرفها الصحي وتكريرها، ناهيك بانعدام استراتيجيات حماية مصادر المياه النظيفة. في العاصمة الموريتانيه انواكشوط وغيرها من المدن الداخليه.

مع بداية كل خريف تتجدد معاناة سكان العاصمة الموريتانية  مع الأمطار، لغياب شبكة الصرف الصحي 

وخلال الأيام القليلة الماضية سقطت أمطار بغزارة على المدن الداخليه ، مما اسفر عن اغلاق  الكثير منها.واليوم بعد تساقط الأمطار علي العاصمه انتشرت برك المياه أمام منازل ومحال تجارية ومبان حكومية وتم إغلاق طرق رسميه وأحياء شعبيه ، كما حاصرت المياه الاسواق والادارات وأحياء أخرى وسط العاصمه

وأصبحت العاصمه بؤرة للتلوث بسبب التحديات المتمثلة في وضع مكبات النفايات على الشوارع ، ناهيك عن تحديات أخرى أدت إلى حالة اختناق غير مسبوقة تواجه أهم  أسواق العاصمه واكبرها.

هذه هي أحوال مُدننا حيث تنتشر في بعض منها أمراض الكوليرا والملاريا وغيرها من الامراض بسبب المياه الملوثه، كما هي الحال في الجنوب والجنوب الشرقي وحتي العاصمه.

 ترسم مياه القذره مستقبلاً آخر لمُدننا، وهو مستقبل، إن بقيت الأحوال كما هي، سيكون مثقلاً بالتلوث، الأمراض، والبطالة، والعنف واللا استقرار.تزايد الوفيات  انتشار الأمراض في المواشي توقف الاستثمارات تراجع مسيرة النمو الاقتصادي انتشار الباعوض والذباب والحشرات والميكروبات والفيروسات

العاصمه انواكشوط، ومنذ تأسيسها في خمسينيات القرن الماضي، تعاني من غياب شبكات الصرف الصحي وتصريف مياه الأمطار والمستنقعات والبرك الناجمة في معظمها عن أمطار موسم الخريف ورغم كل صفقات لتي أبرمت في هذا الإطار كانت في مهب الريح او سالت  الي جيوب الفاسدين  واقربها المشروع اللذي تم بتمويل مشترك بين موريتانيا والصين، بمبلغ 45 مليون دولار أميركي، 

وفي الاخير لاتنميه ولا حياة مستقره ولا مستقبل  بدون بنيه تحتيه قويه يستطيع المواطن من خلالها أن ينعم بعيش كريم كما علي الدوله اتخاذ سياسه عاجله اللاستفاده من هذه المياه وان يكون موسم الخريف نعمة لا نقمة .

 

 

5. سبتمبر 2020 - 15:17

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا