دعم المنتج الوطني للتخفيف من التداعيات الاقتصادية لجائحة كورونا / محمد طالب بوبكر

التجارية اليوم في العالم أصبحت أكثر انفتاحا بعد انضمام أغلب دول العالم إلى منظمة التجارة العالمية بما يعزز حرية انتقال السلع والمنتجات، ولا شك أن لذلك أثرا كبيرا أسهم في نمو حجم التجارة، وأن يكون هناك نوع من توزيع الفرص في العالم باعتبار الميزة النسبية لكل دولة بما يخفض تكلفة الإنتاج ويزيد تنافسية السلع في الأسواق قد يخدم المستهلك في نهاية الأمر في ظل تعدد الخيارات ووجود أسعار مناسبة في السوق، لكن في ظل الجائحة، التي ما زالت آثارها قائمة رغم التحسن النسبي للأسواق والأمل في العالم للوصول إلى لقاح يمكن أن يحد انتشار هذا المرض وأثره في حياة الإنسان.

و لعلّ الآثار التي ستنتج عن جائحة فيروس كورونا (كوفيد - 19)، سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، تثير قلقًا يوازي الجانب الصحي في الأزمة، صنعت تأثيرات كورونا وسرعة انتشاره إلى التقليل المتناهي لمبيعات الشركات بكافة أحجامها، وجعل السفر في حالة فوضى وإلغاءات متتالية، وضرب قطاع السياحة وسوق الأسهم بدول العالم، وصولًا إلى انخفاض أسعار النفط. وهو ما يثير تساؤل مهم حول أثر تداعيات الجائحة في تراجع الاقتصاد العالمي.

بالرغم من ردود فعل حكومات الدول والأجسام الدولية للتصدي لهذه الجائحة، والتباعد الاجتماعي بين سكان العالم، إلّا أنها شكّلت زعزعة بالأسواق يمكن أن تمتد لفترة طويلة، مما يجعل العالم غير مستعد لمواجهة الركود الاقتصادي العالمي، الذي قد يكون أسوء من ركود العام 2009.

يتأثر اقتصاد الدول من انتشار الأوبئة والأمراض، وبالتالي يتأثر الاقتصاد العالمي، خاصة التبادل التجاري ما بين الدول الموبوءة وبقية الدول، إذ تتناقص نسبة الاستيراد من تلك الدول.

في موريتانيا ، كان لهذا الوباء أثر في الاقتصاد  كما أن حكومة  موريتانية قدمت كثيرا من الدعم للقوى العاملة الوطنية والسوق بما يحد أثر هذه الجائحة في الأفراد، خصوصا القطاع المالي، ما عزز قوة ومركز العملة ووفرة السيولة التي تحتاج إليها السوق، ما انعكس بصورة إيجابية على السوق، حتى بدا أثر الجائحة أخف ما يكون على الأفراد مقارنة بدول حول العالم كان لهذه الجائحة أثر في زيادة حجم البطالة والفقر والحاجة في المجتمعات، وانهيار النظام الصحي في بعضها، ما أدى إلى عدد كبير من الوفيات، وكان أثر الجائحة في تلك المجتمعات كبيرا.

رغم ما يمكن أن يظهر أنه انحسار نسبي للوباء في بعض دول العالم، ومنها موريتانيا ، وتفاؤل في العالم بالوصول إلى لقاح له، إلا أن الأثر الاقتصادي قد يمتد إلى أعوام مقبلة، يضعف معها تعافي الاقتصادات في العالم قبل عام ونصف أو عامين لأكثر الخبراء تفاؤلا، ولن يكون ذلك في جميع القطاعات، بل هناك قطاعات، مثل السياحة والنقل الجوي، قد يستمر الأثر الاقتصادي فيهما أعواما أطول في حال تمكن بعضها من البقاء دون إفلاس. ومن هنا، يبقى إسهام الفرد والمجتمع عموما في تعزيز فرص تعافي الاقتصاد بصورة أكبر. ومن الملاحظ خلال الفترة الماضية، وبسبب توقف الرحلات الدولية وصعوبة التنقل والسفر دوليا بسبب الجائحة، أنه الإقبال على السياحة الداخلية أصبح كبيرا وخفف كثيرا على كثير من دور الإيواء السياحي، ووفر بالتأكيد فرصا كبيرة للكسب للقوى العاملة الوطنية والمستثمرين في المناطق السياحية، وكان نوعا من التعافي النسبي بعد تأثير الإغلاق في أعمالهم وأنشطتهم التجارية.

هذا التحسن النسبي يشجع المجتمع على تبني مسألة دعم المنتج الوطني قدر الإمكان، لما لذلك من أثر كبير في الاقتصاد من جوانب متعددة، منها دعم المستثمرين الذين قد يكونون تضرروا بسبب الجائحة، كما أن في ذلك دعم توفير مزيد من الفرص للقوى العاملة الوطنية التي اضطر بعضها إلى التوقف مؤقتا عن العمل بسبب الضعف الذي أصاب السوق عموما، كما أن دعم المنتج الوطني يحد من تسرب العملة الأجنبية إلى الخارج، ويدعم الاحتياطيات من العملة الأجنبية في المصارف، خصوصا أن كثيرا من القوى العاملة الأجنبية تميل حاليا إلى تحويل ما يمكن من مدخراتها لدعم أسرهم وأقاربهم بسبب التأثير الكبير للجائحة في الدول الأكثر فقرا في العالم. دعم المنتج الوطني له أثر كبير في الاقتصاد والتعافي من الجائحة، كما أن بقاء السيولة في البلاد يعود بشكل مباشر أو غير مباشر على المواطن. وبطبيعة الحال، لا يمكن أن ننسى مسألة دعم توظيف القوى العاملة الوطنية، إذ إن ذلك جزء من دعم الاقتصاد الوطني، خصوصا أنها أثبتت كفاءتها في الفرص التي أتيحت لها، والدعم الحكومي الذي تحظى به، والمرونة في التوظيف والسرعة في ذلك.

الخلاصة: إن جائحة كوفيد - 19 كان لها - بلا شك - تأثير في الاقتصادات في العالم، وفي موريتانيا كان لها تأثير  بصورة واضحة، إضافة إلى الإنفاق الحكومي الكبير على القطاع الصحي، ودعم الاقتصاد عموما، وهنا تأتي أهمية إسهام المجتمع في دعم الاقتصاد من خلال دعم المنتج الوطني من السلع والخدمات لتعزيز فرص تعافي الشركات والأنشطة والأعمال التجارية المحلية وزيادة فرص التوظيف وتخفيض حجم تسرب الاحتياطيات الأجنبية.

 

 

28. نوفمبر 2020 - 19:29

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا