أين الأخلاق فى حربهم ؟ / السالك ولد الشيخ

altإن اللصوص إذا أرادوا سرقة مكان ما، قاموا بالإجهاز على مصابيحه حتى يسود الظلام ، وتعم الفوضى ، ومن ثم تبدأ يدهم العابثة تخرب وتنهب ...

ذالك ما فعلته فرنسا وأذيالها حين قاموا بضرب تعتيم إعلامى قاتم على ما يجرى فى الشمال المالى ، لِيخلوَ لهم الجو فيعيثوا فى الأرض فسادا فى ظل غياب أى مراقبة من قبل الرأى العام ، والعالم بهيئاته ومنظماته الحقوقية ، " المصطنعة"

لكن تقدم العالم وتطوره التكنولوجى جعل من الصعب أن لا يتسرب شىء مما يجرى هناك، ومع بدايات وصول الصور الأولى من ميدان المعارك بدت الحرب فرنسية صليبية بكل ما تحمله هــذه النعوت من معان ودلالات :ذلك أن القوم لا يعرفون ما يسمى بالأخلاق فى الحرب ، ولا فى السياسة ، ولا فى الإقتصاد ...

 

هذه الصورة  مجرد جزء من الحقيقة رمتنا بها وسائل التواصل الإجتماعى والقارئ لها يجد نفسه فى إحراج وقلق كبيرين ، لأنها تحكى وبكل وضوح قيمة المسلمين عند هاؤلاء القوم ، وتحكى كذلك صورة المسلم المغلوب على أمره ، المعذب من قبل بنى جلدته ، والمغضوب عليه من أعدائه ...

وتمضى  القراءة هكذا، ثم يعود القارئ إلى المشهد من جديد ، فإذابه أمام شيخ مسن قد نهبت اليالى والأيام جسمه ، يرتدى جبة تدل على تراكمات من الفقر والظلم والتشريد ، عرفتها منطقته ، يرفع يده إلى السماء بعد أن عقل أن لا حياة لمن ينادى ، وبح  صوته ، وتلاشت صرخاته المدوية ، وأصيبت حنجرته بالتهاب حارق ...

صورة هذا الشيخ تدل على أنه لا يملك سوى عِمامته التى اصطحبها عند الهروب من ويلات جلاديه ... هذا شابٌ مفتولُ العضلات قلبه فى الخشونة ، والسواد ، والقسوة يتماشى إلى حد بعيد مع أحذيته ... وحقا لم يجد البياض طريقه إلّا إلى أنيابه المكشرة، ولا نظن البتة أنه يبتسم ، بل  الحنق والشراهة ، والتعطش إلى الدماء الباردة ، والانتقام من البرآء ،  ذلك ما جعل سم أنيابه يلتمع .

صحيح أن هذا العسكرى المتعجرف تدل بشرته على أنه ليس فرنسيا فى الشكل على الاقل ، لكنه فرنسى فى المضمون .

وحذارى أن تستغرب مادام أن الضحية هو المسلمون والجلاد هو فرنسا ، ولا تأسى على حال المسلمين هنا ك لأن فرنسا دولة تراعى حقوق الإنسان ، وتحترم المواثيق والقوانين الدولية ، بل جا ءت لحماية المجتمع المالى من تهديد الإرهاب ...

هكذا يقول المناصرون للحرب الفرنسية ، وليتهم دروا أن إرهاب فرنسا لا يدانيه إرهاب القاعدة ولا يقاربه ، إرهاب فرنسا صراع على الحضارة والوجود ، صراع على الدين والعقيدة ، صراع على الحياة والعيش ( اليورانيوم)

إن دروس التاريخ وعبره علمتنا أن الفرنسيين وحلفاءهم من بنى جلدتنا أصحاب مصالح   شخصية ، ومآرب نفعية ضيقة لا غير .

فرنسا لها مع منطقتنا تاريخ مرير، أسود الجلباب ، محلولك ، مكفهر الوجه، ينكره كل من ألقى السمع وهو شهيد ، وأشقى درس يمر عليها القارئ لهذا التاريخ أن الفرنسيين وأمثالهم من المغتصبين ، لايعرفون فى الحرب خلقا ،ولا إنسانية ، واسمع إلى ما يقوله أحد عساكرهم فى حربهم على الجزائر الجارة ، التى بدأت أصابع المحللين تشير إليها بأنها الغرض الوحيد المقصود من وراء الحرب على مالى                                                              

يقول النقيب لافاي: "لقد أحرقنا قرى لقبيلة بني سنوس. لم يتراجع جنودنا أمام قتل العجائز والنساء والأطفال. إن أكثر الأعمال وحشية هو أن النساء يقتلن بعد أن يغتصبن، وكان هؤلاء العرب لا يملكون شيئًا يدافعون به عن أنفسهم"

بعد قراءتك لهذه الفقرة يمكنك القيام بمقارنة بسيطة بينها ، وبين هذه الصورة  لتدرك معنى قول العرب :ما أشبه اليلة بالبارحة ، وقول الغربيين ، التاريخ يعيد نفسه ...               ومع هذا يتبجح المؤيدون لهم بأنهم أصحاب مراعاة لحقوق الإنسان ، وأصحاب سلام ....إلى غير ذلك من الاوصاف التى لا تصدق فى حقهم ، لكن الدافع الوحيد وراء انصياع من يحسبون على الثقافة من بنى جلدتنا ، هى أمعاؤهم التى لا تشبع ...وتقصيرهم اللا محدود فى قراءة تاريخ أسلافهم المجيد .

إن عدم قتال النساء والشيوخ والأطفال والعُبَّاد ، وعدم الغَدْر ، وعدم الإفساد فى الأرض، وعدم التمثيل بالميت ، بل والإنفاقَ على الأسير ، كلها صور مشرقة لا ينعم بها القارئ إلا فى تاريخ المسلمين ، وقد صحت بها الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن صحابته الكرام ؛ وحروب الناس(من غير المسلمين) عبر الزمان مسجلة فى التاريخ ، وبطون الكتب مليئة بها وبصورها الدامية ، لا أظن بعد هذا أن أرى تبجحا    من قبل أولائك المثقفين المزعومين ــ بفرنسا ، وبسلامها ، ولولا ضيق المقام لسردت فى هذا المضمار قصصا مبكية تخدش المشاعر وتدمى القلوب ؛ لكن الصورة التى عرضت فى بداية هذا المقال كفيلة بتفسير ما أجمل ، وبيان ما أبهم ...

أصدِ قونى الجواب ! إذا كانت فرنسا جاءت لحماية المدنيين الماليين من سطوة الجماعات   الإرهابية المسلحة ، فما ذنب هـذا المسن ؟ أنا بكل صراحة لا أعتقد أن هذا المسكين قادر   على حمل قذيفة آربيجى ، ولا أظنه يهدد استقرار العاصمة با مكو التى جا ءت فرنسا لحمايتها حسب قولهم الزور ، وزعمهم الكذوب..!

 

31. يناير 2013 - 21:24

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا