البوابة المعرفية للمكتبات الموريتانية، ضمن مشروع عربي رائد وأصيل /  د.محمد الأمين حمادي

إنه إنجاز حضاري سيحقق التكامل بين المكتبات العربية عبر ربط مكتبات العالم العربي في شبكة واحدة وفقا للمعايير الدولية المتبعة في التوثيق والتصنيف؛ ويتيح للإنسانية جمعاء إمكانية الولوج إلى المعارف العربية الإسلامية عبر وعاء موحد هو الفهرس العربي الموحد التابع لمكتبة الملك عبد العزيز بالرياض-المملكة العربية السعودية.

لقد انطلقت الحضارة العربية الإسلامية في إنجازاتها العلمية العظيمة من ترجمة العلوم القديمة من هندية وفارسية ويونانية إلى العربية وذلك بشكل منظم ومخطط له على مستوى الدولة. كما أن النهضة الأوروبية قامت على أكتاف العلوم العربية واليونانية المنقولة للعربية بترجمتها إلى اللغة اللاتينية في القرن الثاني عشر للميلاد. وتبنى العرب التراث العلمي الإنساني سواء منه الهندي أو الإغريقي أو الفارسي؛ وقد أثبتت المخطوطات العربية اليوم صحة هذا الأمر، حيث أن منهج الترجمة الذي اتبعه العلماء العرب خولهم ترجمة الكثير من الأعمال العلمية للأمم التي سبقتهم. ولولا تلك الترجمة لضاع الكثير من المكتشفات العلمية المبهرة. من هنا تتجلى القيمة الكبرى للمخطوطات العربية الإسلامية التي تحوي مصادر قيمة لأصناف شتى من العلوم أسهم العرب في تقدهما بشكل كبير. ونخص منها الرياضيات والهندسة والطب والفلك..

ولقد اضطلعت موريتانيا بنصيب مفروض من تحمل المسؤولية التاريخية تجاه العلم والمعرفة حيث حمل الشناقطة مشعل الثقافة العربية الإسلامية حتى أوصلوه أقصى مناطق الغرب الإفريقي جنوب الصحراء.  أما في العصر الحاضر فقد تناولت المملكة العربية السعودية المشعل بتكريس الجهود عن طريق استغلال الوسائط التكنولوجية الحديثة في حفظ ونشر التراث العلمي والثقافي والحضاري العربي الإسلامي. تم ذلك بالفعل عن طريق مشروع مركز الفهرس العربي الموحد " الذي يعتبر مشروعًا ثقافيًا عربيًا تعاونيًا أتاح إمكانية تطوير الأداء المهني في المكتبات العربية، وأوجد الأدوات اللازمة للتنظيم وتقديم خدمات معلومات متطورة. كما أرسى البُنى التحتية لتأسيس المكتبات العربية الرقمية وفق أحدث المعايير والتقنينات الدولية.

لقد كانت قصة بناء البوابة قصة جميلة وعجيبة ودرسا كبيرا في أهمية الإيمان بالأهداف والقدرة على مواصلة الجهد من أجل تحقيقها. ذلك ما أثبتته تجربتي مع إخوتي في الفهرس العربي الموحد. فلقد تكنا بعد جهود معتبرة من إطلاق مشروع بوابة المكتبات الموريتانية وجعلها في متناول الباحثين والمهتمين والقراء. تضم البوابة حتى الآن فهارس المكتبات التالية: المكتبة الوطنية، المكتبة الجامعية، مكتبة المدرسة العليا للتعليم، مكتبة المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية؛ وتتيح إمكانية قراءة بعض الكتب المرقمنة.

  فشكرا لكل من ساهم من قريب أو بعيد في هذا العمل وليجدوا هنا معاني العرفان بالجميل على ما قدموه خدمة للعلم والمعرفة في موريتانيا. لقد تمكنا من إعداد محتوى البوابة المعرفية للمكتبات الموريتانية ومن ثم إطلاقها في وقت قياسي بعون من الله وحسن تدبيره. ونتوقع بحول الله أن يكون لهذه البوابة شأن كبير في التعريف بما تزخر به الجمهورية الإسلامية الموريتانية من كنوز معرفية، خاصة منها المخطوطات العربية الإسلامية التي يبلغ عددها عشرات آلاف المخطوطات موزعة على مئات المكتبات.

كما نأمل أن تعكس بوابة المكتبات الموريتانية حركة التطور العلمي والثقافي والفكري الذي شهدته موريتانيا في ظل العولمة والتحول نحو عصر المعرفة عن طريق قواعد بيانات المكتبات العصرية ومنها على وجه الخصوص المكتبة الوطنية الموريتانية والمكتبة الجامعية المركزية... وأملنا كبير في أن مشاركتنا في الفهرس العربي الموحد عبر هذه البوابة سيسهم في دعم البحث العلمي عن طريق توفير مصادر المعرفة العربية وتيسير وصول الباحثين والدارسين إليها.

وإنني من هذا المنبر أرفع الدعوة إلى وزير الثقافة في الحكومة الموريتانية من أجل تفعيل هذا العمل الذي يعتبر ثمرة للتعاون بين الجمهورية الإسلامية الموريتانية والمملكة العربية السعودية؛ وإعطاءه ما يستحق من عناية ليكون إنجازا ذا نفع على الحركة العلمية والثقافية في بلدنا.

29. يونيو 2021 - 10:34

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا