هل من سبيل لوقف الانهيار؟!! / التراد سيدي

لقد تناول الكثيرون مشكلات البلد التي تراكمت وتعقدت حتى أصبحت تهدد بانهيار كيان المجتمع وتحلله إن ذلك ليس بفعل التشاؤم ولا المبالغة ولكنه واقع ملموس ومتجسد لا غموض فيه ولا خفاء !!!
لقد أوضح الكثيرون وكنت منهم وبأساليب مختلفة إلحاح واستعجال معالجة عدد من المشكلات التي أصبح عدم علاجها بمثابة قنابل موقوتة تهدد بالأنفجار في كل وقت وحين، إن المشكلات الوطنية كثيرة وكثير منها معقد وخطير لكنها كلها لاترقى إلى مستوى خطورة (الثلاثي المهلك) والذي يشكل عدم البدء بعلاجه ومواجهة تأثيره بأعلى درجات القوة والجدية والتصميم بمثابة تعمد تعريض الوطن لمخاطر وجودية لا يمكن تحديد مدى ضررها إن (الثلاثي المهلك) هو:
أولا:ضعف الوحدة الوطنية بين المكون العربي بمكوناته المختلفة بيض وسمر وصناع تقليديين ومغنين" إيغاون" وفئات أخرى!! وبين المكون العربي وأخيه الزنجي وخصوصا الهالبولاري..
إن علاج حالة ضعف التماسك في نسيج المكون العربي يتطلب نظرة جديدة وتدابير تكمل النواقص فيما تم في المجال ويكون واضحا وشاملا يستهدف إنهاء عدم المساواة كلية بإجراءات يتم إشراك الشعب كله فيها بعمل صريح يجعل المساواة واقعا في المدن والقرى وداخل القبائل والتكوينات الاجتماعية وتسوية ملكية الأراضي ..
ومن الضروري إشراك العلماء والخطباء ،والمنتخبون جميع المنتخبين والوجهاء، والإداريون وقادة الجيش والأمن. التعاون بين الجميع وبين السلطة والمعارضة في حملة وطنية تتوفر لها شروط النجاح من تشريع ومسطرة تنفيذ بحيث لايبقى مقبولا التعامل بالتراتبية التقليدية المسيطرة ولايبقى يجوز أي شكل من الترفع من طرف جهات وتهميش لجهات ويتم تجنيد الإعلام لدور فعال في هذا المجال !!
إن عدم القيام بما اقترحنا وأمور أخرى لم يتسع المجال لذكرها، وإن ترك الأمور تجري على الذي عليه الحال الآن سيؤدي - لاشك- إلى نمو مضطرد للتطرف الذي يقصد أصحابه في المرحلة الأولى مقاومة عدم المساواة ثم في مراحل لاحقة يتطور إلى كراهية وعداء لايبقي ولايذر ..
وإن نقص الانسجام بين المكون العربي والزنجي وخصوصا مكون الهالبولار يشكل خطورة على مستقبل الوحدة يحتم معالجته وإيجاد الصيغ المناسبة لجعل الإخوة يشعرون بالأطمئنان إلى حاضرهم ومستقبلهم في وطن يزيده قوة ومتانة تشكيله من فئات يجمعها الدين وتاريخ طويل من التداخل والتفاعل والتمازج ويخدمها جميعا حماية وبناء هذا الوطن ليضمن لها جميعا الأمن والأمان ، إن شعور الإخوة بعدم تسوية ماضي القمع الذي جرى في أواخر الثمانينات يفرض معالجة كل الملفات وتحقيق العدالة وراحة البال للإخوة!!!
ثانيا: إن حالة التدمير المتواصل منذ مئات السنين للبيئة التي بعد أن كانت جنة الدنيا في الأرض تزخر بملايين الحيوانات البرية الجميلة شديدة التنوع والطيور من كل الأصناف تعيش وسط مروج خضراء فيها من أنواع الأشجار والأعشاب والسواقي والوديان ذات التنوع المبهر من منخفضات وسواقي ومستنقعات إلى مرتفعات رملية وجبال سامقة و وديان عميقة هذه الأراضي المتنوعة وبالغة الجمال والغنى والتي كانت من أقصى تيرس في الشمال إلى سيلبابي وقابو في الجنوب ومن كرماسين في أقصى الغرب إلى حدود ازواد في أقصى الشرق هذه الأراضي التي كانت عديمة المثال استمرينا في تحطيمها وإبادة الحيوانات التي كانت تملؤها حتى بلغ حالها الآن حدا لا يمكن استمراره أو تجاوزه..
إن عدم وقف مايجري من تدمير لبيئتنا يعني أننا لا نهتم بشيء ولايعنينا شيء مهما كانت المخاطر والآثار!!!
ثالثا: إن نظام الحكامة الفاسد تسبب لنا حتى الآن بما لايمكن تقديره من خسائر فبدد وضيع مقدرات البلد سنوات طويلة وفوت علينا فرصا ثمينة كان يمكننا فيها النمو والنهوض في مختلف المجالات وبقينا في المكان الذي بدأنا منه لاطرق لابنى تحتية لاماء شروب في أكثر أراضي الوطن وليتنا لم نبني فقط !! لقد أفسدنا وحطمنا بيئتنا وتركنا الثروة السمكية تنهب من الجميع ولوثنا البحر وعرضنا الحياة البحرية لكل المخاطر وتم التلاعب بتلك الثروة التي لا تقدر بثمن وضاعت ملايير أطنان الحديد والنحاس والذهب نهبت وضاعت دون أن تترك أثرا يدل على أن هذا البلد هو الذي كانت فيه ومع ماتعرضت له الثروات البرية من وحوش وطيور لاقت الثروة الحيوانية من الإهمال وضعف الرعاية و سوء التدبير ما أثر عليها تأثيرا سلبيا على حجمها ودورها في الاقتصاد الوطني ..
إن سوء الحكامة استمر منذ الاستقلال وعاق كل تقدم أو تطور نحو الأفضل وقد أصبح استمراره غير ممكن إن عدم علاج سوء التسيير لم يعد مسألة يتحدث بها في الصالونات ويتمثقف المتمثقفون ويستملح المستملحون بتناولها إنها بمثابة قنبلة أصبح يسمع طقطقتها التي تسبق الأنفجار وإذا انفجرت فلن تبقي ولن تذر!!!
إن الأولوية في ( الثلاثي المهلك) لمشكلة الخلل فى انسجام النسيج الاجتماعي نتيجة أكثر من عامل على رأسها تأثيرات ماضي الرق والترسبات المتخلفة عنه من تهميش وفقر وعدم مساواة اجتماعية وفي كل المجالات كما أن مخلفات العقلية البدائية التي تضع تراتبية لامعنا لها تجعل بعض الفئات أكبر أو أقل قيمة حسب سخافة العقلية البدائية..إن ذلك كله أثر ويؤثر على الوحدة والانسجام الوطنين!!
خلاصة:
إن عدم علاج ماسميناه( الثلاثي المهلك) يعني أننا غير قادرين على حفظ بلدنا آمنا مستقرا يتمتع بالأمل في تجاوز كل الصعوبات والعقبات واستاناف مسيرة الصعود والرقي والسلام والوئام والتآخي!!!

16. سبتمبر 2021 - 15:35

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا