لثورات العربية ،،، سيرة غير ذاتية (2) /  إشيب ولد أباتي

إن هذا العنوان لكتاب الدكتورة "أم الزين"، وهي استاذة تونسية تدرس الفلسفة،، وأرخت فيه  للأنتفاضات العربية (2011م) التي أطلق البعض عليها مفهوم "الثورات العربية "، لأنها اتسمت بشعبية الثورات، لكنها افتقدت كثيرا من عناصرها، كالقيادة الثورية، والتخطيط الاستيراتيجي، وتحديد الاهداف، وتجنيبها اعداء الثورة في الداخل والخارج معا، ولم يكن اسقاط النظامين في تونس ومصر إلا مدخلا لتغيير غير موجه، كان مصيره الارتداد على قوة الثورة، وهو ما حصل في حدود استبدال القيادة، كغاية في حد ذاتها بدليل أنه، لم يحصل بعد ذلك إلا  الانتظارات الأقل من المطلوب من الانتفاضات، أخرى الثورات ، كما كان الاحساس بالتقصير في الفعل الثوري الذي أدى الى توجيه الانظار، حتى خطط أعداء الثورة لردات فعل ضد التحديث، والتقدم المنشهودين في كل من ليبيا وسورية، وتم الاجهاز عليهما ب"ثورات" مضادة قادها حلف " الناتو" الامبريالي، وحلفاؤه الذين استقدمهم من الخارج على دباباته، كما حصل في العراق في العام 2003م.

 ومن هنا كان الفشل الذريع المتمثل في سرقة مفعول تلك الانتفاضات الرائعة التي علقت عليها جماهير الأمة العربية الكثير من الآمال التي احبطت جراء الانتهازيين السياسيين الذين استقدمهم الغرب من (المنافي ) في فنادق لندن، وباريس، وبرلين، واستكهولم منذ ثلاثين سنة الى غاية 2011م.

والكتاب في تقديمه  إشارات توجيهية، وتعريفات إيحائية تنبه القارئ على المستجدات المصاحبة للظواهر، موضوع الكتاب، كجمهور الثورة الذي اختزل كثافة جموع المجتمع العام في التعريف التالي، لأن الثورة فرضت تفكيرا موجها يتماشى مع قوة الثورة التي كانت من مختلف فئات المجتمع، وأطيافه السياسية، ف((الوطن مخصوص، كجمع غفير من الوجوه الحرة، والمتنوعة بشكل لا يصدق.. لا فرق بين من أتى من المسجد، ومن أتى من الحانة.. ولا فرق بين من يحمل شهادة  جامعية، ومن تمدرس في قلبه.. الجميع  لايتردد في تقاسم الوطن ومساحة الأمل الحر، والعفوي في وطن أكثر من كل ما عرفناه من الوطن الى حد الآن.. ولكن لنحترس ممن يقامر، أو يراهن بضغينة مهينة على تصدع هذا الجدار العفوي الذي يربط  بين جموع متواضعة تطلب المستحيل.. أو يريد أن يستخدمه لغرض سياسي، أو سياسوي)).

والمشترك الذي اخترق بناء المجتمع، عموديا وأفقيا، هو ذلك الوعي بضرورة التغيير، والمأساة المبرحة، أنه لم يصل مستوى التغيير الموجه، وبالتالي لا أمل في انتظار انتاجه للتطور السياسي والاجتماعي المنشودين،،

وكما اختزلت الوحدة الاجتماعية بجمهور الثورة، كذلك اختزل الوطن في القرى والمدن العربية التي افتقد اهلها لعقد اجتماعي، واخلاقي ناظم للسلوك العام بين المواطن، والدولة الغائبة حتى في العواصم الموصوفة ب" المدن المنافقة"، و" المدن الحاكمة" الباعثة على (( الضجر الفظيع من أن كل شوارع العاصمة في كل بلد عربي، قد تحولت الى " نزل" تتسلح بالنقاش.. حتى  تحتمي في كل مرة من كل اشكال الحرج الأخلاقي  من انتظارات الجياع، واصواتهم المزعجة، والتي تتعالى دوما في وقت غير مناسب.. لكن نقاش النزل لا يصل الى الجياع)).

ومادة هذا الكتاب الأول عن التجربة في تونس، كانت موزعة على:

ـ توطئة تم التساؤل فيها عن الدولة، ومكانتها، ووظيفتها.

 ـ الباب الأول، وعنوانه "في هوية الثورة".

 ـ الباب الثاني، وعنوانه " تنوير الثورة".

وفي هذه القراءة نتساءل عن تعريف الكاتبة للدولة، ووظيفتها، واسباب سقوطها  بهذه الانتفاضات غير الموجهة بثوار لهم مشروع تغييري، بغضب عارم انتج انتفاضات، وتظاهرات في الشوارع، والميادين العامة، الأمر الذي اظهر الى أي حد كانت تلك الانظمة العربية مشاريع متهالكة، اكثر منها مؤسسات حاملة لمشروع الدولة، كما تتراءى لعامة الشعب؟

وفي الحلقة التالية، سيكون السؤال عن ما هوية الثورة في مظاهرها، وابعادها، وآثارها العملية؟

وفي الحلقة الأخيرة سنتطرق للأبعاد التنويرية للثورات التي تحدث تغييرات اجتماعية، ومجالات لتحديث الفكر السياسي، وهل الثورات العربية، كانت من تلك الثورات، وما هي أسباب عجزها عن تأسيس فكر تنويري؟ ( يتبع) 

18. مارس 2022 - 15:46

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا