عزها في كنف عزيزها / عثمان بن جدو

المرأة نصف المجتمع وفي حضنها يتربى النصف الآخر,فصلاح كل جيل مرتبط بصلاح من تربَى في كنفهم وأحتضنوه في مرحلة الإحتضان, تلك المرحلة التي تكون فيها الأم المدرسة الأولى والأهم لكل من كتب له ولوج هذه الحياة إن هي صلحت وتعلمت وقامت بدورها على الوجه المطلوب .وصدق الشاعر إذيقول: الأم مدرسة إذا أعددتها. أعددت شعبا طيب الأعراق.

ولقد أخذ التعامل مع المرأة منحا مختلفاعبر العصور والأزمنة,أختلف ذلك بإختلاف الأعراف والأديان وأتحد على أطهاد المرأة وأحتقارها إلى أن طلع فجر الإسلام فكان المخلص من تلك المعانات .

وفي هذا المقام نذكر على سبيل المثال ماعانته المرأة في الحضارات القديمة والحديثة أيضا بإيجازشديد,حيث عانت المرأة على يد الإغريق إذ أعتبروها كسقط المتاع تباع وتشتري في الأسواق ,يقول فيلسوفهم سقراط:(إن وجودالمرأة هوأكبر منشأ للأزمة والإنهيارفي العالم ,إن المرأة تشبه شجرة مسمومةحيث يكون ظاهرها جميل ,ولكن عندما تأكل منها العصافيرتموت حالا)أه

وعلى يد الرومان كانت تلاقي أشد العذاب وأشتهروا بقولهم ليس للمرأة روح,ومن ذلك تعذيبها بسكب الزيت الحارعلى بدنها وربطها بالأعمدة وبذيول الخيل ويسرعون بها حتي الموت.

ولم يختلف الأمر كثيرا عند الصينيين القدماء إذ اعتبروها كالمياه الؤلمة التي تغسل السعادة والمال ,وللصيني الحق في بيع زوجته كالجارية,وإذا ترملت أصبح لأهل الزوج الحق فيها كثروة وتورث وللصيني الحق في أن يدفن زوجته حية.

أماعند الهنود فليس للمرأة الحق في الحياة بعد وفاة زوجها ,بل يجب أن تموت يوم موته وأن تحرق معه وهي حية في موقد واحد ,وكانت المرأة العزَب والأيم التي فقدت زوجها منبوذة والمنبوذ عندهم في رتبة الحيوان.

وكان الفرس يبيحون الزواج بالأمهات والأخوات والعمات والخالات وبنات الأخ والأخت وكانت الأنثي تنفي في فترة الطمث إلى مكان بعيد خارج المدينة والرجل عندهم يتحكم في حياة أوموت المرأة .

وكان اليهود يعتبرونها لعنة لأنها أغوت آدم عليه السلام ,وكانوا لايجالسونها ولا يواكلونها عندما يصيبها الحيض ولاتلمس لهم  وعاءا حتي لا يتنجس وكانوا يحبسونها في خيام مضروبة لذلك حتي تطهر.

أما عند النصاري فيتجسد التعامل مع المرأة عندهم في مقولة أحد رجال كنيستهم إذ يقول:{ إذا رأيتم أمرأة فلا تحسبوا أنكم ترون كائنا بشريا ولا كائنا وحشيا, إنما الذي ترونه هوالشيطان بذاته ,والذي تسمعون به هو صفير الثعبان }.

ولم يكن العرب يرون حقا للمرأة في الميراث ,وإذا مات الرجل ورثه أبنه حتى في زوجته, ولم يكن للمرأة في الجاهلية حق على زوجها ,

وليس للطلاق عدد محدد ,ولا لتعدد الزوجات حدمعين ,وكانت المرأة في الجاهلية تكره على فعل الزنا طلبا في الأجرالمادي ,وكان من مأكولاتهم ماهو خالص للذكور ومحرم على الإناث ,ولقد كنَ البنات يؤدن ويدفنَ تحت التراب وهن أحياء خشية العار والفقر.

بعد ذلك وفي بعض المجتمعات التي تري أنها متقدمة وحضارية أكثر من الآخرين لم تتغيرالصورة كثيرا ,فلقد أصدر البرلمان الإنكليزي قرارا في عصر هنري الثامن ,يحظر على المرأة أن تقرأ (العهدالجديد)لأنها نجسة.

وكان القانون الإنكليزي حتى عام. 1805م  يبيح للرجل أن يبيع زوجته وقد حدد ثمن الزوجة بست بنسات ,وفي العصر الحديث أصبحت المرأة في بعض المجتمعات الأوربية تطرد من المنزل بعد سن الثامنة عشرة لكي تبدأ في العمل لنيل لقمة العيش,تلكم المرأة في بعض الحضارات القديمة والحديثة.

وعندما أشرقت شمس الإسلام لقيت المرأة كل خير وكرمت أيما تكريم ,وحظيت بكامل الرعاية والإهتمام,وتجسد ذلك في العصر الذهبي للإسلام حينما كان المسلمون أكثر تطبيقا لشريعة ربهم التي كانت ولا تزال تحثهم على بر الأم والإحسان إلى الزوجة والبنت والأخت وإكرام النساء بصفة عامة,وكانوا في ذلك العصر طبعا يلبون النداء الرباني ,ويستجيبون لتلك الأوامر نظرا لقوة إيمانهم وتعلقهم بالهدي النبوي الشريف ,وطبعا كلما ضعف التدين حدث الخلل في أداء هذه الحقوق والإلتزام بها ,فيظهر العقوق جليا ومجاهرا به والعياذ بالله ويساء إلى الزوجات والأخوات والبنات .

فعلى الرجال والنساء على حد السواء أن يدركوا مكان المشكلة وموطن العائق  المتمثل في هجر القيم والمثل التي نسجت بها خيوط المجتمع الإسلامي الأول ,الذي كانت فيه المرأة تخضع لسلطة الأب الآمر الناهي والأخ النصوح ,وترضي فيه المرأة بالعيش إلى جانب أختها الزوجة الأخري في ظل الرجل الصالح المقيم لحدود الشرع المطبق لمبدأ العدالة بين الزوجات ,وأن لاتكون خراجة ولاجة تفضل الوقوف على ارصفة الطرقات والإصغاء إلى دعاة الرذيلة بأي وجه أو تحت أي ستار.

وعلى المرأة تتنازل وتتخلى عن بعض العادات والإعتبارات التي تشكل حجر عثرة في سبيل خلاصها من داء العنوسة الذي أستفحل في هذا المجتمع ,وأن تفهم أن الزواج مهما كانت عواقبه ونتائجه يظل دوما أفضل بكثير من التسيب والتردد على أبواب الشقق المفروشة ,وعليها أن تعي أن عزها في كنف عزيزها الجبار وبالرجوع إلى شرعه المختار ونهج نبيه وصحبته الأخيار وماتوارثته عنهم الأجيال ونقلته إلى مختلف الامصار,هذا طبعا مع مواكبة المستجدات الحضارية وأخذ الإيجابي منها بعيدا عن التعلق بقشور الحضارة والتيهان مهما كان العنوان .

وعليها أن تواكب التطور الحضاري الحاصل في العالم بتطور فكري موازي ,وان لايفوتها أن الذي كان يرضع من الدهر ثدي العقيم أصبح يتقدم مُلاَك البقرة الحلوب ,وأن الذي كان يرنو بعين اليتيم أصبح جاحظا يتواري الكل عن مقابلته بالنظر,والذي لم يكن بإستطاعته أن يحلم بكونه زوجا أصبح اليوم خير زوج تحلم به أي فتاة ,وأن أناسا لم يكونوا في سالف الزمن يصعدون فراش أقوام ويمدون أيديهم دوما طلبا للمساعدة والعون ,صاروا اليوم وجهة الجميع الذين تمتد إليهم الأيادي ويتعلق بهم وتلعق أصابعهم ......

وعليها أن تنقب وتتمسك بعد ذالك بما يجعلها دوما المرأة التي تفرزو تقف وراء الرجل العظيم.............  

بقلم: عثمان بن جدو_كاتب وناشط حقوقي_

[email protected]

8. مارس 2013 - 16:28

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا