تفصيح العامية (27) / إسلمو ولد سيدي أحمد

alt*"اللِّبْنَة": يقال، في الحسانية: لِبْنَة الدُّرَّاعَة، ولِبْنَة"التِّرْكِ"(القميص:la chemise )، إلخ. واللِّبْنَة: كلمة عربية سليمة، لكنها تختلف عن الجَيْبِ(la poche). جاء في المعجم الوسيط: سَعِيدَة القميص: لَبِنَتُه. واللبْنَة: بَنِيقة القميص. واللَّبِنَة: بَنِيقة القميص. وواحدة اللَّبِن(briques): المضروب من الطين

 يُبْنى به دون أن يُطبَخ. والبَنِيقة: الزِّيق يُخاط في جيب القميص، تُثبَّت فيه الأزرار(boutons). والزِّيق: ما يُكَف به جيب القميص. يُقال: عَمِل للجيب زِيقًا: خاطَه به لتقويَته. ج. أَزْياق، وزِيَقة(أي أنّ الزيق الذي يُكَف به جيب القميص يمكن أن  يعد جزءا من الجيب). ويُستنتَج من ذلك أنّ تسمية(الجيب) ب(اللبنة)، قد تكون من باب إطلاق اسم الجزء على الكل. مع ملاحظة أنّ جيب القميص ونحوه: ما يُدخَل منه الرأس عند لبْسه. ج. جُيوب، وأَجْياب. وفي التنزيل العزيز: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ). وجيب الثوب(وهو المقصود باللبنة، في الحسانية): ما تُوضَع فيه الدراهم ونحوها(من المولَّد: اللفظ الذي استعمله الناس قديما بعد عصر الرواية).

*"نَبَّصْ" الشيءَ القليلَ: أخذ منه القليل(أي أخَذَ قليلا من قليل). يُقال، "نَبَّصْ" لي ما معك مِن زادٍ أو دراهمَ: اعطني منه ما تَيَسَّر. بمعنى أنّ السائل يعرف أن ما مع المسؤول، من زاد أو دراهم، قليل أصْلا.

*"يَصْرَگْ"(الشرطة على الكاف تدل على أنها تنطق جيما قاهرية): يَسْرِق(voler, cambrioler). "الصَّرَّاگه"(voleurs, cambrioleurs): السُّرَّاق/ السَّرَقة. "إِگِصْ": يقتفى الأثر. اقتفى أثر فلان(suivre les traces de qn.). وفي المثل الحسانيّ: فلان"يَصْرَگْ مَعَ الصَّرّاَگه وِگِصْ مَعَ الْگصَّاصَه": ماكر خدّاع. وهوقريب من معنى: يقتل الشخص(الميت) ويمشي في( وراء) جنازته. وذلك للتمويه، من أجل إبعاد الشبهة عنه. وفي مثل حسانيّ آخَر، فلان "يَصْرَگْ جَرِّتْ لِغْزَالْ". "جرت لغزال": جِرَّة الغَزال: ما يُخرجه الغزال(gazelle) من بطنه ليَمْضَغَه ثم يبلَعه: يُضرَب للمُحترِف الماهر في السرقة. وفي مثل حسانيّ آخَر: فلان "ابْحُورُ مَا يِنْعَامُ": يُضرب لشخص بَعِيد الأغوار، لا تُحمَل أقواله وتصرفاته على ظاهرها، لأنه قد يضمر أشياء لا تخطر على بالٍ.

*"الدَّهرْ يُولِدْ ابْلَا اظْرَعْ": كناية عن حدوث مفاجآت وأشياء غير متوقعة، وغير مسبوقة بعلامات معينة تُنبئ بقرب حدوثها. ومن ذلك أنّ الإنسان يمكن أن يرزقه الله بأشاءَ، من دون مقدمات، ودون أن تخطر على باله. "يُولِدْ": يَلِد. "الظْرَعْ": الضَّرْع.

*"ادْگِيگْ إلَى انْكَبْ مَا يَرْجَعْ ابْحَالْتُه": يُضرَب للحث على المحافظة على السمعة الطيبة، لأنها بعد أن تتشوّه يصعب استرجاعها كما كانت. كما يُضرب للشخص الذي جُنَّ(فقد عقله) ثمّ شُفِي(استرجع عقله)، فيقال إنه لن يعود سليمَ العقل تمامًا كما كان، شأنه في ذلك شأن الدقيق إذا كُبَّ(أُلقي على الأرض) لا يمكن جمعه من جديد مع احتفاظه بوزنه السابق.

*"اخْرِيفْ الْسَانْ": يُضرَب للشخص يقول ولا يفعل. الخريف أحد فصول السنة. ويقترن الخريف- في موريتانيا- بنزول الأمطار، حيث تخضرّ الأرض وتنتعش المواشي ويستبشر الناس بانتهاء فصل الصيف وما يصاحبه من جفاف وقحْط. ولذلك، يشير هذا المَثل الحسانيّ إلى أنّ كلام الشخص الذي لا يفي بوعوده، ما هو إلّا (خريف باللسان)، أي ثرثرة لا فائدة فيها. *فلان "يِرْفِدْ بِالدَّبْرَه": صَبُور/ يتحمّل فوق طاقته. الدَّبَرة: قرحة الدّابّة. ج. دَبَر، وأدْبار. بمعنى أنه يتحمّل الألم والمشقّة، من أجل خدمة الآخَرين، والتمسك بالأخلاق الفاضلة، كالبذل والعطاء وإكرام الضيف...

*فلان"يَگْطَعْهَ ؤُيَرْگعْهَ": يُفسِد الشيءَ ولكنه يُصلِحه/ يَتهوَّر(se précipiter) حتى يقع في المحظور، لكنه يعالج الأمر. ضد: "يَرْعَاهَا سَابِگْ مَا لَحِگْتُه". "يرعاها": يحتاط لها(للمصيبة، على سبيل المثال). "سابگ": قبْلَ((avant. "ما لحگته": قبل أن تصل إليه(يقع فيها). بمعنى: العاقل من اتعظ بغيره واستفاد من تجارب الآخرين. ومثل قولهم: "سَوَّلْ امْجَرَّبْ لَا اتْسَوَّلْ اطْبِيبْ": يضرَب للحث على الاستفادة من خبرة الآخَرين الذين عَرَفوا الأمورَ وجَرَّبوها واختبروها مرة بعد أخرى.  وأشير إلى أنّ الأمثال الحسانية، على غرار الشعر الحسانيّ، معينة على فهم الحسانية. كما أنّ معرفة الحسانية معينة على فهم هذه الأمثال، البليغة الرائعة، التي هي وعاء حاضن لجزء مهم من التراث الحسانيّ الخِصْب. وأتوقع أن كثيرين من شباب اليوم لا يفهمون- كما ينبغي- ما ترمز إليه هذه الأمثال المملوءة بالحكم والعبارات التي تحث على مكارم الأخلاق. من ذلك، على سبيل المثال: فلان" يَوْطَ اعْلَ فُمْ الجّرْحْ مَا عَگْرُ": يُضرَب للكياسة واللباقة وحسن التصرف. "يوط": يَطَأُ. "عَگرُ":نَكَأَه/ جعل الشخص المجروح يتألم( نَكَأَ جُرْحًا: rouvrir une plaie). ويأتي هذا التعبير بمعنى: جدد الألم. "التَّالِي هُوَ الْغَالِي". التالي، في الحسانية: الأخير(le dernier)، وليس:التالي/ اللاحِق(le suivant). يقال: فلان جاء هو "التالي" في السباق: كان آخِر المُتسابقين. وهكذا، عندما يُسْدَى معروف لشخص قبل شخص آخَر، يقال للأخير: "التالِي هو الغالِي"، تَطْيِيبًا لخاطره، حتى لا يظن أن الشخص الذي بُدِئ به مُفضَّل عليه. ويُعَد هذا التصرف قمّةً في الأدب، وحسن المعاملة، وهويشبه قولهم للشخص الذي يبادر إلى خدمة الآخَرين بنفسه: (سيد القوم خادمهم)، حتى لا يشعر بأنه أقل قدرا من الآخَرين. "يِگْتِلْ رُوحْ الِّ يِحْيِ اخْرَى": يُضرَب لاختلاف الأهواء والطبائع. "أَمْ اتْوامَ أَلَّا اتْسَابِگْ": يضرب للشيئيْن(للشيأيْن) يستحيل عملهما في آنٍ واحدٍ. "إسابگ" أو "إِفَاوِتْ": يُجَزِّئ تنفيذ العمل الذي يصعب أو يستحيل تنفيذه في وقت واحد، وهو ما تضمنه المثل الذي يرى أن الأم لا يمكن أن تلد التوأم (التوأميْن) دفعة واحدة. وهو قريب من معنى المثل:"كُلْوَهْ وَفِرْسِنْ مَا يَخِلْطُ فِشْدِگْ": يستحيل أن يستوعب شِدْق الإنسان كلوة(rognon) وفِرْسِنًا في آن واحد. الشِّدْق((coin de la bouche: جانِب الفم ممّا تحت الخد. ج. أَشْداق، وشدوق. والفِرْسِن(مؤنَّثة): للبعير كَالحافِر للفَرَس، وكالقدم للإنسان. ج. فَراسِنُ. وفي الحسانية، الفرسن: كُرَاع الغنم أو البقر. الكُراع، في الفصحى: مستدق الساق العاري من اللحم. "اتْمَابِ الذِّيبْ عَنْ سَرْحِتْ لِغْنَمْ": يُضرَب للشخص يتظاهَر برفض الشيء، وهو راغِب فيه. ويُكنّى عن ذلك بالذئب(le loup) يُعرَض عليه أن يرعى الغنم(moutons, brebis)، وهي فرصة ليفترس(pour dévorer) منها ما يشاء، فيُظهِر رفضه في أول الأمر، في انتظارالإلحاح(insistance (l'عليه من أجل أن يوافق على الفكرة. "آبَ": أَبَى(refuser). "التْمَابِ": الرفض(le refus). وقريب من هذا المعنى: "ؤُدَاعِتْ الرِّيَّ لِلْمُشْ": يُضرَب للتفريط في الشيء. "ؤداعت": وديعة. "الري": الرئة. المش": القط/ الهر/ السنّوْر.

*"عَرْ"(براء مرققة): الخنزير البريّ(le sanglier). يقال، في المثل الحساني: "أَحْزَمْ مِنْ عَرْ": يُضرَب للإنسان الحَذِر(homme prudent)، إذْ يُقال إنّ الخنزير البريّ وهو يأوي إلى الغار(grotte, caverne) يَدخله وهويمشي/ يسير القهقرى، خوفا من أن يُؤتَى من الخلف فلا يستطيع الدفاع عن نفسه. كما يقال: "أَخْسَرْ مِنْ فمْ عَرْ": يُضرَب للشيء القبيح البَشِع المنظر، في إشارة إلى قبح فم الخنزير البريّ. و"أَخْسَرْ مِنْ لَبْنْ الرْحِيلْ"(براء مرققة): يضرب للإنسان المُدَلَّل أو المنحرف، في إشارة إلى أنّ اللبن، الذي يحمله البدو في ترحالهم قبل، أن يروب، يفسد"يِخْسِرْ" حيث تنفصل مادة الماء عن مادة اللبن.

*"اطْلَصْ" الشيءَ أو "ارْخَاهْ"(براء مرققة): تركَه ورفع عنه يده، بعد أن كان ممسكا به. يقال: "اطْلَصْ لُ لِحْبَلْ اعْلَ الْغَارِبْ": تركه يفعل ما يشاء.  وقول الرجل لزوجته: (حبلك على غاربك)، من العبارات التي قد تعد طلاقا. وفي المثل: "أَخَيْرْ الِّ گبْظُ الجُّوعْ ؤُكِتْلُ مِن الِّ گبْظُ ؤُطَلْصُ": يُضرب للشخص استغنى بعد فقر مدقع، فلن يغيب عن باله ما عاناه في الماضي من جوع وضيق حال، الأمر الذي يجعله يبخل بالعطاء مخافة زوال النعمة. "گبْظُ الجُّوعْ": جَاعَ/ افتقرَ. "كِتْلُ": قَتَلَه. ويقال: "اطْلَصْ لِعْجُولْ اعْلَ أَمَّاتْهُمْ": حَرَّرَ العُجولَ وتركها ترضع أمهاتها. كما يقال: "اطْلَصْ" الحيوان في المَرعَى: ذهب به إلى المراعي وتركه يَرتَع. و"اطْلَصْ لِمْحَابِيسْ": أطلق سراح السجناء(أخرجهم من السجن). ""ارْخَ" الشيءَ/ الشخصَ/ اللص، إلخ: تركه بعد أن كان ممسكا به. ويقال: الله "لَا يِرْخِ" عليك: شَدَّدَ اللهَ عليك.

 

*"الدَّفْعَه ابْعَيْنِيهَ": يُضرَب هذا المثل، للحثّ على التحلي بالواقعية، والتأكد من القدرة على القيام بأمر معين قبل الإقدام عليه، لأن من يريد أن يجري بسرعة لابد له من عينيْن باصِرتيْن ليرى بوضوح ما قد يكون في طريقه من حواجز وعراقيل.

*"ادْيَارْ شِ اعْلَ لُوجِهْ"(براء مرققة): يُضرَب للشخص يتعلل بأشياء غير حقيقية ليبرر بها قيامَه بأمر معيَّن، كمن يريد- على سبيل المثال- أن يرى شخصا أو يكلمه، فيذهب إليه متعللا بأنه يسأل عن شيء ضاع منه، أو أنه قصد مكانا آخَر فضل الطريق، وكأنه يستر الحقيقة كمن يضع شيئا على وجهه حتى لا يُرَى.

*"عَيْنُ فِگْفَاهْ": يقال لمن يترك أمرا لظروف قاهرة، كمن يرحل- مُجْبَرًا- عن أرض، أو يفارق- مُرْغَمًا- أحبةً، إلخ، إنه ذهب (وعينُه في قفاه): أي أنه ذهب على مضض. وسيحاول أن يعود مرة أخرى. القفا: مؤخر العنق(يذكَّر ويؤنَّث وقد يُمَدّ). ج. أَقْفاء، وقُفِيٌّ. وقفا كل شيء: خلفُه.

 

*"افَّنِيكْسْ"أو "فِينِيقْ": عَنْقَاءُ(phénix): طائر خُرافيّ(oiseau fabuleux) زُعِمَ أنه يُعَمَّر خمسة قرون، وبعد أن يحرق نفسه ينبعث من رماده أتمّ شبابا وجَمالا. وعنقاء مغرب(griffon): حيوان خرافيّ نصفه نَسْر ونصفه غُراب. ويقول أحدهم: البُوم والغُول والعَنقاء ثالثها * أسماء أشياءَ لم تُخلَق ولم تكنِ. والله أعلم. وجاء في المعجم الوسيط: البُومة(le hibou): طائر يكثر ظهوره بالليل ويسكن الخراب، ويُضرَب به المَثل في الشؤم وقبح الصورة والصوت. والغُول(l'ogre): كلُّ ما أخذ الإنسانَ من حيث لا يدري فأهلكه. ج.أغْوال، وغيلان. والعنقاء: طائر متوهَّم لا وُجودَ له. ويقول أحدهم: أيقنتُ أنّ المستحيلَ ثلاثة: الغُول والعنقاء والخِلّ الوفِيّ:je suis arrivé à tenir pour certain l'ogre, le griffon, et un ami(fidèle) à toute épreuve. :qu'il ya trois choses qui n'existent pas  

10. نوفمبر 2013 - 9:17

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا