فخامة الرئيس: الحكومة ام الموت! / محمد ولد سيدي عبد الله

altبلد المليون سياسي هو اللقب الجديد لبلاد المليون شاعر، جميع الموريتانيين اليوم على اختلاف ثقافاتهم وأعمارهم وألوانهم ، الطيف السياسي على تناقضاته، كل الموريتانيين على الإطلاق في ربوع البلد ، بداة ،قرويين وحضريين لا هم لهم إطلاقا إلا السؤال عن تشكيلة الحكومة المرتقبة .

هي حقيقة لابد أن نقف عندها لنتأمل في أسباب هذا التعطش وأسراره ونناقش أبعاده وآثاره.

في البلدان الأخرى تتوزع اهتمامات المواطنين، أقلية هي الفئة التي تجيد تسميات أفراد الحكومة وجهاتهم وإيديولوجياتهم وهذه الفئة هي المعنية بالشأن السياسي وتقييمه وهي في الغالب من سن معينة ، أما بقية المواطنين فإن وسيلة الربط بينهم والشأن السياسي هو انعكاسه على الحياة العامة ، يقيمون أداء الحكومة من خلال استجابته لبرنامج الرئيس الذي انتخبوه .

في بلادنا يبدوا الأمر مغايرا تماما يقيم رئيس الجمهورية على أساس اختياره لوز راءه وسواء كان أداء هؤلاء الوزراء فلا بد لكل جهة وكل مجموعة وكل أثنية أن تجد نفسها من خلال إحدى الحقائب الوزارية التي لا تتجاوز الثلاثين في أغلب الأحيان .

وعلى هذا النهج سارت جميع الأنظمة التي تعاقبت على الحكم في هذه البلاد فأصبح سنة لا يجرؤ أي رئيس على مخالفتها وهو ما أدى إلى موجة التعطش على تسميات أفراد الحكومة المرتقبة.

ضعف أداء الجهاز القضائي والضمان الصحي وتفشي الزبونية في المرافق العمومية جعل هذه المجموعات تصر على وجود احد أفرادها في الحكومة ليكون على الأقل محاميا عنها وموصلا لاهتماماتها في الحالات الطارئة.

استفحال القبلية ومحاولة بعض القبائل بسط نفوذها على قبائل أخرى من خلال الحضور في الحكومة والقرب من جهة القرار.

هي بعض الدلالات التي فرضت على الأنظمة التعاطي مع الأمر باعتباره إملاء من الواقع دون أن تفكر الأنظمة في المسببات وتعمل على تذليلها من خلال نبذ القبلية بمفهومها المهدم والبقاء على القبلية كوسيلة للتعارف والتناغم الاجتماعي كما جعلها الله ، وتقوية مفهوم الدولة وإصلاح الإدارة وجاهزيتها حتى تكون أداة للجميع تخدم مصالحهم دون تخصيص ولا تدليس ، وإصلاح المنظومة القضائية واستقلاليتها ومتابعة احترامها للمساطر والقوانين ، والعمل على إيجاد تأمين صحي يكفل للمواطن الاستفادة من المرافق الصحية و جميع الخدمات في هذا المجال من الحجز الطبي وإجراء الفحوصات والعلاجات المتعذرة في البلاد دون تدخل القبيلة واجتماعاتها ومساعداتها .

هي أهم الأسباب التي من شأنها أن تقضي على القبلية والأثنية والجهوية وتحد من اهتمام غالبية الشعب الموريتاني بالحياة السياسية .

واهتمام الشباب والمراهقين بالسياسة أمر مهدم فهو إضافة إلى كونه قضاء على مواهب الشباب التحصيلية من خلال صرفهم عن الدراسة والبحث فهو مدعاة كذلك للخلاف والشغب لأن أفكار هؤلاء لم تنضج بعد وانتماءهم الوطني والقومي ما زال محدودا بعامل السن والأحداث الأخيرة التي عرفتها بعض الأحزاب السياسية التي طلب منها اختيار وزير من بين مناضليها خير دليل ،وترشيح هذه الأحزاب لبعض العناصر الغريبة على الحزب وفي أوقات حاسمة بسبب إيعاز بعض الأفراد الغريبين على هذه الأحزاب دليل على عدم نضج قيادات هذه الأحزاب.

هي أصداء شارع وحقائق أليمة تحتاج إلى أن تتناول بشكل مفصل قد يأخذ بعض الوقت.

ولكن قرار الرئيس بإشراك هذه الأحزاب زاد الطين بلة كما يقال لأن هذه الأحزاب ستنال نصيبا من تسميات أفراد الحكومة في حين تنتظر كل قبيلة وكل أثنية نصيبها في هذه الحكومة .

لهذه الأسباب المشوشة ولتداعيات أخرى تقرر تحويل الإعلان عن تسميات أفراد الحكومة إلى كابوس شبيه بالموت التي لا تأتي إلا بغتة

فخامة الرئيس إن بعض المعارضين والمغاضبين يعتبرون تأجيل الإعلان عن تسمية أفراد الحكومة هو محاولة لإشغال الشارع وتفويت للوقت .

فخامة الرئيس إن سياسة التأجيل ابتدء من قراركم تأجيل الانتخابات الرئاسية 06-06 انتهاء بتأجيل الإعلان عن الحكومة مرورا بتأجيل ثلث مجلس الشيوخ وتأجيل الانتخابات البلدية والتشريعية هي سياسة قد لا تعطي أكلها فقد يفهم من البعض أن بعض الأوراق مختلطة وقد تؤدي إلى عدم الأخذ بقراراتكم مستقبلا على محمل الجد.

فخامة الرئيس هنالك بروتوكولات وأعراف معهودة في استقالة الحكومات وتعيينها ينبغي أن تتبع في هذا البلد تماما كما تتبع في البلدان الأخرى ،فخامة الرئيس هو إعلان عن حكومة وليس موتا لا يأتي إلا بغتة فلا داعي للمفاجئة.

محمد ولد سيدي عبد الله

[email protected]

12. فبراير 2014 - 10:26

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا