للإصلاح كلمة تتعلق بقضية المرأة الموريتانية / محمدو بن البار

كلمة الإصلاح هذه المرة ستتوجه إلى المرأة الموريتانية التي أصبحت ولله الحمد حاضرة في كل شيء  لتـناقش حضورها هذا في الإدارة وفي السياسة وفي كل مكان هل هذه نعمة نشكر عليها ربنا أم غير ذلك

فنحمده عليها الذي يحمد في كل الأحوال ، كما قال الشاعر عندما رأى شبانا جهالا منهمكين في العبادة  أفرغوا لها وقـتـهم فقال أبياتا يسأل فيها العلماء: هل هذه نعمة في الدين نشـكرها أم هي في ديننا إحدى المصيبات .
فكذلك علينا نحن أن نـتسأءل عن هذه القـفزة النسائية النوعية :
هل هي نعمة في ديمقراطيتنا نحمدها أم هي في ديمقراطيتنا إحدى المصيبات أم أن هذه القفزة هي حقوق كانت مسلوبة من المرأة أم هي حلحلة أو خلخلة بالخاء المعجمة أنوثية في خلايا ذكورية الرجل الموريتاني وتـتـأكد في سلطته التـنـفيذية والإدارة والشرائك العمومية والخصوصية  والبنوك .
وقبل الدخول في مناقـشة هذا الحضور النسائي الذي طفح به الكيل هذه السنة يجب أن يعرف هل هو استرجاع لحق منعه الإسلام للمرأة من قبل أو منعته التقاليد والعادات أم شيء آخر منحه الرجل الموريتاني طواعية للمرأة .
وفي هذا الصدد نحمد الله أن جعـلنا جميعا مسلمين ومعنى ذلك أن علينا أن نبـين حقوق المرأة في الإسلام لنعلم منها هل الإسلام أعطاها حقوقا وغيبت عنها وهل المغيـب لها الحكومة أو العادات والتـقاليد .
كل هذا سوف نأتي منه برؤوس أقلام ونترك للمثـقـفين والمثـقفات مناقشة ذلك على ضوء الواقع المنظور في الساحة الوطنية .
إن الإسلام كما هو معروف لدى الجميع هو الذي خلق هذا الإنسان وجعل منه الزوجين الذكر والأنــثى .
وهذا الخلق بعد أربعة أشهر في بطن الأنثى خاصة ولن تستطيع أي قوة مهما كان رغبتها في المساواة أن تجعله حينئذ في بطن الرجل وفي تلك اللحظة تـتميز أجهزته من أعضاء وعروق بخصوصيتها الذكورية والأنثوية ولا يمكن لأي قوة خارجية أن تـتـدخل لتوحيد هذا التكوين أو تغـيـيـره عن ما يراد به إلا أن الإسلام عندما تـفرد بخـلق كل ما يريد حسب ما يريد وحد وساوى طـلبه من هذا الإنسان بعد هذا الخلق فقال (( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون )) .
كما أنه وحد وساوى بينه في اكتساب الأجر ((من عمل صالحا من ذكر أوأنثى وهو مؤمن فـلنـحيينه حياة طيـبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون )) .
وكذلك فإن الإسلام وحد وساوى مراقبته لجناحي الذكر والأنثى في قوله تعالـــــى (( الذي خلق الموت والحياة ليـبلوكم أيكم أحسن عملا)).
وأيضا فقد خاطب الإسلام الإنسان بلفظه العمومي الذكر والأنثى بقوله تعالى(( يأيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه )) بمعنى أنك خـلقت أيها الإنسان الشامل للذكر والأنثى  لتعمل ليل نهار وتكـتسب وسوف تسأل عن ذلك يوم القيامة إن خيرا فخير وإن شرا فشر.
وذلك يقضى بأن الرجل والمرأة هما أحرار في أي عمل يختارونه في هذه الحياة سواء كان للدنيا لمعاشهم أو للآخرة لميعادهم .
وبذلك يحق للمرأة في الإسلام أن تـكدح لمعيشـتها في أي حقل من حقول الحياة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثـقـافيا ....الخ .
ولذا فإن الله لم يجعل نـفقـتها على أي مخلوق مهما كانت قرابته منها إلا الزوج مـقابل الاستمتاع وإذا منعـتـه تسقط نفقــتها عنه وإلا  الأب وحده قبل أن يدخل بها الزوج فإن طلقها الزوج فقد مارست الحياة خارج بيت أبيها وعليها أن تتحمل نفقة نفسها وبذلك يكون الإسلام آمرا لها بالتحرك والكدح لنفقة نفسها .
ففي الحديث : أن امرأة دخلت النار بسبب حبسها لهرة حتى ماتت ، فالإسلام لم يحبس المرأة عن العمل لتموت وبذلك تكون القولة أنها من بيتها إلى قبرها قولة شيطانية .
أما الخوف عليها من الفتنة بالخروج فقد قـيدها الإسلام بنصوص قيد بها الرجل كذلك وهي غض البصر وحفظ الفرج فالخطاب لهما موحد في هذا الشأن ، وبعد هذا التـقـيـيد يقول لهما المولى عز وجل أنه ((يعـلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور)).
أما عدم المساواة فهي مقصورة على شؤون اجتماعية قـليلة منها الميراث في بعض الأحيان وعدم جواز التزويج برجلين في آن واحد ومع أن هذا منصوص عليه بمعنى أنه تعـبد لكن عـلته واضحة لكل من ألقى السمع وهو شهيد .
ومن هنا نعود إلى المرأة الموريتانية لنـقول أنها من ميلادها إلى الآن  وجدت أمامها الإسلام أعطاها جميع حقوقها من العمل والتملك والمشاركة في جميع الحياة كما أنها وجدت أمامها القانون الموريتاني صورة طبق الأصل للقانون الفرنسي لا يفرق بين الرجل والمرأة في العمل ولا في طلبه ولم تغـير القوانين الموريتانية قانون العمل ولا طلبه .
وهذا يقضى أنه كان على الرجل التـنـفيذي في موريتانيا أن يعرف أن العمل أيا كان إداريا أو سياسيا مفتوح لكل موريتاني لا يفرق بين الرجل والمرأة ولا سيما إذا كان تعويضه يصدر من الخزينة الموريتانية .
فالمناصب سواء كانت سياسية أو مهنية راتبها من الدولة فـتكون ملكا للشعب وليست للعاطفة ولا سيما إذا كانت العاطفة سياسية ولا تـتـناول من النساء إلا المقربات من السياسيين     .
فتخصيص جزء من المقاعد السياسية للنساء جبرا على الشعب الموريتاني دون تخصيص جزء من الاستاذية.....الخ ينبغي أن يكون له مبرر شرعي نصا أو اجتهادا مبنيا علي الشرع ، وإذا كانت العلة فيه أن الشعب سوف لا ينتخبهن فـتـلك علة مانعة من التخصيص ولا توجـبه لأن الشعب هو المنـتـفع وخزينته هي المتحملة .
وهذا التخصيص يخفي وراءه كثير من النساء العبقريات منع التخصيص حظهن لأي سبب كان فالمعروف أن عاطفة الرجل الموريتاني تجاه المرأة ولو لأي سبب هي وليدة البيئة الموريتانية الصحراوية وترتفع حرارتها عند العسكري ربما لبعد مهنته من حياة الراحة والدعة  ولذا لا يكاد العسكري يرد للمرأة طلبا .
فالموريتانيون يعرفون أنه عندما أفلست موريتانيا في زمن معاوية وحرم عليها البنك الدولي التوظيف الرسمي وفتح لها التوظيف غير الرسمي بدون ملف أو شهادات امتلأت جميع الوزارات من النساء حتى أصبحن أكثر من مقاعد المكاتب حتى أصبحن يتناوبن في الحضور على أيام الأسبوع أو أسابيع الشهور حتى صدق فيهن الحديث الذي جاء فيه أنه في آخر الزمان لكثرة القـتـل في الرجال يصبح الرجل الواحد مقابل 50 امرأة .
وهذه العاطفة التي جمعت النساء في الوزارات هي التي جمعتهن في منابر السياسية والإدارة ولاسيما هذه السنة حيث أصبحت نسبة المترشحات في نواكشوط 3/4 من المترشحات وهنا أصبح ينوب المؤنث عن جمع المذكر لكثرته عليه .
ومع هذه الملاحظة فأنا أدرك جيدا أن اللاتي نجحن من النساء من أي حزب هن مقـتدرات ومتدربات ومجربات إلا أن الديمقراطية لا تخضع للعاطفة فيجب تعميمها وإعمالها في كل شيء فالله يقول (( يأيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أوالوالدين والأقربين إن يكن غـنـيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تـتـبعوا الهوى أن تعدلوا)) وسبب نزولها اهتمام البعض أن يشهد للفقير على الغني ظنا منه أن الفقير يستحيل أن يدعى كذبا على الغني .
فما وقع هذه السنة من إجبار المواطنين  على التصويت للائحة كلها نسائية وفرض إدخال النساء لائحة الرجال وتــقديم النساء في لائحة البلديات كل هذا لا يمكن أن تكون دواعيه فرض حقوق منعها الإسلام أو القوانين أو البيئة أو العادات  وأعطتها الدولة .
فالعادات والتـقاليد عندما ظهرت الدولة للوجود ولم تجد المرأة الموريتانية الإسلام ولا القوانين يقيداها عن أي نشاط تحطمت العادات والتـقاليد أمام كل امرأة تريد  أن تحطمها وقد تجلى ذلك في النشاط التجاري للنساء بل المقاولات وجميع المعاملات فأصبحن بذلك رائدات الأسواق العالمية بدون أي حرج وتفوقن في ذلك على الرجال لصدقهن في المعاملات وبعدهن عن التحايـل والمكر التجاري في جميع معاملاتهن، وبذلك أصبحن معيلات بعد أن كن عائـلات .
فإذا كانت الدولة لابـد لها أن تـفرض النساء في كل شيء بالقوانين الجديدة فعليها قـبل الانتخابات الرئاسية أن تخلق مادة في الدستور تقول : يفرض على كل لائـحة انتخابية للرئاسية أن تتكون من رئيس ونائبتين له تنجحان بنجاحه وتسقط كذلك بسقوطه .
ومن هنا أعود وأكرر أن هذه الملاحظات ليست موجهة للنساء كـنساء لأني أعلم أن فيهن الذكيات الخلوقات المثـقفات المقـتـدرات وقد أظهر ذلك  ما قالته عائشة رضي الله عنها عندما أراد شخص أن يحتـج لها بقيومة الرجال على النساء  بقوله تعالى((الرجال قوامون على النساء )) فقالت : إن الله قابــل الجمع بالجمع ولم يقابـل الفرد بالفرد فقال الرجال جميعا قوامون على النساء جميعا ولم يقـل كل رجل قيوم على امرأة .
كما أن القرآن ظهر فيه اعتبار المرأة والاعتـراف بشخصيتها فقال لامرأتين من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم تعاونتا وتظاهرتا عليه(( وإن تظاهرا عليه فإن الله موليه وجبريل وصالح المؤمنين والملائـكة بعد ذلك ظهيرا))فجميع هذه المتعاطفات المعروفة مقابل امرأتين فقط .
وكذلك فإن عالم الأحداث التاريخية في الجاهلية أو في الإسلام ظهر فيها  كثير من إنـتاج الرجال  مقابـل ظهور امرأة أو امرأتين في ذلك الإنتاج  مثـل شاعرات العرب اشتهرت منهن الخنساء وحدها وفي الحديث اشتهرت عائشة رضي الله عنها وفي العبادة رابعة العدوية وفي البيعة قبل الهجرة بايعت امرأتين مقابل ثلاثة وسبعون رجلا وفي الجهـاد اشتهرت نسيبة " أم عطية " .
وهكذا فأكثر الحوادث يشـتهر كثير من الرجال ومعهم قـلة من النساء وذلك لاختصاصهم بالقضية التي لا يشاركهن فيهن الرجال وهي الإنجاب والضعف ورعاية البيت والأبناء.
وهنا لا يعرف ماذا عـملت موريتانيا في شأن هذه الخصوصيات الخاصة بالمرأة هل اشـترطت عليها أن يكون تعينها بعد مدة الإنجاب أم سامحتها في خصوصيتها .
فبـينما الشعب الموريتاني يـنـتـظر تعيـين امرأتين أو ثلاث أو أربع في السياسات أو الوزارات فإذا ساحبات السياسة والحكومة تـقذف بالدفعات المؤنـثة والقوانين الجديدة تحرسهن وتشير إليهن بالدخول في القصر الرئاسي وقبة البرلمان قائلة ادخلوها بسلام  آمنين .
وقبل ختام هذه الكلمة نذكر النساء المعينات أن كثيرا من النساء الموريتانيات في كثير من الشرائح الموريتانية لم ينزع عنها الإصر والأغلال التي كانت عليها فلم يظهر أن النساء أوصلن لهن ما وصلن إليه هن من الحريات وزيادة  وأود أن أستدل هنا بما قـلته سابقا بأننا نعرف أنه من بين نسائـنا المثـقفات الكثيرات الخلوقات اللاتي تستحق التعيين فأكبر دليل على ذلك ما رددتـه هذه الأيام الألسن الوطنية من فعل يدل على الشهامة والوطنية وحسن السريرة:ألا وهو امتـناع الوزيرة أماتي بنت حمادي رئيسة المجموعة الحضرية من توقيع أي وثيـقة رسمية غير مكتوبة بالعربية ، وبهذا العمل الشجاع الذي ينم عن طيبة الأرومة فإن عـلينا أن نجعل اسمها هالة فوق أسماء جميع النساء المعينات هذه السنة وأشباه الرجال في هذه القضية من إداريــــيــن ومنـتـخبـين حيث يقول لهم الدستور في مادته السادسة : " اللغة  الرسمية هي العربية " وهم يردون عليه سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع .
فهنـيـئا لهذه السيدة وأمثـالها من أي مواطن يسمع المولى جل جلاله يقول :((لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعـقـلون ))  ويقول له (( وإنه لذكرك لك ولقومك وسوف تسألون )) وكذلك يقول (( نزل به الروح الأمين على قـلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبــين ))  فهــنـيئا لأي مواطن يسمع هذا فيقول((سمعنا واطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير))

19. مارس 2014 - 11:05

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا