تهافت التهافت / الحاج ولد المصطفي

امتشق المهندس قلمه ونزل من فوق عمارته ،وخرج المدرس من حجرته، وتعالت أصوات تجار الكلمة، ذما وقدحا وشجبا ونقدا للمسار الحانوتي وصاحبه.وقد وصل الأمر بإدارة حملة "الوفاق" إلي استئجار عشرات الأقلام المعروفة والمغمورة للتصدي للحقائق الدامغة والمعطيات الواضحة والتصوير المبدع للمشهد السياسي

 المتأزم والأوضاع الاقتصادية المنهارة التي تضمنها مقال "المسار الحانوتي" للدكتور الشيخ ولد حرمة ولد ببان .فهل تهافت المسار الحانوتي أم تهافتت محاولات نقده ؟ 
المسار الحانوتي قصة عظيمة ، تكشف القناع عن مسار الدولة الموريتانية  وأداء نظام الحكم فيه ومعاناة شعبها الضعيف وتصرفات قادتها العسكريين والمدنيين وخططهم وأفكارهم وبعض النماذج والأمثلة والحقائق الموجهة أساسا للرأي العام الوطني. وقد وضعها صاحب القصة (وهو قامة كبيرة في مجلات العلم والسياسة والمجتمع) في قالب أدبي رفيع وطبعها بإيقاع تراكمي وتناسق منسجم مع الوقائع والأحداث الجارية ،مما جعل القصة تأخذ معناها ودلالاتها من الواقع الذي نعيشه بكل تفاصيل معانيه .
إن "المسار الحانوتي"و"البيان السياسي" نموذجان واضحان وشهادتان حيتان  لمعالم أزمة حقيقية تعيشها البلاد. وقد كتبهما رجال عايشوا الأحداث عن قرب وكان لهما نصيب من الخطأ الذي يقع فيه الآن الكثير من المدافعين بشراسة عن نظام الانقلاب .وقد عبر كل من هما بطريقته عن ذات المشهد القاتم الذي يلوح في الأفق والذي أصبح النظام يدفع بالبلاد إلي أتونه متجاهلا كل الحقائق ومستهزئا بكل التحذيرات والتنبيهات الصادقة والمخلصة .لكن أشخاصا كثيرون حول النظام يحاولون باستماتة هذه الأيام طمس الحقائق والتستر عليها وإظهار الولاء الزائف من خلال التعريض بالشخصيات الوطنية واللجوء إلي أساليب الدعاية الرخيصة وتلفيق الاتهامات والغمز واللمز في الأعراض لا لسبب يتعلق بهؤلاء الأشخاص من قريب أو بعيد ،ولكن لأنهم أجراء يعملون لمصلحة من لا يستطيع الدفاع عن نفسه بالطرق الحضارية وأقربها إلينا ذلك الحوار الذي تنادت له جميع القوي لكنه: أي "الوقاف" أو "المجهول" نقض العهد وأدار الظهر وأطلق حملته الجديدة والتي أخذت توظف تلك الأقلام الرخيصة ...
إن أسلوب الرد علي المسار الحانوتي لم يتناول الأفكار الواردة في المقال والمفعمة بالأدلة والوقائع ، ولكن تلك الردود أتهجت إلي منحي خطير يتطاول علي القيم الاجتماعية المتعارف عليها  و يدخل مفردات الاستهزاء المشين برجل لم يعرف عنه شيء مما يحاول هؤلاء الكتاب إلصاقه به :
- لم يكن الرجل-كما تدعون- لاجئا أو طامعا في أحد، وإنما حصل علي جزء يسير من حقه حين أصبح وزيرا في بلده وقد كان أبوه قائدا ملهما لكثير من أبناء هذا الشعب و مضحيا من أجل رفعته وتقدمه ... فكيف تستكثرون عليه ذلك؟
- ولا يمكن أن يكون انحيازه إلي الحق هو بسبب عدم ترشيحه علي لوائح حزب "الكتائب والمصالح"! فمتى كان ذلك مكسبا بمعايير الوعي والثقافة ؟
إن الترشح من حزب الإتحاد وصمة عار علي جبين كل من سقط في دركها وانحط إلي مستواها ؟؟
- ثم كم من تابع للنظام الحالي حرم من المناصب وكل شيء بل وحبس لأشهر وسنوات ولم ينبش ببنت شفة حتى الآن ..! مالكم تتسترون علي الحقائق ولاتعترفون بالوقائع !
- إن من يقول: إن الدكتور الشيخ ولد حرمة فقد ذرة من المصداقية عندما عاد لخندق الحق والنضال من أجل التغيير ،لا يدرك أن الرجوع إلي الحق حقان وأن التوبة من خصال المؤمن القوي وليس الأمر سهلا علي الناس ،فالذين يراؤون لا يقدرون علي فعل ذلك مهما حاولوا ..!
إن التهافت يحتاج إلي منطق رصين وفكر خلاق وبناء متماسك، والذين انبروا لنقد المسار الحانوتي قد لا يكون من بينهم من قرأ لحجة الإسلام الغزالي (رحمه الله ) أو لابن رشد (رحمه الله كذلك)،فقد كتب الأول: تهافت الفلاسفة. وكتب الثاني: تهافت التهافت. لكن الكاتب في غمرة التملق، يلتقط الألفاظ والعبارات كما تلتقط القطط اللحم الطري إذا غفل عنه الناس !

15. مايو 2014 - 13:11

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا