علي الطريق المُنحدر / الحاج ولد المصطفي

وزيرا التجهيز والنقل (السابق واللاحق) من أبرز رجالات النظام الحاكم ؛وكلاهما يفاخر بانجازات – قيل إنها تحققت في المأمورية الأولي – في مجال البنية التحتية والطرق .لكن المواطن العادي لا يري سوي طريقا واحدا "مُنحدرا" تسير عبره كل الحكومات  منذ عقود من الزمن ،

وهو ذلك الطريق الذي عبَدته أول مرة حكومة: الشيخ العافية ولد محمد خونه (رحمها الله )، ثم سلكه كل من :ولد اقيق و اسقير ثم شيخ العافية "الثاني" وقبلهم ولد بوبكر  وهكذا دواليك  ... تتغير الأسماء والألقاب والخطط والبرامج ...ولا يتغير الطريق!.فإلي أين سيقودنا هذا المُنحدر؟ وماهى أهم مفاهيم ومصطلحات سياسة المًنحدر؟
"الإنجاز" الكبير والوحيد –في اعتقادي- الذي تحقق بالفعل في مجال الطرق السالكة في موريتانيا ما بعد الانقلاب الأول هو: طريق مُنحدر أدي حتى الآن إلي تراجع كبير في المجالات الحيوية كافة (القيمية والاقتصادية والسياسية ) ونزل عبره الوطن الموريتاني من علياه إلي أسفل الوادي ، واستنزفت من خلاله ثروة المواطن، وتحطمت عليه آماله في التقدم والازدهار ، وأصبحت البلاد تترنح بين الكثبان والرمال والمستنقعات ،وتنحدر بسرعة مُذهلة نحو المجهول..
هذا الطريق لايفك العزلة عن أحياء الترحيل في انواكشوط، ولا يربط المدن العريقة والقديمة بعضها ببعض وبالعاصمة البعيدة عنها .ولا يحمى عجلات السيارات من الحفر المنتشرة علي طول طريق الأمل (العريق) وطريق روصو(الأقدم)  .
طريق (الإنجازات الكبيرة) ليس طريقا عاديا يعرفه الناس ويرونه رأي العين . ولكنه نهج سياسي طوباوى ، يقوم علي الدعاية والتزييف والتضليل ،ويُجند الشخصيات المُنحدرة من "موريتانيا الأعماق" لأداء الأدوار البطولية الخاصة بإستراتيجية "طريق المُنحدر" ..
يعتمد هذا النهج السياسي علي ترسانة من القرارات والقوانين والمراسيم والإجراءات تعيد إنتاج الماضي باستمرار، وتقوم بتكيف الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية مع مفاهيمها العامة وتستخدم لغة الأرقام لتقديم الصورة المناسبة للرأي العام وإقناع العامة بسلامة المرور ونجاح الخطة ...
وللتدليل علي تلك السياسات نستعرض بعض الإجراءات الجديدة في شكلها القديمة في نهجها:
- أزمة اختيار رئيس حزب الاتحاد (من أجل.....) :
أثيرت مؤخرا مشكلة شغلت الرأي العام الوطني حول من سيتولى رآسة حزب الرئيس بعد تعين رؤسائه في وظائف كبيرة  بالدولة.!
رآسة هذا الحزب (إذا جازت تسميته بالحزب)ليست حدثا حزبيا عاديا ولكنها لعبة معقدة، تكشف عن صراعات عميقة علي المصالح المادية والمعنوية بين مجموعات النفوذ داخل الكشكول المٌقرب من الرئيس الذي يوفر له خزانا ضخما من المؤيدين لسياسات "المُنحدر" والمستعدين لمسايرتها والدفاع عنها بشتى الأساليب ..
إن الخلافات علي الرآسة لا يكون منبعها مصلحة الحزب السياسي ولا هى تنافس في العطاء والاستعداد بين الأفراد المنتمين لذلك الحزب، ولكنها حرب لاهوادة فيها بين أفراد الأسرة الواحدة وأبناء العمومة والقبائل من أجل حماية المصالح والوصول إلي الوظائف غير المُستحقة ..
- مؤتمر أفلام :
يلعب النظام كعادته علي استثمار ورقة الأقليات ، ويقوم بتحريكها كلما تعرض لأزمات سياسية من أجل لفت أنظار المجتمع وتوجيه الرأي العام حول أخطار وهمية يحرص هو نفسه علي خلقها وتوفير الأرضية المناسبة لاستفحالها دون أن يسعي لتقديم الحلول القانونية والسياسية لها ..
- الاعتداء علي عطلة المسلمين:
إجراء قديم في ثوب جديد يرتبط بالتزامات رئيس الدولة لشركائه الغربيين وزعامته للأفارقة والعرب واستعداده المطلق لتنفيذ إرادة الأمريكيين في حربهم علي "الإرهاب" ، ولا يوجد مبرر آخر له نظرا لما يترتب عليه من إرباك وتراجع في العطاء وانعكاس سلبي علي التنمية والاقتصاد والتعليم.
إن دفاع الحكومة عن هذا الإجراء دليل قاطع علي نهج "الطريق المُنحدر"الذي تؤكد هذه الحكومة المضي فيه والتمسك بأهدافه التخريبية ..
الحرب علي خصوم الرئيس:
الوزير المخضرم في حكومات الانقلابات الأخيرة (ولد التاه) تكفل بالهجوم علي رئيسه السابق (أعلي ولد محمد فال)والذي أسال لعابه فترة من الزمن وكلفه مديحا وثناء وتمجيدا ،وقد عاد هذه المرة ليُمطره ذما وقدحا واتهاما بفساد لابد أنه شاركه فيه (لو صح) .
- تنفيذ شعار المأمورية الثانية:
توظيف النساء والشباب(دون مراعاة لمعايير الكفاءة والمهنية والاختصاص) من أجل تنفيذ التزامات حملة الرئيس ؛دليل آخر علي فشل الحكومة ومُضيها في ذات الطريق الذي كلف البلاد المزيد من التخلف والتراجع علي جميع المستويات .
إن حكومة نهج (الطريق المُنحدر) تعمل ما في وسعها من أجل إعادة إنتاج الماضي في ثوب جديد قوامه : التبرير والتضليل والتزييف ، وذلك من أجل تحقيق أهداف النظام الرامية إلي الحفاظ علي مقعد الرآسة ودفع الأثمان الضرورية لذلك خارجيا وداخليا .دون وعي أو منطق، وعلي غير بصيرة .

14. سبتمبر 2014 - 13:42

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا