الجمعة يوم عبادة وعمل بامتياز / د. محمد الأمين ولد أشريف أحمد

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10).


وعن أبي هريرة -رضي الله عنه-أنّ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-قال: (‏خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ فِيهِ خُلِقَ ‏‏آدَمُ ‏ ‏وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا) - مسلم.
إن الله تعالى - خص أمة محمد صلى الله عليه وسلم بخصائص ومميزات عن بقية الأمم، ومن ذلك - أنه جل وعلا- اختار لهم هذا اليوم العظيم، وهو يوم الجمعة، وهو سيد الأيام وأفضلها عند الله. فيوم الجمعة هدى الله سبحانه وتعالى الأمة إليه، وأضل عنه اليهود والنصارى. وما من أحد يشكك في فضل هذا اليوم العظيم وفضل العبادة فيه،

لكن الله سبحانه وتعالى ولطفا منه على عباده أجاز لنا العمل فيه بإستثناء مابين آذان الخطبة وتسليمه الخروج من الصلاة ، قال الإمام الحافظ محيي الدين النووي رحمه الله في المجموع: فرع: فِي مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي وَقْتِ الْجُمُعَةِ. قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ مَذْهَبَنَا: أَنَّ وَقْتَهَا وَقْتُ الظُّهْرِ، وَلَا يَجُوزُ قَبْلَهُ. وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَقَالَ أَحْمَدُ: تَجُوزُ قَبْلَ الزَّوَالِ.

يترتب على ما سبق أن يوم الجمعة يوم عبادة بإمتياز كسائر أيام المسلم وأن البيع وباقي التعاملات تحرم وقت وقوع الخطبة.والصلاة فقط.

وبما أن حياة المسلم كلها عبادة لله عز وجل وليس هناك يوم خاص للعبادة ، فالمسلم في عبادة لله في كل وقت ، صلاته وعمله وصيامه وقيامه ونفقاته على عياله … هذا كله يدخل في العبادة ما دام مضبوطا بشرع الله جل وعلى.

وبما أن العالم أصبح قرية واحدة تتشابك مصالحه وتترابط منافعه ،ويوما بعد آخر تتعزز هذه الروابط بفعل الثورة الهائلة في عالم الاتصال والتكنولوجيا مما يستوجب التأقلم بما يضمن أكبر كم من المنافع والمكاسب الأمر الذي يرتب على القائمين على المصلحة العامة السعي إلى كسب أكبر منفعة وتجنب كل مضرة،

ومن المكاسب التي تعود على الوطن والمواطن استفادته من يوم عمل تباشر فيه التحويلات المالية والمعاملات التجارية لفائدة المستثمرين المحليين والأجانب و التجار و الطلاب الدارسين في الخارج والجاليات الموريتانية والبعثات الدبلوماسية والمرضى في رحلاتهم العلاجية .

فمواءمة العطلة الأسبوعية مع النظام الدولي المعمول به ما هي إلا خطوة تدعم سلة التحفيزات الممنوحة للمستثمرين الدوليين، و تدعم الموردين المحليين خاصة إذا ما علمنا أن أكثر من 90% من حاجيات البلد من السلع تورد إليه من الخارج ، هذا بالإضافة إلى كونها تزيد من إمكانية وصول التحويلات إلى طلابنا في الخارج وهم يدركون أكثر من غيرهم معنى ذلك وإلى البعثات الدبلوماسية و المرضي في رحلاتهم الاستشفائية و الجاليات الموريتانية بشكل عام .

خلاصة القول أن هذه الخطوة ليست فعلا يحرمه شرعنا ، والعمل يوم الجمعة مباح على الأقل ، كما أن العطلة يوم الجمعة هي الأخرى فعل مباح ،إلا أن المصلحة المترتبة على العمل أكبر من مما هو حاصل من التوقف عنه .الأمر الذي يجعلنا ندرك تماماً أن يوم الجمعة يوم عبادة وعمل بامتياز شأنه شأن سائر الأيام ، ويجعلنا نفهم أيضاً مأقدمت عليه حكومتنا و نثمنه عاليا ونشد على أياديها.

ولله من وراء القصد

21. سبتمبر 2014 - 19:36

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا