عندما تسخر فرنسا من نفسها وتدافع موريتانيا عن دينها!! / المرابط ولد محمد لخديم

 تظاهر يوم الجمعة الماضي بعد صلاة الجمعة نواكشوط آلاف الأشخاص ضد الرسوم المسيئة للإسلام التي نشرتها الصحيفة الفرنسية الساخرة شارل إيبدو وذالك تلبية لدعوة منتدى العلماء والائمة لنصرة النبي صلى الله عليه وسلم وتختلف هذه المظاهرة عن سابقاتها في السنوات الماضية حيث شاهدنا

 عن قرب حب الموريتاني لنبيه وارتباطه به عقديا وعضويا لا فرق بين الصغير والكبير الرئيس والمرؤوس وفي كلمة له أمام الجموع الغفيرة الوافدة إلى الرآسة من المسجد الجامع قال ولد عبد العزيز أنه لن يشارك في أي مسيرة تسيء للإسلام أو الرسول في أي بلد أو تحت أي ظرف مهما كان وهذا موقف للرجل يذكر له فيشكر رغم اختلافنا معه.. خاصة وانه الرئيس الدوري للقارة الإفريقية وحليف تقليدي لفرنسا ...
     وهذا ما عجز عنه الكثير من القادة العرب والمسلمين الذين تقبلوا هذه الاساءة على استحياء بل أن البعض شارك في المسيرة المسيئ للرسول صلى الله عليه وسلم.
   فحب الرسول الأعظم تتغذى به العاطفة, وتشعل به مجامر القلوب, وتشحن به (بطاريتها) الفارغة فهؤلاء الجماهير الغفيرة,جاءت الى السفارة الفرنسية لتؤدى خراجه من الطاعة, وضريبتها من الحب والانقياد, , يثبتون أنهم مجتمعون على تفرق, متوحدون على تعدد, متركزون على انتشار, أغنياء على الفقر , أقوياء على الضعف, ,يلتقون على نقطة واحدة وحول نقطة واحدة, مظهرها حب النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم) في لغة الدين, حاسرة رؤوسها مابين رئيس ومرؤوس, وصغير وكبير, وغني وفقير, وتهتف كلها في لغة واحدة « "نحن هنا للدفاع عن النبي محمد"و"لن نقبل بإهانة النبي...» وكأن الوجود قد تحول إلى مظاهرات لا هتاف لها إلا: فداك أبي وأمي يارسول الله..
    والأول مرة يقوم  المتظاهرون بحرق علم فرنسا منذ عقود وهي رسالة إلى الشعب الفرنسي قبل الحكومة الفرنسة التي يبدو أنها مسرة على سخريتها بدليل تماديها على مؤازرة هذه الصحيفة بتغليبها للعاطفة على العقل ومن المعلوم تدني مستوى هذه الصحيفة علميا وفكريا فقبل أسبوع من الحادثة كانت ستقفل نتيجة مشاكل مادية بدليل أنهم بالكاد يحصلون على 300 الى 500نسخة حسب بعض التقارير..
   وما تدعيه فرنسا من حرية التعبير ليس صحيحا , فهي تتخذ الإرهاب مطية وعنوانا براقا تستر ورائه. والغريب في الأمر أن مقولة الإرهاب هذه تنكمش وتذوب عند مناقشة قضايا تتعلق بإسرائيل والهيلوكوست, وتتسع وتتماع عندما تكون غطاء للنيل من الرسل والمقدسات الدينية..
وإذا استقرأنا تاريخ فرنسا الاستعماري نرى أن  الذي روج له الكتاب الغربيون في ذالك الوقت لتبرير ظاهرة الاستعمار, هو أن الأمر يتعلق بنشر الحضارة..
   كان العالم منقسما في نظر أولائك الكتاب- بمن فيهم بعض فلاسفة الأنوار إلى قسمين: عالم متحضر وعالم متوحش. وكانوا يعتقدون- بصدق أو بغير صدق, لا يهم- أنه من خلال الاستعمار وبفضله, ستخرج الشعوب المستعمَرة من مرحلة التوحش إلى مرحلة التمدن  فكأن الصراع بين الغرب والشرق آنذاك كان بين الحضارة والتوحش!. مما يعني أن الغرب لم يكن يعترف بأي حضارة أو ثقافة أخرى...
    ولقد كلفهم هذا المظهر الكثير حيث أنهم غيروا من مدلولات الكلام نتيجة لما تضفيه سياستهم من ممارسات أصبحت عن طريقها كلمة (مستعمر) في ذهن السامع ترمز للقتل والخراب..والفضائح التي يندى لها الجبين, والتدخل في شؤون الدول الأخرى.. وهي معان جديدة, تختلف عما كانت عليه في الأصل.فكلمة(استعمار) مشتقة من (عمًر, يُعمًر) وهي في الأصل تعنى البناء والتعمير...غير أن الممارسات التي ارتبطت بالوجود الأجنبي في البلدان المستعمرة, وما لحق بهذه البلدان من ضعف ومهانة جعلت من كلمة استعمار مرادفة لكلمة خراب, واستغلال وظلم.أي أنها أصبحت توحي لأول وهلة بإحساسات لدى السامع تختلف اختلافا كليا عن معناها الاشتقاقي الذي يعنى البناء والتعمير. ونفس المثال ينطبق على كلمة (نازي) ومعناها القومية والاشتراكية في اللغة الألمانية, غير أن ارتباط هذا اللفظ بالممارسات السياسية للحزب النازي الهتلري الألماني..وما نتج عنها من حرب ودمار وخراب للعالم, غير كلمة (نازي) في الواقع تغييرا كليا حيث أصبحت تعنى العنصرية والطغيان والاستبداد...
     فهل ستبقى فرنسا تسخر من نفسها بإتباعها الأعمى لصحيفة سيئة السمعة رديئة المضمون وترجع لعهدها السابق الاستعماري بحيث لا تشعر؟ أم أنها ستفيق من غيبوبتها وتحكم عقلها؟
وحسب تتبعي لما كتب الغرب عن هذه الحادثة وتقهقر المسلمين على استحياء منها فإنهم قد رسموا خطة محكمة لئيمة..مفادها أن دعوة المسلم إلى الكفر تلقى نفورا في المجتمع الإسلامي, ويكاد يكون من المحال إحراز تقدم فيه بإعتناق هذه الدعوة, ولذا ينبغي أن تكون الخطة_ أولا_ تجريد شخص المسلم من الالتزام بالتكاليف, وتحطيم قيم الدين الأساسية في نفسه بدعوى العلمية والتقدم والحرية..
دون المساس بقضية الإلهية مؤقتا, لأنها ذات حساسية خاصة, وبمرور الزمن, ومع إلف المسلم لهذا التجريد يسهل في نهاية الأمر تحطيم فكرة الإلهية في عقله ووجدانه _ وإذا بقيت افتراضا, فلا ضرر منها, ولا خطر, لأنها حينئذ لن تكون سوى بقايا دين, كان موجود ذات يوم بعيد.
    وهكذا يحكم أعداء الإسلام مخططاتهم, ويديرون لتدمير الدين ومبادئه, ابتداء من ابسط السنن والواجبات وانتهاء إلى قضية القضايا: وجود لله ذاته..ويبدوا أنهم سعداء الآن حيث أن الثورات التي زرعوها في العالم العربي والإسلامي أصبحت الشماعة التي يعلقون عليها  حيث أن المظاهرات على الرسوم المسيئة في العالم العربي والإسلامي في 2005 تختلف عن التي في 2012م والتي في 2014م تختلف عن سابقاتها..
    ولكن بلدي موريتانيا {شنقيط} في كل مرة تخرج المظاهرات والتنديد بجموع أكثر من سابقاتها وكيف لا ورسول الله صلى الله عليه وسلم  هو ثاني ركن بعد الشهادة أن لا اله إلا الله وأن محمد رسول الله ...ونصلي ونسلم عليه في الصلوات الخمس على الأقل 30مرة..ونفديه بالنفس والأهل والولد...ونطمع بشفاعته صلى الله عليه وسلم
    وهذه رسالة لكل مسلمي العالم ممن يطمعون في شفاعته صلى الله عليه وسلم أن يهبوا إلى مقاطعة البضائع الفرنسية وأن كل من اشترى منتوجا فرنسيا فمعناه أنه أساء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وحسب ما قرأت من الكتب الكثيرة وهي أخطر من الرسوم المسيئة ومن المجلات..
  {وقد أعددت لذالك كتابا في طور الانجاز بعنوان:فضح أصول المفترين على الرسول صلى الله عليه وسلم} أنها كلها تعتمد على معركة الأحزاب للنيل من الرسول صلى الله عليه وسلم التي روج لها حكماء صهيون كثيرا وأذيالهم وقد غاب عن هؤلاء أن محمد صلى الله عليه وسلم خانته بني قريظة كثيرا وحنثت ونقضت المواثيق ولكن الذي بعثه ربه رحمة للعالمين خيرهم فاختاروا سعدا الذي حكم بدوره نص التوراة التي يؤمنون بها حسب اختيارهم كما جاء في التثنية:{ حين تقترب من مدينة لكي تحاربها استدعيها إلى الصلح, فان أجابتك إلى الصلح , وفتحت لك,فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويستعبد لك,وان لم تسالمك وعملت معك حربا فحاصرها, وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف, وأما النساء والأطفال والبهائم وكل مافي المدينة كل غنيمة فتغنمها لنفسك وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك الرب الهك} اصحاح :{10:15 التثنية}.
   وهناك حقيقة(ّّّأ) قد لا يدركها الكثيرون وهي أن الإسلام الذي جاء به رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم هو ذلك الدين الوارد [في لغة القرءان وهو ليس اسما لدين خاص  إنما هو اسم للدين المشترك الذي هتف به كل الأنبياء، وأتنسب إليه كل أتباع الأنبياء].   
       هكذا نرى نوحا يقول لقومه ﴿وأمرت أن أكون من المسلمين﴾ (1).
       ويعقوب يوصي بنيه فيقول: ﴿فلا تموتن إلا وانتم مسلمون﴾ (2).
         وأبناء يعقوب يجيبون أباهم: ﴿قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون﴾ (3).
         وموسى يقول لقومه: ﴿ ياقوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمون﴾ (4).
        والحواريون يقولون للمسيح عيسى ابن مريم: ﴿آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون﴾ (5).     
        بل إن فريقا من أهل الكتاب حين سمعوا القرءان ﴿قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين﴾ (6).
        نرى القرآن يجمع هذه القضايا كلها في قضية واحدة يوجهها إلى محمد صلى الله عليه وسلم ويبين لهم فيها انه لم يشرع لهم دينا جديدا وإنما هو دين الأنبياء من قبلهم.
        قال تعالى ﴿شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك، وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه﴾ (7).
       ثم ينظم القرآن الأنبياء في سلك واحد ويجعل منهم جميعا أمة واحدة، لها إله واحد، كما لها شريعة واحدة قال تعالى﴿ إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون﴾ (8).
       إن هذا الدين المشترك الذي اسمه الإسلام، هو دين كل الأنبياء والمرسلين, وإن الذي يقرأ القرآن يعرف كنه هذا الدين، إنه هو التوجه إلى الله رب العالمين في خضوع خالص لا يشوبه شرك، وإيمان واثق مطمئن بكل ما جاء من عنده على أي لسان وفي أي زمان أو مكان دون تمرد على حكمه، ودون تمييز شخصي أو طائفي، أو عنصري، بين كتاب وكتاب من كتبه، أو بين رسول ورسول من رسله، هكذا يقول القرآن: ﴿وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين﴾ (9).
         ويقول: ﴿قولوا آمنا بالله وما انزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين احد منهم ونحن له مسلمون﴾ (10).
اذا هذا هو الاسلام الذي أتي به رسول الاسلام  محمد صلى الله عليه وسلم والذي يسخر منه الغرب لأنه لا يعرفه ويدافع عنه المسلم الذي يرجو شفاعته.

20. يناير 2015 - 0:13

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا