همزات الشياطين !! / حمزه ولد محفوظ المبارك

ثمة أشياء متعلقة بهمزات الشياطين التي وردت في كتابة "هُمَزَةٍ لُمزة" من مرتادي القاع لا تبشر بخير على مستقبل تعليم يبدو أن النمو الطبيعي للرداءة فيه قد اكتمل , فمن المتعارف عليه في عصرنا هذا الذي اختلطت فيه الغرائب بالعجائب , أن المادة العلمية لأي نص أو كتابة تتعلق بموضوع ما ,

هي التي تشغل العقلاء و تغريهم بالخوض فيه و اشباعه نقاشا و نقدا أو تزكية , على عكس مهنة السطحيين الذين يبحثون عن بقايا الطعام تحت المائدة , متشبثين بوساوس الدونية المهنية و عقدة التفاوت الأكاديمي ...!

إني و أنا الفقير إلى الله سبحانه و تعالى أستاذ العلوم الطبيعية و الفيزياء و الكيمياء , المتخصص في علم الفيروسات , المقر بضعفه و عجزه لي اعتراضات كثيرة على كثير من قواعد النحو التي جاء بها الأقدمون و أرى أن اللغة العربية تحتاج لمراجعات كثيرة فعلى سبيل المثال : لا أوافق من ماتوا على تعنيف المفعول به خضوعا للحركة لأن يصبح أحيانا نائبا عن الفاعل ظلما و جورا , فمن وجهة نظري أن المفعول به يجب أن يظل مفعولا به و على النحويين أن يجدوا لأنفسهم مخرجا من القاعدة التي تنخرم في هذه الحالة , و الأمثلة كثيرة أرجو أن تتاح للبعض سانحة للاضطلاع عليها .

أحاول في ما أكتب دائما أن أعطف على بعض دهماء الحرف , فأداعبهم و أهتم بالتصحيح لهم و توجيههم و تثقيفهم كي لا يضلوا الطريق الذي يحاولون الحبو فيه بين الفينة و الأخرى , فمن المعروف أن صاحب التجربة و المرتبة العالمة الواثق بنفسه لا يجد حرجا أو غضاضة في النزول إلى مستويات أخفض و أناس أقل منه رتبة علمية كي يواسيهم و يعلمهم مما آتاه الله تعالى بفضله أولا ثم بفضل الجد و التحصيل الذي لم يسعفهم حالهم بالحصول عليه !

لكن ما يشد انتباهي في ردة فعل بعض المتربصين بأنفسهم ممن يقفون على شفير الهوان و جرف التعرض أنهم مساكين يسقطون سقوطا حرا في لجة من المنزلقات تجعلهم يفقدون السيطرة على أثوابهم الرثة , فيتكشف مما وجب ستره ما به يضحك عليهم السذج و الرعاء !

سيدي الكريم لن أخوض معك في همزات الشياطين التي أثقلت كاهلك , فقد وجدت من الأذى في نصك ما به تستحق التعزية و العطف و أيقظت سيبويه من مضجعه ألف مرة و مرة حتى كره اليوم الذي خط فيه حرف لغة ! , لكن أؤكد لك أن من همزات الشياطين ما يردي صاحبه في مرتع وخيم لا قبل له به , خاصة إذا تعلق الأمر بجدل يفقد صاحبه السيطرة على مقود المادة إلى سفاسف الأمور و حكايات النساء و المتشبهين بهن على قارعة الطريق و مجالس السوء !


لا يسعدني و أنا الأكاديمي صاحب الشهادات العليا و المكون تكوينا جيدا و الحاصل على تصاريح متعددة بالإقتدار و الكفاءة , أن أنزل إلى القاع الذي فضلت أن يكون لك سكنا في جل ما تفضلت به في مقال الهمزات التي من المؤكد أنها من وحي الشياطين , بل سأسعى في المقابل أن أرفع من شأن كتابتك لترقى و لو قليلا إلى مستوى النشر على المواقع و قراءة القراء , تلك هي مهمتي التي سأتولاها معك و لو كنت أعلم أنك لن تستطيع معي صبرا !

لا يمكن لمفتش و لا مسؤول يحترم نفسه و مهنته أن يشهد بكفاءة من لا كفاءة له , و لا أن يقفز بأحد من الشارع إلى مستوى أكاديمي لا قبل له به , إلا إذا كان ذلك من باب السخرية به , أو مجاراة لمصلحة آنية ضيقة قد تتعلق بسن التقاعد مثلا , و ليس ذلك بالغريب في خضم سياسة تحطيم بنية التعليم التي بدأت بخيانة 99 , و تعززت بماكنات تصنيع المعلمين بشكل آلي دون تعقل و لا روية و لا حكمة !

أعود لأؤكد أن التكوين و التأطير و المتابعة و الرعاية و الحيطة و الحذر ...... أمور من بين أخرى يجهلها الكثيرون , أولويات و واجبات في حق التعليم لا تسقط بالإستعجال و لا بالتقادم , فكل الذين أغوتهم خيانة 99 كانوا و لا يزالون بحاجة ماسة للتكوين في مجالات التربية و التعليم و دراسة علم النفس و علوم التثقيف و الإدارة و تسيير الموارد البشرية و التخطيط , و بالتأكيد تنضاف إليهم الأفواج التي سارت على خطاهم في تلك الفوضى العارمة التي شلت التعليم و أقعدته منذ سنوات حتى أصبح بهم مادة للتندر و التنكيت ....!

التعليم قطاع حساس و عالم من المسؤوليات و مصنع ضخم و منجم من أغنى المناجم و ثروة من أعظم الثروات في العالم لو تم استغلاله على النحو المطلوب , أما إذا أرهق و دمر و كسرت شوكته فتلك هي أعظم مصيبة على الاطلاق , و على الذين لا يحبون سماع هذا القول أن يضربوا رؤوسهم على الماكنات التي صنعتهم في دقيقة !

عقدة المعلم و الأستاذ هي الأخرى يجب أن لا تذهب بنا بعيدا عن جوهر المشكل الذي يعاني منه المدرس بشكل عام , فجوهر المشكلة أعظم و أعمق من التسميات و العقد و الحساسيات الوهمية , فهناك مدرس إيجابي و هو نادر و آخر سلبي هو مربط الفرس في أي "همزة "وصل بينهما , إذ هيمنت الرداءة على الجودة و الصراخ على الحكمة و النكتة على المعلومة و التظلم على أداء الواجب , و شاعت في الأكثرين لغة الإحباط و الإنحطاط و التوسل و التوجع و التألم و الفزع و الجزع على حساب الثقة و الصبر و المجاهدة و التحمل و التجمل بخصال العلم و مرتبته !!!

17. مارس 2015 - 1:43

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا