الحوار وطريق النجاح / محمد ولد عبد الله ولد محمد جدو

الدعوة للحوار الوطني تعني الإعتراف بوجود أزمة أستعصي حلها علي السلطة الحاكمة ورأت أو أُجبرت علي دعوة الأطراف السياسية التي تقف علي الجانب الآخر من الرصيف للتشاور في إمكانية حلها.
إن قوة المجتمعات والأمم نابعة من طبيعة العلاقات الداخلية بين مختلف مكوناته وأطيافه.

 فاذا كانت العلاقات إيجابية وتواصلية وودية ووفق مقتضيات المواطنة المشتركة، فإن المجتمع تتضاعف قوته ويشعر بالعزة والمنعة..
أما إذا كانت العلاقات سلبية وتسودها حالات الجفاء والبغضاء فإن هذه الحالة السلبية والسيئة ستبدد كل عناصر القوة والمنعة في المجتمع.. .
لهذا ثمة ضرورة مستديمة ومتواصلة، لفحص طبيعة العلاقات بين مختلف التعبيرات والمكونات.  وعلى ضوء هذا الفحص يتم الاهتمام النوعي من قبل جميع النخب والأطراف لإدامة العلاقة في سياقها الإيجابي بعيداً عن نزعات الكراهية وموجبات الجفاء والتباغض..
فالعلاقات الداخلية في المجتمعات المتنوعة، من ضرورات الاستقرار السياسي الإيجابية والأمن الاجتماعي. وانطلاقاً من هذه الحقيقة نتساءل عن ما هي أسس ومرتكزات العلاقة الإيجابية بين أطياف وأطراف المجتمع..

سنحاول أن نجيب على هذا السؤال من خلال 3 نقاط أساسية:
1-الاحترام المتبادل:
لا شك أن بعض الأطراف والتي تشعر بالامتلاء والقوة، لديها نزعة في تعميم قناعاتها وجعل صورتها ورؤيتها هي صورة الوطن ورؤيته..
ولكن مهما كانت الآمال والطموحات في هذا الجانب، إلا انه من الصعوبة بمكان تحقيقها وإنجازها.. لذلك نحن نعتقد أن من أهم مرتكزات العلاقة الإيجابية بين مكونات المجتمع والوطن الواحد هو الاحترام المتبادل.. فليس مطلوباً أن تتطابق وجهات النظر في كل شيء، ولكن المطلوب ومن الجميع الالتزام بمقتضيات العمل المتبادل..
وليس من شروط الاحترام المتبادل الإيمان والقبول بقناعة الطرف الآخر. ولكن لكونهما شريكي الوطني ثمة ضرورة للالتزام بكل مضامين ومقولات الاحترام المتبادل..
وفي هذا السياق ندعو إلى صياغة رؤية أو مشروع وطني أو ميثاق شرف وطني، يلزم جميع الأطراف والمكونات إلى الالتزام بكل مقتضيات ومستلزمات الاحترام المتبادل..
ومقولة الاحترام المتبادل تبدأ من الكلمة الطيبة، ونبذ كل المقولات القدحية مروراً ببناء العلاقة على أسس العلم والمعرفة المتبادلة وانتهاء بالالتزام بكل متطلبات الشراكة الوطنية..
فالمجتمعات الإنسانية المتقدمة، والتي تعيش التنوع والتعدد في الميولات والانتماءات لم تتمكن من إدارة تنوعها وتعددها الأفقي والعمودي، إلا بتعزيز قيمة الاحترام المتبادل بين جميع مكوناتها وتعبيراتها..
فمن حق أي طرف أن يختلف مع الطرف الآخر في قناعاته وأفكاره ومواقفه، ولكن هذا الاختلاف المحمود لا يشرع لأحد التعدي على كرامة وقناعات وعقائد الطرف الآخر.. فمهما اختلفنا وتباينت وجهات النظر بيننا، إلا أننا جميعا محكومون بقيمة الاحترام المتبادل..
والاحترام المتبادل حينما يكون مسنوداً بقانون وطني يجرم كل من يسيء إلى الشريك الوطني الآخر سواء كانت هذه الإساءة معنوية أو مادية، فإن المجتمع سينعم بالأمن والاستقرار، وهذا الأخير لايعتبر من "حرية التعبير" كما يطلق عليه البعض في الآونة الأخيرة بل على العكس ... .
2- الفهم المتبادل:
حين نتأمل في طبيعة الإشكاليات المتداولة بين الأطراف والمكونات المختلفة في الدائرة الوطنية، نجد أن أغلب هذه الإشكاليات، تعود إلى ضعف مستوى الفهم المتبادل بين هذه المكونات والتعبيرات.. لذلك فإن من أسس ومرتكزات العلاقة الإيجابية بين مختلف الأطياف، أن تكون هذه العلاقة قائمة على العلم والمعرفة والفهم المتبادل..
لذلك ثمة ضرورة لتعزيز قيم التفاهم والمعرفة المتبادلة بين مختلف المكونات والأطياف.. وإشاعة قيم الفهم المتبادل، يتتطلب من المؤسسات الرسمية وبالذات التعليمية والثقافية والإعلامية الاهتمام بحقل الدراسات المقارنة... .
3- التواصل الإنساني المباشر:
لا ريب أن الكثير من سوء الفهم والتفاهم بين الأطياف المختلفة، يعود إلى غياب التواصل المباشر بين أهل كل المكونات والأطياف.. من هنا لا يمكن أن تتعزز الوحدة الوطنية في أي وطن متنوع بدون تفعيل وتحريك عجلة التواصل المباشر بين مختلف أطرافه وأطيافه..
إننا نعتبر أن وحدة هذا الوطن بكل أطرافه ومناطقه، من منجزات الأجداد التاريخية، وان هذه الوحدة بحاجة بشكل دائم إلى التقوية والتعزيز.. ونعتقد أن إشاعة جو التواصل الإنساني المباشر بين الجميع، هو أحد المداخل الأساسية لتعزيز وحدتنا الوطنية، وتمتين أواصر العلاقة الداخلية بين مختلف الأطياف... .
نحسب أن القيم الثلاث المذكورة أعلاه، هي التي ينبغي أن تسود العلاقة بين أبناء الوطن الواحد، مهما اختلفت القناعات والأفكار.. وفي ظل الأوضاع المضطربة التي تعيشها الساحة السياسية اليوم، نحن أحوج ما نكون إلى إعطاء أولوية إلى نظام علاقتنا الداخلية كأفراد وكمكونات اجتماعية ووطنية.. لأن نظام علاقتنا الداخلية هو الذي سيحدد مقدار قوتنا الوطنية..
وأي اضطراب لا سمح الله في علاقتنا الداخلية، سينعكس سلباً على وحدتنا الوطنية.. لهذا كله تعالوا جميعاً ننقي ساحتنا الوطنية من كل الأمراض التي تضر بوحدتنا الوطنية واستقرارنا الاجتماعي والسياسي، معارضة كنا أو موالاة.
 

21. سبتمبر 2015 - 16:40

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا