السلفية المظلومة تعترض / سيد محمد ولد أخليل

ما هي السلفية في رأيك ؟ سؤال تكرر طرحه على داعية نسبه صحفي القناة الساحلية للسلفية.. حاول المسكين إجابته عليه وعلى أسئلة أخرى حول داعش والإسلام، هذه بعض الملاحظات عليها:
أولا: عجبا للإعلام - ولأهل البدع والتلفيق -

كيف يصمون السلفية بالباطل، ويظهرونها للناس كالغولة التفجيرية التي تتحلى بالقنابل ! عجبا لأهل الزيغ والباطل كيف يكذبون على الله ورسوله ببدعهم وجهلهم ثم يكذبون على السلفية التي يمثل أصحابها الإسلام الأصح، حتى لا أخرج الآخرين من رداء الرحمة الذي لا أملكه لا أنا ولا غيري (حتى لا يقال كذبا تكفيريون)..
سأجيبك هنا عزيزي عن هذا السؤال ببساطة ووضوح. السلفية إن أردت حقيقتها هي لزوم منهج السلف الصالح والجماعة، ولاحظ: "منهج السلف" أي أن الأخذ من السلف أولى من الأخذ من غيرهم، واتباعهم أولى من إتباع غيرهم، وتعظيمهم أولى من تعظيم غيرهم. هذا هو ما تقول به السلفية.
مثال: جاءنا عن بعض أهل البدع دعاء يسمى n، هذا الدعاء عند القوم محوري يتعبدون الله تبارك وتعالى به، ولكن الله تعالى لم يأمرهم بذلك، كما تؤكد السلفية بالبراهين من القرآن والحديث الصحيح.
الله تعالى لا يقبل أن يُعبد بغير ما شرع، كأن يستحسن لابس قطن أو كرتون، صلاة المغرب بعشر ركعات. نعم العشر أكثر وقد يظن أنها أبرك، ولكن الثلاثة هي التي ورد الأمر بها – وكذا فِعل النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه ومن تبعهم بإحسان - فكل ما لم يثبت الأمر به فهو مردود عند السلفية وعند كل عاقل حريص على اتباع الصحيح من الدين فهل هذه تهمة ؟ ولا يعني ذلك أن غيرهم أغبياء، ولكنه يعني أن الشيطان وظله "الهوى" موجودين، أعاذنا الله من اتباعهما.
فهل ثبت  الدعاء n في كتب الحديث ؟ هل ثبت أن أحدا من السلف الصالح كالصحابة والخلفاء الراشدين وأئمة الإسلام صلى به، وهم أقرب عهدا بالإسلام من غيرهم من المتأخرين ؟ تقول السلفية لا لم يثبت لذا نتركه بل نضرب عرض الحائط به وبقائله لأنه متهم في نظرنا بالكذب والإدعاء فهذا دين وليس لعب، ويقول خصومها لا تحجروا على الناس أيها المتطرفون فشيخنا فتحت له نوافذ الغيب وجاءه الأنبياء برسالاتهم ليبلغها عنهم إلى الناس !!
عجبا، تقول لهم السلفية من شيخكم هذا الذي أوتي من الدين والمكانة ما لم يؤته غير الرسول ؟ يقولون: بل أنتم متعصبون متشددون متطرفون حاسدون !

للأسف، أصبح الحرص على السنة والتحري في الدين وأخذه من مصادره الحقيقية تعصبا وتطرفا عند بعض أسرى الهوى والشيطان. وقادت البغضاء بعض المخالفين إلى الكذب على هذه السلفية فاتهموا على سبيل المثال وليس الحصر ابن عبد الوهاب (ولا ترتعب من اسمه فكل ما قيل فيه مجرد افتراء) بغير ما تثبته كتبه (وهي الفيصل فيه بين أهل الحق والباطل)، واتهم قبله ابن تيمية وكل من ثبت على الصحيح من الأحاديث والعبادات لا يحيد عنهما إلى ما سواهما، وعُرف عنه أخذه على ألسنة أهل البدع والإفتراء ورده عليهم بما يدحض باطلهم، وبالدليل من الكتاب والسنة وفعل السلف (فعل السلف هو أحد أهم أسباب تسميتها بالسلفية لأنها تنظر في ما كان عليه الصحابة وتابعييهم أكثر مما درج عليه شيوخ البدع ممن خالفوهم) .
وحتى اليوم، وفي هذا البرنامج، رغم قول الصحفي لحقيقة أن ما يشاع عن السلفية قد لا يكون صحيحا، إلا أنه كلما تحدث عن إرهاب أو تفجير قاتل أو تطرف ألصقه بالسلفية !! أما ضيفه الداعية فلم يكن بأعلم منه بالسلفية أو الدين، وهذه مشكلة عدم تدريس العقيدة على حقيقتها رغم أنها أهم ما في الدين.
كلاهما ظلم السلفية من حيث لا يدري. أما ظلم الصحفي لها فهو ظلم الإعلام عموما لها (بدء بالقنوات والمواقع الوطنية وانتهاء بالإسرائيلية)، لا تشتعل قنبلة إلا قيل السلفية تنفيرا للناس من الحق وشماتة فيمن يعلمون يقينا أنه لا يقتل الناس بل يحييهم بالتوحيد الحقيقي واتباع السنة ولزوم الجماعة المبارك !
وعلى الداعية المسكين مراجعة دروسه أو الإستزادة من مصادر السلفية الحقيقية، فداعش ليست من السلفية في شيء، وجهادها الذي تحدث عنه كما لو كان أصلا جهادا، ليس من الجهاد في شيء، والجهاد لعلمه لا يكون إلا مع حاكم المسلمين وله شروط كثيرة تركلها داعش بقدمها.
وليس كل من خرج واتصف بصفات الخليفة من طول وعظم لحية يمكنه أن يكون خليفة للمسلمين كما قال الداعية ! فليراجع معلوماته فهي إن كانت سلفية ناقصة، وداعش وغيرها جماعات خارجية، يعني من الخوارج المنبوذين بشهادة الرسول صلى الله عليه وسلم ، نسأل الله للمسلمين الهداية والعافية..
عدنا الآن إلى الركن الثاني من أركان تعريف السلفية الحقيقية وهو: "الجماعة" فأهل السنة لا يتجاوزون السنة مثل غيرهم من المزيفين إلى ما ليس منها، وهم أيضا بعكس الدواعش المارقين أهل الجماعة ووحدة الكلمة.
إن كلمة الجماعة تُخرج داعش وكل الخوارج من قبلها. إنها تعني طاعة الحاكم المسلم الجميل مهما كان - في غير الكفر - وإن ضرب الظهور وأخذ الأموال، فكيف تكون السلفية موافقة لداعش ؟
بل كيف يسمى الدواعش بالسلفية الجهادية، كأنهم يخرجون والسلفية من مشكاة واحدة، والسلفية هي التي قاتلتهم في زمن علي بن أبي طالب (بواسطة السلف الصالح من الصحابة الكرام)، ولا زالت تقاتلهم حتى اليوم رغم كذبهم على ابن تيمية وإظهاره في بعض فيديوهاتهم تشويها له ولدعوته الصحيحة، وهو أكبر عدو لهم (مما يؤيد نظرية تبعية داعش لأعداء الإسلام – الغرب - المشوهين له ولعلمائه خصوصا علماء السلفية لأن علماء البدعة سالمون من الغرب بل هم أوليائهم في كل زمان ومكان – زمن المستعمر قريب - لإشتراكهم في نفس الهدف وهو تدمير الإسلام والمسلمين، وما أضعف العالم الإسلامي اليوم إلا البدع التي تسببت في سوء فهمه لدينه للأسف، ولا زال البعض يتغنى بها أراحنا الله منه أو هداه).
وأنظر إلى توجه علماء المملكة التي يتهمها أهل الزيغ جميعا بدءا بأهل البدع ومرورا بأهل التفسخ والعلمانية، بالتطرف والإرهاب، تجد كل علمائها ضد فكر داعش، وضد الخروج على الحاكم، وضد البدع، وضد.. ولكن الكذبة يظلمون..
وبالمناسبة تأمل في اسم داعش "تنظيم الدولة الإسلامية"، الإعلام الوحيد الذي أعمى متابعيه بهذه الجملة المسيئة في حقيقتها إلى الإسلام - كما أساءت كلمة السلفية الجهادية إلى السلفية - هو الإعلام العربي الذي يكتبها بالخط العريض أسفل كل تفجير. وأنا شخصيا متابع للإعلام الفرنسي وتجده أذكى من الإعلام العربي رغم حرب دوله الظالمة على الإسلام والمسلمين، فلا يذكر هذه الجملة خشية الإساءة إلى الإسلام، بل يذكر "داعش" فقط.
بل رأيت من الرئيس الفرنسي "هولاند" عجبا، ففي خطابه أمام البرلمان الذي طلب فيه تمديد فترة الطوارئ في فرنسا بعد التفجيرات الأخيرة، لم يقل أبدا "تنظيم الدولة الإسلامية" لأن هذا يوحي بأن الإسلام هو داعش وداعش هي الإسلام، بل اكتفى بذكر اسم داعش وحده، وهذا النوع من العدل على ما فيهم من ضلال هو سبب استمرار ملكهم حتى اليوم، إن لهم أخلاق في تعاملهم مع بعضهم البعض من صدق وعدل وتناصح نفتقدها نحن المسلمون لهذا فنحن أذلاء يحب بعضنا الإساءة إلى مخالفيهم ولو بالكذب والتلفيق، لا يتقون الله فيهم وهم يزعمون أنهم على شيء تعسا لما هم عليه..
فاتقوا الله في السلفية فهي خير في أهل البدع والخوارج من آبائهم وأمهاتهم لأنها تخلصهم من أدران الباطل المثقلة يوم القيامة يوم لا ينفع مال ولا بنون ولا شيخ إلا إذا صلح العمل.. أقول هذا نصحا لله ورسوله وللمؤمنين..
 

11. ديسمبر 2015 - 17:20

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا