جراحٌ كثيرة يجب أن تضمده خلال قمة "نواكشوط"العربية / باب ولد سيد أحمد لعلي

أهلا وسهلا بضيوف موريتانيا وبالحكام العرب ، هذا ما يمكن أن يقوله ويشعر به في الخفاء أيّ أبله يعيش في هذا الوطن ، أهلا بالضيوف بمن حملت لنا الأقدار من العرب من نسل حمير وكهلا وربيعة ومضر وما نسجت بعد ذلك الأعراق ولطخت وضمت إلى تلك المكونات ...
أيها الأخوة لا حاجة لنا بذكر سماحة الشعب الموريتاني ولا كرمه 

ولا تعلقه بالعروبة ومحبته للعرب ، كل ذلك تشهدون أنتم عليه وتشهد عليه العقود القليلة المنصرمة ، حين كنتم يا معشر العرب تنكرون عروبتنا وتجهلوها ، بجهلكم لمعالم وتفاصيل هذا الأقليم العربي النائي ، وليس ذلك راجع إلا إلى نهضة بلادنا العلمية التي اشتهرت بها أيام انتكاستكم أنتم وتهاونكم أنتم وغيابكم الطويل والمزمن ...
نحن وأنتم رغم كل شي لحم ودم واحد وتاريخ واحد تجمعنا أمور كثيرة منها الاعتقاد والعرف واللسان والانتماء وهذا يكفي ، لقد عشنا في هذا البرزخ أغراب نصنع تاريخنا الصامت عبر هذه الصحراء الكبيرة الممتدة ، فلم تستطع هذه الصحراء طمسنا ولا تغيبنا بل سخرناها وصنعنا فيها تاريخنا وأعرافنا بكل صبر وحزم وأناة ، كنا نتخذ من ظهور العيس مدرسة كما بين ذلك شاعرنا ، وكان السياسي يحمي الزاوي ويتقرب إليه بالمودة زلفا حبا في دين الدين وتعلفا بشرعة ، لترسم تلك العلاقة خارطة تشكلنا الاجتماعي بعد اندماجنا بشكل تام في بعضنا البعض بربرا وعربا ...
ثم أخذنا من المستعمر الدولة بأعباء كثيرة وانجازات معدومة ومن ذلك الحين ونحن رغم ما تعرضنا له من جفاء وقسوة نسير على دربنا هذا ، فأهلا بكم وسهلا ...
أيها القادة من عادة الناس البسطاء أن يتشرفوا بقادتهم ويشعروا بالفخر عندما يسمعوا ذكرهم ، ويحسوا أن بينهم وإياهم علاقة قوية تنعكس بتبني القادة لتطلعات الشعوب وتذليل كل صعاب لهم ... فهل يحدث ذلك فينا نحن العرب مثلا ؟
أيها السادة الرؤساء ويا أصحاب الفخامة عليكم أن تلتفتوا على وضع الإنسان العربي وتحاولوا أن تتفهموا ما يعشه من ذل وقهر وضياع وغربة في بلدانه فهل أنتم فعلا تهتمون بذلك أصلا؟
أيها السادة إن مصلحة العرب أولى وأهم من المصالح كلها ، فكيف تستجيبون طواعية لتطلعات أجهزة الأمن الغربية دون مراعاة المصالح الشخصية لشعوبكم ؟، كيف تنجرفون نحو أي مخطط غربي عن وعي وعن غير وعي من أجل أن تحظوا برضاهم هم على حساب رضا شعوبكم وضمائركم ؟ أيها السادة ويا أصحاب الفخامة هل يمكن أن تصدقونا القول وتحكوا لناعن تفاصيل العلاقة التي تربطكم بالغرب وبأمريكا بالذات؟.
دعوكم من هذا كله فرغم كل شيء نحن عاجزين ليس لنا أمل في غيركم ، فكل من خرج وساء وتصرف بفعل مكبوتات دفينة حاربتموه وجرمتموه وكأنه لا يوجد طريق للأمل الذي نشده جميعا إلا الطريق الذي اخترتموه أنتم وسيّرتمونا عليه ، رغم أنه ومنذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وبعد إنشاء جامعتكم العربية هذه التي كان للإنجليز دور أساسي في تأسيسها لم يتحقق أي شيء من ما أعلنتم أنكم تصبون إليه .
كيف لنا أن نتقدم ونصل إلى شيء ونصفنا يكفر نصفنا وبعضنا يتكبر عن بعضنا ونقر فينا المؤامرات والدسائس والخدائع ؟.
هل نسيتم أيها السادة موقفكم من العراق ومن حربه 2003 ؟ كيف سولت لكم أرواحكم السماح بذلك ؟ هل نسيتم هزيمتكم أمام إسرائيل 1967م وتطبيعكم واحدا تلو الآخر معها في اتفاقيات مختلفة وإن كان مضمون ما أفرزت واحد، بدءا بكام ديفد مروار إلى أوسلو وصولا إلى واد عربة،؟كيف تسمحون بوضع سوريا الآن وتسعون إلى تقزيمه؟ وتسكتون عن نساء تُرمل يوميا وأطفال تُيتمُ يوميا وعن شيوخ يقتلون وأيامى يصارعون حتى الموت؟
وكيف سولت لكم أنفسكم الزج باليمن في متاهته كتلك من أجل تحقيق مآرب وأهداف يعلمها الله ، قد تكون تصبُ في مصلحة الغرب الغاشم أكثر من مصلحتنا نحن ؟
وكيف تعون تجزيء دينكم الذي نصركم الله به ومكنكم به من الأمم والشعوب وصرتم بقريش سادتها ، وتقولوا هذا إسلام معتدل وذا آخر وسط وذاك ثالث في منزلة بين المنزلتين على العلم من أن نوره يصدر من سراج واحد وما يجمع فيه أكثر مما يفرق ، والاختلاف فيه كما أقر الفقهاء رحمة وليس نقمة ؟
أيها السادة أصحاب الفخامة وأيها الأخوة وأبناء العمومة العرب إنا لفرحون بكم ومعاتبون لكم بقدر فرحتنا تلك ، فلا يهم الماضي أبدا وإنما المهم صناعة المستقبل والمحاولة بقدر المستطاع التكفير عن الماضي بخطوات واعية جديدة ...
فالجراح في جسمنا العربي غائرة يستحيل أن تندمل بسهولة والخُطب التي ألمت وتلمُ بنا بفعل فاعل أو من جراء خطايانا نحن أدهى وأمرُّ وليس في قلوبنا منذ أمد بعيد مكان للفرحة ، ونحن نعايش المكائد والدسائس ونقرها رحمة على شعوبنا ونشارك في تدميرهم ونلطخ أيدينا بدمائهم ...
لقد اتخذتم "الأمل" اسما لقمتكم هذه وفيها من القضايا والمشاكل ما يعجز اللسان عن وصفه ، وليس اتخاذكم اسم الأمل إلا بعد استشعاركم معاناتنا ويقينكم بضرورية الأمل في حياتنا السياسية والاجتماعية ، فعليكم به من خلال مناقشة كل المشاكل التي لا تخفى عليكم والتي لستم بحاجة لمن يذكركم بها أيها الزعماء ...
ولا أنسى في هذا المقام مشاكل المِصْرِ الذي تنزلون به وما يعاني منه العرب في أطرافه دولته من مشاكل مثل مشكل الصحراء ومشاكل الأخوة في أزواد على العلم أنهم من نفس الفضاء الاجتماعي الذي ننتمي نحن الموريتانيين إليهم ، وقد قسمتنا إرادة المستعمر ونزواته ....
أتمنى أن لا يكون الاجتماع المقبل للعرب في نواكشوط مجرد اجتماع لسماع خطابات من قادة غرتهم كراسيهم وتفاخروا بها وظنوا أنهم على شيء وهم عكس ذلك ، أتمنى أن تناقش المواضيع المحورية وتقدم حلولا ويسعى الجميع إلى تطبيقها على أرض الواقع ، نحن بحاجة إلى دول عربية تعي ذاتها أيها السادة، وذلك لن يتحقق إلا من خلال السعيّ في الخيارات التي تدفع للوحدة وللمستقبل المشترك.

 

18. يوليو 2016 - 11:41

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا