للإصلاح كلمة تتعلق بالنتيجة الوحيدة للقمة العربية في انواكشوط / محمدو بن البار

كلمة الإصلاح هذه المرة تصرح للقراء الكرام أن زمن انعقاد القمة العربية في انواكشوط كانت هي خارج انواكشوط وأدوات الكتابة والانترنت لم تكن متوفرة عندها ، والآن وبعد استعراضها لنتائج تلك القمة ـ فإنها تود باسمها الشخصي أن تهنئ دنيويا نفسها أولا لكوني موريتاني الأصل والمنشأ ، وتهنئ 

الشعب الموريتاني وبالذات رئيس الدولة وحكومته ، أهنئ الجميع بهذا النجاح الدنيوي الفائق،وهنا أؤكد أن هذا النجاح الباهر خاص بالشعب الموريتاني دون الجامعة العربية ، وخصوصية النجاح تنحصر في أن القمة العربية انعقدت في انواكشوط بكل نظام وأمن واعـتزاز فهي النتيجة الوحيدة لهذه القمة .
فنحن الموريتانيون جميعا ولا استـثـني شيخا ولا شابا ذكرا أو أنـثى عالما أو جاهلا حضريا أو بدويا إلا وأشرب في قـلبه وجسمه من حب العرب ما يتغذى به جسمه يوميا بغض النظر هل العرب مسلمون أو غير مسلمين؟ وهل هم أغـنياء أو فقراء الخ؟ بل لتـلك التسمية فقط في قلب الموريتاني الأصيل مكان حب وفخر لم يكن حل من قـبل .
فمن هذه الناحية أعود لأهنئ نفسي والشعب الموريتاني قائلا لهم ما كنتم تتمنونه من قلوبكم المخلصة له (وهو الجنس العربي ) هاهو بلحمه ودمه مجتمع عندكم في عاصمتكم لتسمعوه من قريب ما تكنون له من حب وعز وإكبار .
ولاشك أنـكم نجحتم في رسالتكم هذه الخارجة من قلوبكم ولو كانت في الحقيقة مرسلة إلى مكان الاسم الماضي فقط ( العرب ) .
فقد شاهد هذا الاسم العربي ـ الموريتانيين على حقيقتهم وهم يحتفون بهذا الاسم العربي الزائر لأول مرة ، وقد كشفوا له عن أريحيتهم المعهودة وبساطتهم وحبهم لهذا الجنس العربي وفخر جميع شرائحهم ومكوناتهم بالانتساب له ، تلك الأريحية والبساطة والسلوك الطيب الذي يعني الثقافة العالية بدون تطاول والتضامن المخلص مع كل ما هو عربي .
فقد ظهر أن الموريتاني بكل طوائفه وانتماآته وأيا كان موجودا يحمل للعرب عاطفة جياشة تظهر عند كل المناسبات العربية وهي التي يجب عنده أن يكون عليها الإجماع .
وهنا أتوقف عند هذه التهنئة الدنيوية التي بدأتها بنفسي لأن هذا الحدث بالنسبة لها دواء وافق هوى حتى ولو كانت نفسي هنا أمارة بالسوء أو مطمئنة ـ أو راضية المهم عندي ها هم العرب مجتمعون في العاصمة الموريتانية .
ومن هنا أبدأ ملاحظتي على هذه القمة العربية وعلينا نحن الموريتانيين بالذات لفقد هذه القمة على أرضنا أي عبارة أو مسحة إسلامية تفرق بينـنا وبين الاجتماعات في الدول الأوربية .
فنحن الموريتانيون ولله الحمد يضمنا الإسلام جميعا موالاتـنا ومعارضتـنا وشرائحنا ـ ونتيجة لتـلك الظاهرة الحميدة ـ فإن كل من مات منا مواليا أو معارضا أو شرائحيا يكتب في تأبينه أو نعيه قوله تعالى: (( يأيتها النفس المطمئنة أرجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنـتي )) هذه الآية كما نعلم جميعا نتيجة لإسلامنا المتساوون في التيامن به ، سواء كان الميت ينتمي لأي حزب إسلامي أويميني أو يساري أو شرائحي كما هي اصطلاحاتهم .
فنحن عند موتنا نتوحد جميعا لموتانا ، فهذه النفس التي يتمنى لها أهل الدنيا أن تدخل الجنة ، وأن تكون بين عباد الله الصالحين عليها هي نفسها أن تكون زرعت لنفسها هذه المنزلة لتحصدها ساعة احتياجها لها .
فهي إذا كانت موالية أو معارضة أو شرائحية الخ فهل لاحظت في وصفها هذا شروط الموالاة والمعارضة والشرائحية وسلكت فيها الطريق المستقيم .
لتأتي الأوامر بالدخول في الجنة بين عباد الله الصالحين من عند من يملك الأمر بدخول تـلك الأماكن لا أن تكون آتية من أهل الدنيا الذين بقوا وراءها لا يملكون لأنفسهم موتا ولا حياة ولا نشورا .
فنحن المسلمون نعرف أن من كان منا في دراسته الابتدائية فهو يفكر في جعل حياته الدنيوية سعيدة فإذا وصلنا إلى هذه السعادة الدنيوية الزائلة فلماذا لا نفكر في الحياة التي بعدها المستقبلية  المفروضة الدوام فنعمل ما في استطاعتـنا لخدمة تؤدي إليها فإذا انحرفنا نبادر بالتوبة ونستأنف العمل .
فأول ملاحظة لي علي تلك القمة أنني لم أسمع ولم أقرأ كلمة واحدة تذكر بالإسلام وما يجب أن يعمل لأجله في المستـقبل لا في خطب المتدخلين الموريتانيين ولا غيرهم من العرب ، وكذلك لا في كتابة الكتاب ولا المدونين في المواقع في الموضوع ، وكأنه بالنسبة للإسلام اجتماع اتحاد الأوربي بل أني أشفقت كثيرا عندما سمعت أحد الوزراء وأظنه وزير الخارجية عندما بدأ قراءة استلامه لرئاسة الفترة القادمة لم يذكر اسم الله عند البداية وكل الموريتانيين يحفظ أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال أن كل أمر مهم لم يبدأ فيه باسم الله فهو مبتور أو ناقص البركة الخ .
مع أن عمل الجامعة العربية من يوم سلخت نفسها عن الإسلام واستـقلت عنه فأعمالها كلها مبتورة .
أما الملاحظة الثانية : فهي أنه قبـل انعقاد القمة بقـليل منعت موريتانيا بسلطتها الدنيوية المعتمدة على أشخاص البشرـ الداعية الكبير طارق رمضان من دخول الأراضي الموريتانية الإسلامية ليسمع المسلمين فيها ما أمرهم الله به من العمل في القول والفعل على الطريق المستقيم ولم يستـنكر هذا العمل أي موال أو معارض أو شرائحي إلا الباحث العاقـل الابر الخليل النحوي .
فإن كان هذا المنع سبـبه انعقاد القمة العربية فهذه كارثة موريتانية شوهت هذا الاجتماع  وهذا النجاح قبل أن يقع وكل من سكت على هذه الكارثة بما وجهه إليه الإسلام من درجة الإنكار فقد شارك السلطة في هذه الكارثة الأخروية التي لاشك أنها كتبت تحت اسم كل من أمر بها أو سكت عليها في خانة قوله تعالى (( يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء )) الخ الآية .
ولاشك أن ذلك المحاضر الإسلامي قال للأراضي الموريتانية لولا أن سلطتـك الدنيوية منعتني من دخولك لدخلت وأودعت في قلوب ذلك الشعب الطيب من الكلام الذي يرفعه الله إليه مباشرة .
وكان من لطف الله بالموريتانيين أنه لم يجمع لهم بمناسبة هذا المؤتمر بين طرد ذلك العالم الكبير والمفكر الإسلامي الموهوب (ولا أزكي على الله أحدا) وبين حضور السيسي للقمة فلو اجتمع لهم طرد ذلك العالم الذي هو خير بعمله الظاهر لأهل الدنيا وبين الذي هو أدنى بعمله الظاهر لأهل الدنيا لكانت الكارثة أكبر ، ولكان يوشك عند أهل الدنيا أن تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريبا من دارهم.
فهذا الطرد كان يحتاج إلى استـفتاء من الشعب كاحتياج استدعاء معاوية لسفارة اسرائيل فوق الأرض الموريتانية ، فإن فعل عكس أفكار غالبية الشعب المعروفة يجب الاستـفتاء قـبله لأن الرئيس وكيلا عن الشعب في مصلحة الشعب فقط  لا أغراضه هو الشخصية .
أما الملاحظة الثالثة : فهي على ما يسمى بالمؤتمرين العرب ، فإن خطاب الرئيس أمامهم أوضح فيه سبب مرضهم المزمن وهو إتباعهم للغرب غير المسلم الحاقد على العرب والمسلمين وهو الذي يقـتـل يوميا بـيده وأيد المؤمنين ـ المسلمين في كل أقطارها .
فجميع بؤر القـتل الآن فوق أرض المسلمين في الدول الآسوية العربية والمسلمة ودول إفريقيا العربية والمسلمة الذي يقـتـل الأوربيون فيها بسلاحهم مباشرة أو بواسطة المسلمين ،فلو انتهز المؤتمرون مضمون خطاب الرئيس وجعلوا في البيان الختامي كلمة تخاطب أوربا وأمريكا والروس بهذه الكلمة وهي ارفعوا أيديكم عن قــتل المسلمين واتركوا جيوشنا العربية الإسلامية تقاتـل الخارج من المسلمين على أهل الإسلام سواء كان داعشا أو القاعدة أو بوكوحرام أو طالبان الخ آخره لكان هذا المؤتمر هو أنجح مؤتمر عربي انعقد من يوم ولدت العرب أمهاتهم ، ويقال لأوربا والعالم أجمع أن البديل هو الجيش الإسلامي الذي أسس له مؤخرا في السعودية وكذلك فإن أقرب قضية إليهم هي قضية الصحراء التي أرغمت شياطين الجن قرناءهم من الإنس في المنطقة بقاء جزء من شعب عربي مسلم مدة ما يقرب من أربعين سنة في جحور المخيمات يرتزقون من أوساخ الأمم المتحدة ، فلم يتكلموا في القضية بكلمة واحدة تنهي هذه الكارثة البسيطة ولو على أي اتجاه .
فينعم هذا الجزء من الشعب بما ينعم به إخوتهم في أنحاء الصحراء وفي موريتانيا بالذات فهم جزء منا أو نحن جزء منهم طوعا أو كرها بالنسبة لنا ولهم فكان ينبغي أن يكون الحل في موريتانيا وإليها ومنها بأي وسيلة يفكر فيها المؤتمرون ويقـبلها الأطراف .
أما الملاحظة الرابعة فكلها تتعلق بمقابلة رئيس الدولة مع مديرة جريدة الأهرام المصرية فتـلك المقابلة انقسمت إلى شقين :
الشق الأول مضمونه الشتم والإهانة للسيسي لأن كل مدح قاله الرئيس عن إدارته لموريتانيا فهو هجوم شبه مباشر على السيسي وتحطيم له في إدارته لمصر بعد انقلابه على اختيار شعبها .
فالرئيس قال أنه حصل على حسن إدارته لموريتانيا بأنه ترك الحرية وأبوابها مشرعة في كل اتجاه بما في ذلك التظاهرات والإعلام بجميع أنواعه وأنه لم يكن عنده طيلة القترة المتقدمة أي سجين سياسي ، ومن هنا ذبح الرئيس  السيسي والحمد لله رب العالمين .
وجميع القارئين لهذه الفقرات يدرك أن كل كلمة في مدح الرئيس الموريتاني في تلك المقابلة تـنقلب تلقائيا إدانة مباشرة وإهانة للسيسي كما يعلم العالم  .
وهنا أرجوا من القارئ الكريم أن ينوب عنا في قراءة المقابلة مرة أخرى لنشر هذه الحقيقة من جديد .
أما الشق الآخر من المقابلة فيظهر أن رئيس موريتانيا لم يراجع فيها حياته الأخروية التي لا يدرك متى ستبدأ كما قال تعالى (( أو لم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء وأن عسى أن يكون قد اقـتـرب أجلهم فبأي حديث بعده يؤمنون )) .
فـلقد عكس الرئيس في آخر تـلك المقابلة جميع ما عند العقلاء في العالم مسلمين أو غير مسلمين من ما يجري في مصر الآن من الكوارث الإنسانية بعد انقلاب السيسي  على الحكم المدني وذلك على النحو التالي :
أولا : قال الرئيس: أنه لولا تدخل الجيش المصري في 30 يوليو لوقعت كارثة في المنطقة وهنا على الرئيس أن يعول أن هذه الكلمة كتبت بجانب الكلمات التي عبر عنها القرآن بقوله تعالى ((كبرت كلمة تخرج من أفواههم )) .
السيد/ الرئيس أرجو أن تحصى ما وقع من القـتـل في المصريين بعد ذلك الانقلاب من جميع المصريين على مختـلف مشاربهم ( هذه هي الكارثة التي وقعت بالفعل )  .
وهنا يسأل أهل سيناء وهم جزء من الشعب المصري هل يتصورون كارثة يمكن أن تحل بهم أكبر من ما هم فيه الآن من الكوارث: شعب هدمت منازله وشرد، وأصبح لاجئـا في وطنه .
ثانيا : قال الرئيس : إن السيسي جاء إثر ثورة شعبية  هذه الكلمة أخت الكلمة السابقة ، لأن تـلك الثورة هي التي أهلها لم يجدوا لتسميتهم إلا التمرد كما سمى الله الشيطان بذلك ، (( وحفظا من كل شيطان مارد)) بمعنى أن الله أعمى بصيرتهم عن كل مسميات التغيير إلى أحسن ، ولذا ظهر لهؤلاء المتمردون أن الانقلاب مخابراتي موله من موله ومن ينـتـظر أن يرى في سجله الأخروي جميع الأرواح التي أزهقت والسجون التي ملئت إلى آخره .
والأدهى من ذلك والأمر أن الجيش المصري وجد مصر دولة كبيرة محترمة عندها مسحة تاريخية عميقة في كل الميادين فتركها (بطة) منتوفة الكرامة والإباء من طرف جيشها ، وشعبها  عليه غبرة ترهقها قترة .
فقضاتها وعلماؤها وضباطها الجميع أصبح مضحكة للعالم وظهر للعالم أن مصر لم تبـق هي أم الدنيا التي يشعـر أهلها بأن وارءها الآخرة فلم ينظروا أن دنياهم سوف تكون عن قريب أحاديث كما صارت أحاديث عن من قبـلهم الذين كانو أكثر منهم وأشد قوة وآثارا في الأرض  وعمروها أكثر من ما عمروها .
وفي الأخير فإن الرئيس الموريتاني نسي أن يقارن للصحفية المديرة بينه والسيسي في قضية فلسطين وإسرائيل فالرئيس الموريتاني يكره اسرائيل من قـلبه كما يحب الفلسطنيين من قـلبه وقد قال أن نـتـنـياه لا يعرف إلا القــتل ، وهذه الكلمة هي أكبر صفعة وجهها الرئيس الموريتاني للسيسي لأنها ضد صديقه الحميم نـتـنياه .
أما السيسي فإنه يحب اسرائيل من قـلبه ويكره الفلسطينيين من قلبه ، وأكبر إهانة للعرب ما يقدمه السيسي الآن ودولته هي مقر الجامعة العربية من العلاقة الحمبمة بـينه واسرائيل وبغضه الشديد للفلسطينيين.
ونـقول للرئيس الموريتاني في شأن السيسي ما وجهه الله إليه هو وأمثـاله وهو قوله تعالى    ((ولا تـركنوا إلى الذين ظـلموا فـتـمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم ى تـنصرون))  

9. أغسطس 2016 - 23:10

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا