عن بُعد! حول ظاهرة اعتقال الطالبات في موريتانيا../ محمدن ولد محمد غلام

altلا تكاد توجد -في قاموس التدافع السياسي- مفردة أكثر ابتذالا وسقوطا من كلمة "اعتقال" خاصة عندما يمارسها الطرف السياسي الممسك بخيوط العملية ضد خصومه من الساسة، أو من ضحايا تصرفاته؛ من النقابات العمالية أو الطلابية، وحتى من عامة أفراد شعبه.

. تسترا على عوار تصرفات فاضحة من مؤسسات الدولة الواقعة تحت إمرته، أو تغطية لشمس أزمات خانقة بات سطوع مظاهرها الاقتصادية والاجتماعية عصيا على التغطية بغربال التزييف وقلب الحقائق. 

 

العدالة في توزيع المظالم نعم إن مفردة الاعتقال السياسي مفردة مقززة بالفعل! تحيل إلى عجز السلطات عن مواجهة الواقع المرّ الذي تعانيه البلاد، بل وعجزها حتى عن إدارة الأزمات التي أوجدتها بتصرفاتها المتهورة وقراراتها الارتجالية.. فما بالك إذا كان الاعتقال السياسي أوالنقابي المشين يرتكب في حق طالبات العلم الطاهرات؟!. أفهم أن الطالبة مسؤولة أمام التاريخ عن الدفاع عن ثوابت أمتها ومصالح شعبها بالطرق القانونية – على غرار شقيقها الطالب – وأفهم أن الطالب (أقصد الفتى) بسبب تصديه لهذ المسؤولية، قد تعرض لمظالم شتى على أيدي ظالم أخته الطالبة، بعد رفعه لصوته مدويا في الدفاع عن رسالته العلمية بمؤسساتها ومنتسبيها بشكل مشرّف، لكنني لا أستطيع أن أستسيغ تبرير ظلم الفتاة / الطالبة الموريتانية ومعاملتها معاملة تخرج عن سياق الأعراف والقيم التي تعارف عليها المجتمع الموريتاني، بحجة أن أخاها الطالب يظلم هو الآخر! 

 

قصب السبق في اعتقال الطالبات مع أننا لا نملك أي سابقة في عصر حكامنا المستبدين وساستنا المتهورين أقدموا فيها على سجن الفتيات الطالبات من صفوف الدراسة وداخل الحرم الجامعي، لمجرد الاختلاف معهن في تقدير أحقيتهن في الدفاع عن حقوقهن المشروعة والتعبير عن آرائهن حول ما وصلت إليه مؤسساتهن الجامعية من تردٍّ وانحطاط يدمى له قلب كل من خبر صفوف الدرس وتفيأ ظلال الحرم الجامعي! إلا أننا لا يمكن أن نتوقع تقويما إيجابيا للقائمين على ممارسة مشينة كهذه، من طرف المجتمع الموريتاني المعروف بقوة ذاكرته وقساوة أحكامه على حكامه المقصّرين في حقه، المتجاوزين للحدود في الاستخفاف بقيمه ومسلماته. وإن بعد حين.

 

قليلا من الحياء! لا أتحدث هنا إلى رئيس الجمهورية الذي تسجل الذاكرة الجمعية لموريتانيا (الدولة والشعب) كلَّ هذه المثالب والمظالم والسقطات السياسية والقانونية والأخلاقية على حسابه الشخصي والتاريخي شاء أم أبى - مع احترامي الكامل لشخصه - وقد سبق أن كتبت إليه ناصحا ومذكّرا. كما أنني لا أتحدث أيضا إلى الانتهازيين المتربصين – في مفاصل الدولة ومواقع صنع القرار – الذين من مصلحتهم افتعال الأزمات المتزامنة وتصاعدها، ليحمّلوا رأس النظام مسؤولية الوضع المتدهور ويتمكنوا من الظهور - في الوقت المناسب - كمنقذين!  لا أتحدث كذلك إلى نخبتنا السياسية في الموالاة ممن مردوا على التزلف والتلون لكل حاكم وإن أخطأ؛ ليلقوا به إلى التهلكة الأخلاقية والسياسية والقانونية بالتصفيق الخادع و الدفاع الصفيق عن كل موبقاته، قبل أن يتبرأوا منه مع أول عثرة جدية يعثرها؛ للبدء برحلة إنتاج الذات من جديد بالتعامل مع "المصحِّح" أو "المنقذ" الجديد، وكأن شيئا لم يقع!. إنما أتحدث - فقط - وفقط ! لأقول إن هذه الظاهرة المشينة التي أصبحت تتكرر بتكرار الأزمات في موريتانيا – وهي كثيرة وكبيرة - ظاهرة لايمكن وصفها بأنها أقل من ظاهرة مشينة؛ لمن يرتكبها أو يغطيها أو يتغاضى عنها من الشاطين الخرس أو المتحدّثين..

11. مارس 2012 - 14:10

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا