مسار موريتانيا السياسي الجديد معلبٌ مع الرئيس من فرنسا / باب ولد سيد أحمد لعلي

ولد عبد العزيز الرئيس المغاضب والقائد الذي لا يستكين للضغوط الغربية ولا الفرنسية ينزل ضيفا على الرئيس الفرنسي يوم 12/04/2017 ولمدة ساعة تنيف على قليل وبعد يوم من قدومه لفرنسا مع وفد يضم مستشارين ووزير الخارجية والصحة بالإضافة إلى أعضاء من السلك الدبلوماسي ، أي دلالة يمكن استخلاصها من ذلك ؟ وخصوصا عند الاطلاع 

على البيان الصادر من قصر الايليزي بعد لقاء الرئيسين والذي ركز على الأمن ومحاربة الإرهاب والإشادة بدور موريتانيا فيه ، مع تذكيرها في ما بذلت فرنسا التي تصدرت قائمة المناحين لموريتانيا دعما لتنميتها المحلية...
وقبل اللقاء بساعات تصدر الوكالة الموريتانية للأنباء تقريرا يستعرض نموذجية العلاقات الموريتانية الفرنسية منذ حقبة ولد عبد العزيز أو مأموريته الثانية ، وهي المأمورية التي كنا في مختلف مراحل سنواتها الفائتة  نظن عكس ذلك من فعل  كلام الرئيس نفسه وتصريحاته عن فرنسا ...
كأننا أمام إحدى العجائب أو كأن كلام الذين يصنعون القرار في دولتنا يناقض مدلوله في كثير من الأحيان ، فمن المؤكد أن كل هذا يستدعي استرجاع تصريحات الرئيس محمد ولد عبد العزيز عن اتفاقية الصيد وعن ما قال عن نوايا فرنسا ، كما يستدعي استرجاع تصريحاته التي حاول أن يدعم فيها مقترح الأغلبية في شأن التعديلات الدستورية عن العلم والنشيد ، وما أبداه من تحد للإدارة الفرنسية ولإرث علاقتها التاريخية مع موريتانيا ...
طبعا هناك أشياء تُلفت الانتباه زيادة على ذلك ، على العلم أننا سنركز هنا على حقبة ما بعد مقترح التعديلات الدستورية التي أسقطته الغرفة الثانية من البرلمان ، فقد سبق فترة الحوار المؤدي إلى ذلك احتقان دبلوماسي كبير من موريتانيا وفرنسا من جهة وموريتانيا والمغرب والسنغال من جهة أخرى ، أي علاقة لهذه بتلك ؟
اعتقد أن الربط بين تلك المتغيرات الدبلوماسية بسيط جدا مع العلم أن استنطاق دلالات ذلك الخلاف الذي لم يقسوا فترة إلا ليخفّ أخرى صعب جدا ، فولد عبد العزيز كان في زيارة خاصة لملك المغرب قبل انقلابه على سيدي بيومين ، والسنغال هي من أنهى الأزمة التي نشبت بعد انقلاب 6/08/2008 وهذا دليل كافي للجزم بأن فرنسا كانت في الخفاء تدعم الانقلاب ، بغض النظر عن ما إذا كانت تدعمه تحت ظل رشوة ما أو غير ذلك ، لكن والظروف هذه والحال الذي نحن فيه ينبئ ببدء مرحلة سياسي جديدة على موريتانيا قد يكون ولد عبد العزيز خارجها بشكل أو بآخر كما هو متوقع ، هل ستمرّ الشفينة حسب التوقعات أم أن الأمر تلافى هناك؟ ....
لكن قبل الإيجابة على ذلك المهم عندنا هنا هو قراءة زيارة الرئيس لفرنسا وما هو تأثيرها على مستقبل الرجل السياسي؟ هل كان فعلا يريد مخرجا من المأزق الذي وضعته أغلبيته فيه بفعل إقناعه بالتعديلات الدستورية الجديدة؟
وأقول مأزق لأن الرئيس حسب ما بدا في مؤتمر الصحفي الذي نظم بعد تصويت الشيوخ بلا ورفضهم لتعديلاته الدستورية قال أنه كانت في مخرجات الحوار ما لم يُقدم وما لم يعلم به إلى عند إثارته في نفس الوقت الذي أكد فيه عدد من الشيوخ على وسائل إعلامية أن قادة في الأغلبية اتصلوا عليهم وهنأوهم ، واعتقد أن ربط هذا الأمر الأخير بما أُدمج دون علم الرئيس يعطي نتيجة سلبية في مستقبل حكم الرجل ، أي أن هناك في أغلبيته من يسعى للتخلص منه وهو لا يدري ..
زيادة على ذلك لقد وعد الرئيس الموريتاني في لقائه الصحفي الأخير بالتغلب على المشاكل التي تخص الأغلبية معتبرا أن المشاكل مشاكل داخلية واعدا بإعادة البيت الداخلي للأغلبية ، وأعلن الحزب الحاكم بعد ذلك عن دورة طارئة له ستعقد نهاية مارس ، وقد عُقدت لقاءات جمعت قادة الأغلبية الرئيسين المتصارعين على النفوذ ومات الأمر بعد ذلك ولم يعد أحد يذكر بيت الأغلبية ولا تشيده ...
اما فيما يتعلق بفرنسا فقد استاءت من تغيبها حسب ما سُرب من معلومات عن ورشات الحوار الشامل ، وعبرت عن استيائها من ذلك ببيانات صادمة اعتبرت من خلال تلك البيانات أن موريتانيا وتفرغ زينة وشواطئها وجزء كبير منها مناطق غير آمنة محذرة رعياها من التجول في تلك المناطق التي حددت سلفا ، واشفع ولد عبد العزيز تلك القضية بتصريحه بلامبالاته بما يصدر في التقارير الفرنسية بشأن المناطق الآمنة وغير الآمنة ساخرا من تصنيفاتها حول تلك القضية ...
ثم ما لبتنا أن خفتت أو اختفى الصوت الحاد الذي كان يرسم طريق الأغلبية بعد إسقاط الشيوخ لتعديلات النظام الدستورية ، وأعلن وزير الخارجية الفرنسي عن زيارة مفاجئة لموريتانيا نظم خلالها مشورات مع مؤسسات رسمية ، وعقب ذلك بأيام قليلة زيارة الرئيس الموريتاني لفرنسا على خلفية دعوة رئاسية فرنسية كما شاع في ذلك الوقت ليتبن أن تلك الدعوة لم تكن على المستوى اللائق بفخامة القيادة الوطنية ...
لقد كان في زيارة الرئيس لفرنسا شيء من الابهام يستوجب التبيان والتوقف معه منطقيا لقراءة دلالاته عسانا نخرج بشيء من ذلك من القدوم من المطار إلى القصر إلى الحفل الثقافي الذي حضر بعد ذلك ، إلى ما يجول في نفس الرجل من الهموم والآمال ...
أولا المطار والقدوم: نعرف أن البروتكول الرئاسي الفرنسي لا ينص على استقبال الرئيس الفرنسي لضيوفه ، إلا أنه لا يمنع من استقبال الضيوف من قبل جهة ممثلة رسميا ، فلماذا لا يحدث ذلك ؟
فإن كانت استحقارا فلقد استحقرت فرنسا بنا كلنا من خلال استحقارها برئيسنا ، وإن كان غير  وجب الرد رسميا على ذلك ...
ثم لماذا يصطحب معه وزير الصحة ووزير الخارجية ويترك وزير الثقافة وهو سيحضر تظاهرة ثقافية في فرنسا تستعرض الموروث الثقافي مخزون الإسلام في افريقيا من تيمبكتو إلى زنجيبار ؟
وبالعودة إلى لقائه مع الرئيس الفرنسي فلا يمكن أن نستعرض في هذا الأسطر ما تضمن البيان الفرسي كليا باستثناء استحضار فرنسا لدعمها التنموي لموريتانيا كمنة علينا، في نفس الوقت الذي يقول الرئيس فيه أنه لا يبالي بما يتخذ وطنيا لمصالح فرنسا ولا خياراتها ...
وفرنسا من خلال ما تقدم في غنى عن ولد عبد العزيز ومن خلال تاريخها الطويل مع موريتانيا فهي قادرة على دعم أي مبادرة للإطاحة به وهو يعلم ذلك جيدا بل إن علمه بذلك وتأكده منه هو ما جعله يذهب إلى هناك من أجل تدارك الموقف ورسم السياسة الجديدة من هناك ....
ومن خلال تقدم فإن ولد عبد العزيز لم يعارض فرنسا في العلن إلا لأمر في الخفاء وهو ما أبداه سرا لها ، الأمر الذي جعل وزير الخارجية الفرنسي يأتي إلى هنا للتأكد من ذلك وإشاعة دعوة له من أجل إبرام تلك الاتفاقية في فرنسا ، والدليل أن الأمر تم بوساطات سرا هو كون فرنسا نزعت مدن تابعة لولاية آدرار من مناطق الحذر قبل يوم من لقاء ولد عبد العزيز بالصحافة ، أي بعد اسقاط الشيوخ للدستور بأيام قليلة جدا ، فأوقف الحزب الحاكم كل نشاطاته في انتظار ما سيتمخض عن هذا اللقاء ..
إذن عليكم أن تترقبوا ما سيأتي به الرئيس من فرنسا فهي بعد كل ما لحق به من إهانات هناك تفاوضت معه ، فهل ستُفشل الأغلبية أيضا ذلك الاتفاق؟
الله أعلم ، ونح بانتظار ذلك. 

14. أبريل 2017 - 9:31

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا