خطوات المنتدى بين كسب الوقت وتسجيل الموقف / عبد الرحمن جد أمو

ظل منتدى المعارضة طيلة السنوات الماضية يظهر ويختفي بوتيرة متفاوتة محاولا تعكير صفو الحياة السياسية في أعين النظام والقوى السابحة في فلكه، ورغم التناقضات التي يحملها المنتدى وهياكله إلا أنه ظل متماسكا في الظاهر وكأنه خلق ليبقى جسما يتفاعل بالإجماع ويخطو خطواته على جميع المستويات التي يتشكل منها كدليل يقدمه على شعاري الديمقراطية والوحدة اللذين اختار تضمينهما في تسميته.

جاء المنتدى كوريث لتركة منسقية المعارضة التي وقفت بقوة ضد انقلاب 2008 قبل أن تعيد انتخابات 2009 تشكيل الساحة المعارضة، وتم اللجوء لتشكيلة جديدة تقرر أن تتوسع نحو مزيد من الأقطاب لتستوعب جميع مغاضبي النظام، وهو ما فتح المجال أمام مسؤولين سابقين تم التحاقهم بالهيئة على شكل شخصيات مستقلة يتردد أن بعضها تم اللجوء إليه لجباية موارد إضافية رغم التظاهر بأن الخطوة إنما هي لجمع الرماح وتزاحمها لمطاردة النظام وإحراجه وتوحيد الجهود المناهضة له.
وعاش المنتدى على وقع اختبارات مرحلية فقد خلالها بعضا من حلفائه حينما تعالت آمال الحمائم ولو على برق خلب كان يومها مجرد اتصالات من المسؤول المكلف من طرف النظام بملف الحوار، وهو ما ألقى بثقله على مستقبل وحدة الهيئة، وقد أدى ذلك إلى خروج تشكيلات من الصقور تحاول الآن العودة للعباءة من أجل تجميع الجهود المناهضة للاستفتاء وتعزيز إسقاط التعديلات الدستورية المقترحة من طرف النظام وشركائه في آخر نسخة من الحوار السياسي المنقوص.
وقد تم افتعال أزمة سياسية على عنوان له جاذبيته كالتطبيع ولوح قياديان في حزبين من القطب السياسي باستقالتهما من مناصبيهما الحزبيين بحجة وجود من وصفوه برمز التطبيع، وهو فعل كان خارج سياق أجندة المنتدى المتعلقة بمحاولة إحراج النظام، حيث كان يكفي لإجهاضه تصريح من الشخصيات المعنية التي لها رصيدها واحتياج المنتدى إليها بعيدا عن محاكمة النيات وادعاء الدفاع عن أمر يتفق الكل على الوقوف ضده في خطوة لا تنتمي للحاضر وترهن الواقع لتحالفات ونقاش فترة سابقة تخطتها التطورات منذ سنوات.
وسيكون المنتدى معنيا أكثر بتنظيم أنشطة تساعد في عزل طموح النظام نحو السير قدما في تعديل دستوري تم رفع الضوء البرتقالي في وجهه من طرف مجلس الشيوخ، حيث ظل المنتدى يقيم المؤتمرات الصحفية ويحاول بجهد أقل محاولة الحضور في التعبئة السياسية الشعبية ضمن خطوات ظلت متباعدة بل مشلولة وفق نظرة خصومه الذين يعتبرون أن تناقضاته واختلاف مكوناته وتصادم مصالحها الاستراتيجية كفيل بحشره بين زاويتي كسب الوقت وتسجيل الموقف على اعتبار أن قراراته تتم بالإجماع، وسيبقى هذا الإجماع له متطلبات يحتاج تضافرها مزيدا من الوقت حتى تستحيل الخطوة محل النظر مجرد تسجيل موقف لا أكثر.
وبنظرة فاحصة لمسار المنتدى يجد المتابعون أنه ظل شوكة في حلق النظام واستطاع الصمود موحدا وموجودا بل تغازله الأطراف التي توصف بالصقور (التكتل وإيناد وبعض خصوم النظام الآخرين) للعودة مجددا والالتحاق بركب سبق وأن انفصلت عنه راضية وبشكل طوعي، وهكذا تتداول الأقطاب المشكلة للمنتدى على قيادته رغم المطامح الخاصة بكل طرف لاستغلال التحالف المشترك ومحاولة ركوبه تحقيقا لأجندة تخصه مقدما نفسه الأولى بالالتفاف حوله، وسيبقى هذا التحالف له خصوصيته التي تتأثر حتما بالتطورات السياسية المصاحبة وبالظروف المرحلية، حيث ترقب مختلف الكتل المنضوية تحت لوائه مقدمات ما بعد 2019 ليتم تقدير الموقف ومعرفة الصيغة الأنسب استمرارا أو انفصالا أو خطوة بين هذه وتلك لتحقيق مصلحة ظلت تلك الكتل ترجوها طيلة سنوات صبرها داخل هذا التحالف الذي جاء على أنقاض تحالفات سابقة للأطراف المعارضة فككتها مجريات الزمن ورهانات المرحلة السياسية.
وفي الأخير فإن الفترة الحالية لما تشهد من ردود الفعل ما يكفي لرسم مسار ما بعد انتهاء المأمورية الثانية والأخيرة للرئيس محمد ولد عبد العزيز بموجب النسخة الحالية من الدستور، وسيبقى المنتدى كما كان مزهوا بالأعطاب التي تعترض خطوات النظام في مساره لرسم ملامح مستقبله على غرار ما فعل الشيوخ مع احتمال تغير المعطيات لدى الدوائر التي تتولى صنع المحطات السياسية الكبرى في البلد.

18. أبريل 2017 - 9:41

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا