إلى من يهمه الأمر: لا لتشويه الحقائق!! ... أقلامنا... ضمائرنا!! / محمد عبد الله ولد أحمد مسكه

لقد شهدت بلادنا في الفترة الأخيرة تحولات عميقة وكان من ضمنها القيام بحملات واسعة ومعارك كبرى وقد تزامنت بعض هذه المعارك مع شهر رمضان المبارك ومن ضمن هذه المعارك معركة الدستور، ومعركة الشيوخ، وحملة قطر، وغزوة القمامة، وقد حشدت الدولة لهذا الغرض جيوشها وطبولها وعتادها .
وقد بدأت هذه الحملة في الاعلان عن المشاركة في التصويت على الدستور لكن من أجل ماذا؟

من أجل تشويه العلم الوطني، وفبركة النشيد الوطني هو الآخر الذي يعتبر هو الحصن المانع لشبابنا وبقية مجتمعنا من خطر العولمة وإرهاصاتها، فنحن نعرف جميعا أن من تربى على نشيدنا الوطني وعلى ما جاء فيه علاوة على التحية له في كل صباح وفي كل مناسبة فإنه يعتبر مواطنا مخلصا وهو مخاطبا بأن ينصر الله تبارك وتعالى، ﴿إن تنصر الله ينصركم ويثبت أقدامكم﴾ وأن ينكر المناكر ويكون مع الحق ويسلك سبيل المصطفى صلى الله عليه وسلم ويمت عليه سائران ومن يتمسك بهذه الصفات والخصال التي تقرب إلى الله وإلى محبة رسوله صلى الله عليه وسلم فسوف يحب وطنه لأن حب الوطن من الإيمان، ولا داعي للخطوط الحمراء ولا الزرقاء المفيدة في شعار الحزب الذي فرض أساليب التضليل والأباطيل والتلفيقات التي يملكها السياسي الموريتاني المحنك والقدرة على خداع المواطن في تأويل الشعارات وتطويع  المبادئ وفك الرموز الوطنية التي خدمها هذا الشعب الأبي وضحى في سبيلها وعاش من أجلها طيلة نصف قرن من الزمن ولا يمكنه أن يصوت ضدها مهما كانت الدوافع والأغراض بين عشية وضحاها،  ولكن كثرت الافتراءات في مواجهة أصحاب الحق وتشعبت في هذا الموضوع وغيره من المواضيع سواء تعلق الأمر بالمأمورية القادمة وهي مربط الفرس أم موقفنا من قطر المثير للجدل هو الآخر،  الذي أصبح البعض يتهم الاتجاه الآخر بالخيانة، والتطاول على الرموز الوطنية بما في ذلك صاحب الفخامة والشهامة الذي وصف البعض حكومته بحكم العسكر المتغطرس، كما وصفهم إفلاطون في جمهوريته، موضع العضلات من الجسم البشري وقد أمسكوا القوة دون الفكر فأصبح من اللازم أن تقودهم تلك القوة العمياء، وهذا ما قاموا به فعلا دون غضاضة لأنهم الدور الذي هيئوا له مسبقا.
كما أن السياسي في نظر ميكافيلي هو الآخر  لا يتورع عن الأفعال الشنيعة في سبيل أغراضه ومصالحه وبالتالي فكل واحد من الطرفان يتميز بدوره إلا المثقف الذي يفترض أن يكون ضميرا حيا وواعيا في مواجهة الفساد وتحقيق العدالة والعزف على القانون بوصفه ناقدا ورافضا ومقاوما لكل ما هو مخالف للصواب وليس عليه أن يبرر مواقفه أو أن يلتمس الأعذار لأن كل سطر أو صفحة كاملة أو تدوينة أو حتى تغريدة هي شهادة خيانة بالنسبة له ولكل الأقلام التي شرعت نفسها للدفاع عن الحكومة أو النظام الفاشل طمعا أو تواطئا تخون نفسها وهكذا فإن الجميع كل قام بدوره على حدة ومارس صلاحياته المشروعة منها والباطلة إلا المثقف وهنا أنبه أصحاب الأقلام بأن كل ما يكتب في الصحف وينشر في المواقع من أجل تسليط الضوء عليه وإنارة الرأي العام الوطني والدولي وليس من باب العداء ولا إثارة الفتن والنقص من مكونات الدولة ورموز السيادة.
فالرئيس قد صرح وبكامل قواه بأن حرية الصحافة مضمونة وموجودة على الأقل، ولا داعي لحراستها ومراقبتها كما قال، وعلى الصحفيين أن يقوموا بواجبهم حتى لا يفوتهم القطار بوصفه مهندسا له من أجل المشاركة الفعالة في بناء المجتمع وتوعيته، وليس من المعقول ولا من المنطقي أن تشاهد بعض الأشخاص وهم يشمرون عن سواعدهم وهم يحتجون في موقع بلادنا في حرية الصحافة لكن هذا لا يهم ما دامت لا تؤثر في اتخاذا القرارات أو حتى الاستقالة، نظرا إلى قلة الوعي وفقدان تأثير الاعلام وارتفاع نسبة الأمية وبالتالي فاقد الشيء لا يعطيه.
والذين تمت استضافتهم تحت يافطة الدفاع عن النظام من خلال برنامج يمكن أن يطلق عليه الاتجاه الموازي أو الموالي، لفقدان الرأي الآخر وهم يصفون أصحاب الأقلام الحرة بالخونة لمجرد أنهم قالوا كلمة حق في حق شخص أو قناة أو دولة كاملة، لكنهم لا يريدون بها باطلا كما تعودوا على ذلك، ولا المتاجرة سواء تعلق الأمر بالأفكار أو المصالح أو المبادئ وحتى الدبلوماسية، فأصحاب هؤلاء الأقلام جنود مجندة للوطن لكن في زيه المدني سلاحهم القلم وزادهم الصبر وتضحيتهم الأنفس،  ويدافعون عن البلاد والعباد بأفكار شامخة وقيم راسخة وهم يعانون من التهميش والحرمان ويعيشون ظروفا قاسية، لكن هذا هو ديدنهم وربما هو مصيرهم الذي لا مفر منه، تراهم يبكون على العلم الوطني،  ويتباكون على النشيد الوطني لا لأنه علم يمثل حكم فلان، أو نشيد من إنتاج شاعر  أو شيخ متصوف، أو عالم معروف،  أو أن لونه أخضر أو أصفر يسر الناظرين بل لأنه دافع عنه الشعب الموريتاني بأكمله، وضحت في سبيله الرجال وغنت له النسوة، ورفرف في المحافل الدولية وشهد له بالمصداقية وبالدبلوماسية، كما عرفناه عن قرب ونحن نقدم له التحاياوقد تربى عليه الأجيال فإذا صوت على تعديله فسوف نفقد رموزا أخرى، ولن نستمع لصوتها العذب الذي تعودنا عليه وضحت من أجله إنها الفنانة ديمي منت آب رحمها الله. عندما تقول: «فوك راية خظره والنجم والهلال»  هذه الفنانة لا يمكن أن نصوت ضدها ، علينا أن نستمع إليها وهي تمجد الوطن وتغني له، وعلينا أن نعترف لها بالجميل وبما قدمته في سبيل وطنها،  هي وآخرون ضحوا من أجله وأن لا ننساهم حتى لا نكون كل ما جاءت أمة لعنت أختها، التي سبقتها وكهذا دواليك.
فأين هو أرشيفنا الوطني القديم، منذ بداية الخمسينات وحتى الآن، فإذا بحثنا عنه فلن نجده وأسأل العارفين به  بما في ذلك مكتبة الإذاعة الوطنية من الصعب أن تجد ما تبحث عنه في هذه الفترة بالتحديد حتى يتصور لك أن الدولة الموريتانية تأسست سنة 1984م، كما أن موريتانيا استقلت  سنة 2009م. هذا بالإضافة إلى ما قامت به الدولة من استراتيجيات تهدف إلى طمس الحقائق والمعالم التاريخية السياسية بما في ذلك المقاربات سواء تلك المتعلقة بالتعليم أو الأمن أو الديمقراطية.
فنحن نعرف جميعا أن الشخص المناسب في المكان المناسب غير موجود بالنسبة لنا، وغير موجود في قاموسنا التربوي والعلمي والاجتماعي والسياسي، فالعسكري هو المدني، والمدني هو العسكري، والأمي هو صاحب الأرشيف، والمقاول هو رئيس الحزب السياسي،  والجاهل هو المفتي، والصحفي هو الفنان، والفنان هو الصحفي وربما هو المؤذن.
كما أن أستاذ الرياضة بالنسبة لوزارتنا هو أستاذ التربية الإسلامية المفضل، كما أن الحكومة تنوب عن المجموعة الحضرية في عملها الذي انتخبت من أجله  وضحت بالتحصيل له، ورئيس الحزب الحاكم ينوب عن الرئيس في تحديد المأمورية وتجديدها وتسيير السلطة التنفيذية كما أن جيشنا الوطني الباسل قام بدور مؤسسات النظافة التي تبحث عن التمويل بدلا من دوره الأصلي في حماية المواطن على منافذ الحدود البرية والبحرية حتى لا يكون متواجدا بين ظهرانينا، تحت رعاية المواطن وحمايته، الذي لا حول له ولا قوة، ولم يبق لي إلا الدعاء  «اللهم استر عيوبنا وجنبنا المكاره ما ظهر منها وما بطن، واحم شعبنا وقادتنا واحمي الوطن، يارب إنك سميع مجيب».
محمد عبد الله ولد أحمد مسكه
كاتب صحفي مهتم بالقضايا الوطنية

22. يونيو 2017 - 20:23

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا