الأزمة القطرية جولة جديدة من حرب الاستراتيجيات لأميركية – الصينية / د.يربان الحسين الخراشي

الأزمة الدبلوماسية والسياسية  المتصاعدة بين قطر، ودول خليجية، وعربية وازنة لن يكون لها عواقب اقتصادية، واجتماعية على منطقة الخليج  وحسب، بل  إن هذه الأزمة قد  تلقي  بظلالها على استراتيجيات الصين العالمية، وخاصة  في منطقة الشرق الأوسط. المنطقة التي أصبحت الصين ترتبط بها مباشرة عن طريق ميناء جوادر الباكستاني المطل على بحر العرب، والذي تملك حقوق تشغيله 40 سنة.

وفي حالة استمرار  و دخول دول أخرى من المنطقة على خط الأزمة، فإن تساؤلات كثيرة ستطرح حول مصير ومستقبل استراتيجيات الصين التالية  ...
(1)
اتفاقية التجارة الحرة بين الصين ومجلس التعاون الخليجي
بدأت الصين و دول مجلس التعاون الخليجي محادثات اتفاقية التجارة الحرة في يوليو عام 2004 و كان من المتوقع التوصل لاتفاقية التجارة الحرة الشاملة خلال هذه السنة  لكن، الشلل الذي أصاب مجلس التعاون بعد الأزمة في حالة استمراره  يضع اتفاقية التجارة الحرة في مهب الريح. يشار إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي ترتبط بعلاقات تجارية ضخمة مع الصين، وقد أشار تقرير صدر مؤخرا عن النبك التجاري  والصناعي الصيني إلى أن حجم التبادل التجاري الصيني الخليجي تضاعف 600% خلال العشرة سنوات الأخيرة، كما أشار إلى أن حجم الاستثمارات الصينية في الشرق الأوسط وصل إلى حوالي 160 مليار دولار. .
(2)
عالمية العملة الصينية الرمينبي
تتخذ الصين من مركز تسوية العملة الصينية الرمينبي بالعاصمة القطرية الدوحة، الذي يعتبر الأول على مستوى منطقة الشرق الأوسط، و شمال أفريقيا، بالإضافة إلى فروع  البنك التجاري  والصناعي الصيني في كل من السعودية،  والإمارات العربية ، والكويت  مواقع متقدمة في حرب عالمية الرمينبي التي تخوضها منذ سنوات. وكشف البنك التجاري  والصناعي الصيني مؤخرا أنه منذ انطلاق أعمال مركز التسوية في 14 أبريل 2015 م، وحتى نهاية أبريل 2017 م، تم تنفيذ عمليات تسوية  تقدر بحوالي 86 مليار دولار .
وحسب جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك (SWIFT)   فإن عملية تدويل الرنمينبى في الشرق الأوسط تعتبر من بين الأسرع حول العالم، وخاصة  في دولة قطر، حيث تشير تقارير "سويفت" إلى أنه خلال 2015م تمت تسوية 60 % من المبادلات التجارية الصينية القطرية بالرمينبي  بزيادة قدرها 247% عن ما كانت عليه سنة 2014م .


(3)

مبادرة الحزام و الطريق
مبادرة "الحزام و الطريق " هي مبادرة أعلن عنها الرئيس الصيني الحالي السيد شي جين بينغ خلال كلمة له ألقاها في جامعة نزارباييف بكازاخستان في 7 من سبتمبر 2013 م، وهي مستوحاة من إستراتيجية عسكرية قديمة للملك السابع لأسرة هان الغربية (206 ق م- 25 م) أثناء حربه مع قابل الهون البدوية.
وتتلخص فكرتها في إحياء طريق الحرير البري والبحري عن طريق ربط آسيا، وأوروبا، وإفريقيا بريا، وبحريا، و جويا، و طاقويا، و ثقافيا.
وإحياء طريق الحرير، إحياء لدور التجارة القارية على حساب التجارة البحرية الذي سيمكن الصين من الإفلات من الكماشة الأمريكية، والتخلص  من معضلة  التحول لاقتصادي، وهي أيضا طريق العملة الصينية رنمينبي، والشركات الصينية إلى العالمية، كما أنها طريق الشرعية السياسية الجديدة للحزب الشيوعي الصيني الحاكم.
وهي تتيح فرصة تشاورية تشاركية  للراغبين في صعود قطار التنمية الصيني فائق السرعة، وتتجلى أهمية  منطقة الشرق الأوسط على طريق الحرير في كونها المنطقة المحورية الجامعة التي يتم عبرها التبادل الثقافي، والحضاري، والاقتصادي، وحتى الأمني بين الشرق، والغرب من جهة، ومن جهة أخرى  إحدى أهم المناطق المستهدفة  كونها إحدى الأسواق الكبيرة للبضائع الصينية .

إن دخول دول أخرى وازنة على خط أزمة قطر وجيرانها قد يطيل من أمدها، ويقوض فرص حلها؛ مما يجعل استراتيجيات الصين في المنطقة في مهب الريح، ويجعل من الصين أكبر الخاسرين في هذه الجولة جديدة من حرب الاستراتيجيات لأميركية  الصينية، وفي المقابل نجاح جهود الوساطة الكويتية التي تدعمها الصين بقوة يعتبر نصرا، وفوزا للصين، ولسياسة عالمية العملة الصينية الرمينبي في منطقة الشرق الأوسط.

 

6. يوليو 2017 - 7:52

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا