سياسات جذب الاستثمار الأجنبي المباشر في موريتانيا / محمد ولد عبد الله ولد محمد جدو

لقد تميز العِقد الأخير من القرن لعشرين، بتنامي دور الاستثمار الأجنبي المباشر كأحد أهم مصادر التمويل الخارجي، وأتى ذالك مُتزامنا مع تقلص الأشكال الأخرى لتدفقات رؤوس الأموال بالانحسار الذي تمثل في تضاؤل المعونات و تضاؤل فرص الإقراض خصوصا بعد أزمة المديونية 1982 وما سبقها، فالعالم شهد ثلاث مراحل رئيسية كانت لها الدور الأساس في ظهور الاستثمار الأجنبي المباشر، فمرحلة ما قبل 1973

 أو ما تسمى بعقد التنمية والذي ظهرت فيه أساسا المعونات والقروض الميسرة حيث، ثم مرحلة مابين 1973- 1982، الفترة ما بعد الصدمة النفطية الأولى وما على ذالك من ترتبات وأخيرا مرحلة ما بعد 1982 -أزمة المديونية- حيث اتجهت الدول النامية إلى برامج إصلاح إقتصادي تجسد ذالك مع ظهور العولمة، الإنفتاح الإقتصادي و التحرير المالي وكذالك الخصخصة.
كل ذالك أدى إلى قيام الدول النامية بسياسة جذب الاستثمار الأجنبي المباشر من أجل الرُقي والإزدهار فهو يتميز عن غيره من مصادر التمويل من نفلٍ للتكنولوجيا إلى زيادة الإستثمار المحلي وخلق الوفرات الخارجية، المساهمة في الحد من البطالة ، توفير النقد الأجنبي وتحسين البنية التحتية، إلى  غير ذالك من المزايا .
وموريتانيا كغيرها من الدول النامية سعت جاهدت لإستقطاب الإستثمار الأجنبي المباشر وانتهجت سياسات رامية إلى ذالك.
فما هي أبرز سياسات جذب الإستثمار الأجنبي المباشر التي اعتمدتها موريتانيا ؟ وما هو تطورها ؟  وهل إنتهجت سياسات ناجحة لذالك ؟ وما مدى إستهدافها للإستثمار الأجنبي المباشر ؟

تبنت الحكومة الموريتانية في السنوات الأخيرة جُملة من السياسات الرامية إلى تحسين المناخ الإستثماري  وتقليص خطر  البلد، فبإنشائها عدة مدونات للإستثمار منذ إستقلالها الى 2015، تمَثلت في 6 مدونات كانت لها الدور كبير في تحسينه خصوصا التعديلات التي طرأت على مدونة 2012 والتي تضمنت مجموعة من الإجراءات التشريعية والقانونية تُوطن الإستثمار، وكذالك في ما يخص بخطر البلد والحَدِ منه -الخطر الإقتصادي و الخطر السياسي- فالمدونة تسمح للمستثمر الأجنبي المباشر بالحصول عل العملة الصعبة و سهولة التحويلات.

إن التطور الذي شهدته سياسات جذب الإستثمار الأجنبي المباشر في موريتانيا سارت فيه كغيرها من الدول النامية من  التأميم الذي إختفى نهائيا وصولا إلى إنتهاج سياسات الخصخصة  في أواخر القرن الماضي وكذالك سهولة التراخيص فالمؤسسات التي كانت بدورها تقوم بالمراقبة على النشاط الإستثماري تحولت إلى مؤسسات ترويجية تلعب دورا مهما في النشاط الاستثماري والترويج له.
  
أما فيما يخص بمتطلبات السياسات الناجحة لجذب الإستثمار فالتشريعات القانونية الداخلية سعت جاهدة لحماية المستثمر الأجنبي وعلى على سبيل المثال لا الحصر له الحق في الاختيار مابين القضاء الوطني أو الدولي في حالة الصراعات أو النزاعات.
وكذالك دعم المستثمر الأجنبي من خلال الخصخصة والحوافز، إضافة إلى الخطوة الجبارة بإنشاء منطقة نواذيبو الحرة 2013 ، وتشجيعا للإستثمار فقد لعبت وكالات الترويج والتسويق له دورا مهما إضافة إلى حماية المستثمر الأجنبي ما بعد إستثماره.

تعتبر سياسات إستهدافها للإستثمار الأجنبي المباشر، إستخدام الموارد الترويجية المختلفة لجذب أنواع معينة من الاستثمارات لتحديد أهداف إقتصادية محددة - زيادة معدلات النمو الاقتصادي، زيادة الصادرات، توفير فرص عمل، تحسين المستوى التكنلوجي ... –
والإستفادة من مزايا الموقع وخفض المزايا النسبية و التنافسية للبلد.
وموريتانيا وبالرغم من التحسينات التي طالت هذا الجانب إلا أنها إقتصرت في القطاعات ذات الكثافة المصرفية والتقنية العالية يبقى السمة الغالبة حيث تتركز هذه الإستثمارات أساسا في قطاع الصناعات الإستخراجية ( البترول والصناعات المعدنية) وذا القطاع يعتبر معزولا وقليل الارتباط بالصناعات المحلية لأنه يستخدم تكنلوجيا كثيفة رأس المال، كما أنه يتطلب.

لــــقد بذلت  موريتانيا منذ  أواخر القرن الماضي جهود لا بأس بها لجذب وتحسين الإستثمار الأجنبي المباشر وتحسين فرص آفاق النمو  وتجسد ذالك على سبيل الخصوص في إجراء إصلاحات واسعة طالت الأطر والتشريعية والمؤسسية وكذالك الماكرو إقتصادية.
وبالرغم من أن هذه الجهود أدت إلى تحسين ملموس في مناخ الاستثمار العام وتحقيق زيادة ملحوظة في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الواردة إلا أن هذه الأخيرة ظلت متواضعة بالرغم من إمتلاك موريتانيا لإستثمارات كامنة غير مستغلة، وه الأمر الذي يتطلب تنويع الإقتصاد وتوجيهه إلى قطاعات أكثر مرد ودية كالصناعات القطاعية والزراعة. 

11. يوليو 2017 - 9:04

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا