تأملات:عجائب النمل التي لا تنتهي‼ / المرابط ولد محمد لخديم

أولا: قصة النملة مع سليمان
 لقصة النملة مع نبي الله سليمان أمر عجيب .. فقد جمع سيدنا سليمان يومًا جنوده من الإنس والجن والطير والدواب وأمرهم بالسير في صفوف منتظمة، وأثناء سيرهم مروا على وادٍ يسكنه النمل، وكان النمل منهمك في مهامه إلا نملة وقفت تراقب مشهد سير نبي الله سليمان عليه السلام وجنوده، وعندما اقتربوا من بيوت النمل صاحت النملة بأخواتها النمل أن أسرعوا وادخلوا إلى مساكنكم حتى لا يدوس عليكم نبي الله سليمان وجنوده دون أن يشعروا فهم قد اقتربوا منا...‼

    وهنا تجلت قدرة الله وعلمه الذي علمه لنبيه، فقد سمع سيدنا سليمان عليه السلام ما دار من حديث بين النملة وأخواتها، وفهم ما قصدته النملة فتبسَّم ضاحكاً من قولها، ثم أمر جنوده بالمسير ببطء، حتى يدخل النمل إلى بيوته ولا تصاب بأذى، ثم رفع سيدنا سليمان عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام يديه إلى السماء شاكراً الله تعالى على نعمه الكثيرة....

   وقد ذكر الله سبحانه وتعالى تلك القصة العجيبة في القرآن الكريم في سورة اسمها سورة "النمل" حيث يقول تعالى: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (16) وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17) حَتَّىٰ إِذَا أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19).)
   لقد أختص الله تعالي تلك القصة بمكانة عظيمة بكتابه الكريم حتى أن السورة سميت بأسم النمل تكريماً لتلك القصة و تعليماً للناس بأهمية الجماعة و دور الفرد في الجماعة و كيف أن تلك النملة الصغيرة الحجم لم تهرب حينما رأت الجيش الغفير لتنجو بنفسها بل إنها وقفت و أمرت أهلها أن يتوجهوا إلي جحورهم خوفاً عليهم من الهلاك دهساً تحت أرجل جيش سليمان الحكيم,,
  لقد أثبت مفسرو القرآن نطق النمل (على غرابته في زمانهم ) ورجحوا ان النملة الناطقة هي أنثى (لعلها هي ملكة النمل) وأنكروا على من يجنح إلى الاستعارة التمثيلية لنفي قول النمل صوتيا...

إعجاز قرآني

لقد اخبر القرآن الكريم عن مخاطبة نملة صوتياً معشر النمل بقوله { قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النمل ادخلوا مساكنكم } وتحذيرهم أن تدوسهم أقدام نبي الله سليمان وجنوده واعتذرت عن سليمان بقولها (لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ) فلو شعروا بهم لم يحطموهم وهذا أثبات من القرآن أن أمة النمل لديهم عقول وإدارك بما حولهم ويتواصلون مع بعضهم صوتياً، وهذا ما أثبته الاكتشاف العلمية الأخير فقد
نشرت صحيفة التايمز البريطانية الشهيرة مقالا في عددها الصادر بتاريخ 6 فبراير 2009
تحت عنوان:(Hills are alive with the sound of ants - talking to each other) 
(التلال حية بأصوات النمل وهو يتحدث مع بعضه البعض)
  المقال يتحدث عن اكتشافات علمية جديدة عن خاصية التخاطب وتبادل الحديث في مملكة النمل.. ويذكر المقال أن الاكتشافات الحديثة قد بينت أن لغة التخاطب عند النمل متطورة ومتقدمة على نحو كبير أكبر مما كان يعتقد قبل ذلك...
  وأشار المقال إلى أن التطور الحديث في مجال التكنولوجيا الصوتية قد مكن العلماء من اكتشاف أن النمل يتحدث مع بعضه البعض بصورة دورية...
موضحا أنه من خلال وضع ميكروفونات وسماعات دقيقة في أعشاش النمل تمكن الباحثين من إثبات أن الملكة تصدر الأوامر للعمال...
     قد يقول قائل كما هو شائع الآن أن مفسري القرآن ينتظرون حتى يتم اكتشاف من الآخر ليقولوا بعد ذالك هذا موجود عندنا في القرآن وهذا غير صحيح بدليل قول مفسرين القرآن السالف الذكر الذي يرجع إلى مئات السنين..قبل الاكتشافات العلمية..
        ولذالك فان القرآن عندما تحدث عن لغة التخاطب فهذا متفق مع العلم الحديث وعندما تحدث عن معجزة لنبي كريم هو سيدنا سليمان عليه السلام الذي كان يفهم لغة النمل,فهذا ممكن علميا...لأن الاكتشافات العلمية أثبتت أن النمل يصدر مواد كيميائية يتخاطب بها ويصدر ترددات كهرطسية يتواصل مع بقية النمل, فالخالق عز وجل أعطى لنبيه سليمان عليه السلام القدرة على معرفة هذه اللغة فالله يعطي لأنبيائه من المعجزات مايشاء..
    صحيح أن القرآن ليس كتابا في العلوم التجريبية بفروعها المختلفة: علوم طبيعية.قلك رياضيات فيزياء..الخ
    وليس كتابا في الدراسات الأدبية واللغوية بفروعها المختلفة انه كتاب هداية شامل لا يقف إعجازه عند عصر معين ولا يحد بثقافة بالذات ورغم مافيه من معلومات تتصل بهذا العلم أو ذاك لم يأت بها لتأصيل أصول  علمية أو تثبيت قواعد فنية إنما ذكر ذالك  في مجال العظة والعبرة والاستدلال على قدرة  الخالق وحكمته في مخلوقاته ليتوجه الإنسان إلى خالقه فيذكره ويعبده ويحبه ..
ثانيا:قصة النملة مع القائد الاسكندر المقدومي
  بعد انهزامه في إحدى معاركه جلس الاسكندر المقدوني  تحت شجرة يفكر في المصيبة التي حلت به،...وبينما هو مستلقي إلى جانب صخرة لفت انتباهه نملة كانت تجر حبة قمح ، تريد الصعود بها و لكنها كانت تسقط منها ، مما جعلها تعيد الكرة عدة مرات، حتى نجحت في مهمتها...
   ومن هذا الموقف تعلم الاسكندر من خلاله درسا استفاد به في حياته فيما بعد , وكان له الأثر في تحقيقه لاغلب انتصاراته ونجاحاته.
  أما عن قصتي مع النمل  فكانت عجيبة ذالك أنني في صبيحة ليلة ماطرة لا حظت أن أكثرية مستعمرات النمل التي كانت بالمنزل في تناقص مستمر ولما وقفت عليها كان المشهد فريبا أفواجا من النمل تدخل مغاراتها لتخرج وقد تزودت بأجنحة في أقل من لمح البصر حفرت المغارة ولكنني لم أجد شيء..‼؟
     رجعت أفتش في الانترنت وفي مراجع علم الحشرات لأجد تفسيرا لهذه الظاهرة المحيرة وبعد جهد مضني وجدت أن النمل الذكور والملكات تستخدم ريشها في فترة التزاوج بعدها يموت أكثرية الذكور وتتخلص الملكات من ريشها لاحقا وعادة ما يحدث التزاوج بعد سقوط المطر..حسب قول علماء الحشرات.. ولكن كيف تكونت هذه الأجنحة ؟ وهل هي موجودة أصلا في النمل؟ فهذا مالم أجد له تفسيرا..‼
    لقد أحسست في هذه التأملات أن أعيش بفكري وقلبي وجسدي _ جميعا _ (عشت بعقل الباطني وعقلي الواعي، استعدت ذكرياتي القديمة، منها ما هو من صميم التاريخ، ومنها ما هو من صميم العقيدة، وكانت ذكريات تختلط بواقعي، فتبدوا حقائق حينا، ورموزا حينا، وكان الشعور بها يغمرني ويملأ جوانب نفسي كنت دائما في كامل وعي.أخذتني الرهبة والخشوع عندما كنت وحدي، وكنت في هذه المرة الواحدة مع الناس ومع نفسي في وقت واحد.
       وجدتني أردد بلا وعي ما يقولونه. ووجدتني في الوقت نفسه وحدي وان كنت في صحبتهم.. كنت شخصية واعية بلا كلام وشخصية متكلمة بلا وعي.
         كانت الشخصية المتكلمة بلا وعي تردد كلام الآخر... وكانت الشخصية الواعية بلا كلام •ترتل بهدوء وصمت قوله تعالى:      

  سورة لقمان, الآية:11{هَذَا خَلْق اللَّه فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونه } 

  { إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ }  سورة ياسين الآية: 82 .

الهوامش:
معرفة الله: دلائل الحقائق القرآنية والكونية: المرابط ولد محمد لخديم, تصدير العلامة حمدا ولد التاه رئيس رابطة علماء موريتانيا, تقديم: الدكتور حسين عمر حمادة، رئيس قسم الدراسات والبحوث العلمية باتحاد الكتاب العرب، دمشق الطبعة الأولى، دار الوثائق للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق 2001 م،  الطبعة الثانية، دار وحي القلم بيروت- لبنان سنة 2002 م. وهو الكتاب الفائز بجائزة شنقيط للدراسات الإسلامية سنة 2003م.
   دين الفطرة:استنطاق الرياضيات والفيزياء بلغة انسانية,المرابط ولد محمد لخديم,تصدير الأستاذ الدكتور محمد المختار ولد أباه, رئيس جامعة شنقيط العصرية والشيخ الدكتور أمين العثماني عضو اللجنة العلمية والتنفيذية للأكاديمية الهندية بدلهي الهند,تقديم:الأستاذ الدكتور:أحمدو ولد محمد محمود,رئيس قسم الفيزياء بكلية العلوم والتقنيات جامعة أنواكشوط,والمفكر الاسلامي,سمير الحفناوي جمهورية مصر العربية,الطبعة الأولى الأكادمية الهندية بدلهي سنة 2010م الطبعة الثانية:دار المعراج,دمشق/بيروت سنة 2014م
http://www.ashefaa.com/ شبكة الشفاء الإسلامية (بالتصرف)

14. يوليو 2017 - 1:11

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا