تغييرات ومصاعب / عبد الفتاح ولد اعبيدن

منذ أشهر عدة، تسير موريتانيا على طريق تغييرات جوهرية، تعلقت بالنشيد الوطني والعلم الوطني والعملة الوطنية لاحقا، ضمن التعاطي مع رموز وطنية حساسة، في جو لم يحظى بالتوافق، مما ولد حالة احتقان سياسي ،تحولت لاحقا للمجال الاقتصادي، بحكم تبديل جميع القطع النقدية مع مطلع السنة الجارية.

وإذا كانت الرموز التي تم تغييرها أو تعديلها، تم تجاوز أزمتها نسبيا، إلا أن العملة الجديدة، مازالت المخاوف قائمة بشأنها، خصوصا ما يتعلق بزيادة الأسعار.

الموريتانيون يتعاملون مع الدولة بحذر ويتهيبون غالبا النزول إلى الشارع، إلا عندما يتعلق الأمر بقضايا دينهم، وليسوا ثوريين بالدرجة الأولى.

ولعل مخاوف الانقسام والتشرذم، أبعدتهم عن الاحتجاج المتواصل العلني على تغيير النشيد والعلم، وإن لم يكن هذا التغيير محل إجماع البتة.

وتأتي القطع النقدية ونقصان الصفر، ملوحة باحتمال انتهاز بعض التجار، الفرصة لزيادات في بعض الأسعار، قد تزيد الضائقة المعيشية طبعا على كثير من المواطنين.

غير أن الأحداث المحتملة في السنة القادمة، إن لم تكن الحالية، قد تزيد الطين بلة.

ففترة ولد عبد العزيز الرئاسية على وشك الانتهاء، لكن لا يوجد ما يطمئن بثبات وقوة على عدم الإقدام على تعديل دستوري آخر، ولو عبر الجمعية الوطنية، يهيئ الطريق لمأمورية ثالثة مثيرة بامتياز، وهو ما قد يخلق بحق أزمة سياسية خانقة، إن لم تمس الاستقرار بعمق، فإنها ستحول الديمقراطية الموريتانية إن صح الإطلاق، إلى نموذج ضعيف هش، لا يكاد يستحق الاعتبار والقبول، لدى الكثيرين، محليا ودوليا.

وضمن هذا الجو السياسي والاقتصادي المهزوز، الذي صاحبته ندرة في الأمطار وآثار بينة على الريف والماشية، يتحدث السياسيون، وخصوصا الموالون منهم، عن احتمال تغيير حكومي واسع.

ترى هل تكفي مثل هذه التغييرات والتعيينات الحكومية، إن لم يصاحبها تغيير في الأنماط والأساليب.

وضع على وجه العموم، يبعث على التخوف والترقب والتساؤل المستمر.

هل تستطيع الدولة أن تظل قائمة فاعلة حية؟، وهي محل تغييرات وتعديلات جوهرية في دستورها واقتصادها، بعيدا عن جو توافقي مطمئن.

وهل يستطيع القائمون على الحكم تمرير كل هذه المشاريع والتغييرات دون مصاعب وانعكاسات خطيرة.

إن الموريتانيين يصعب جرهم للشارع والمواجهة، سواء من طرف الموالاة أو المعارضة، لكن الضغط باستمرار يولد الانفجار.

وليكن في علم الوطنيين الصادقين، من مختلف المشارب، أن الوطن أولى وأجدر بالتنازل، من أجل المزيد من النماء والاستقرار.

وليعلم القاصي والداني أن تجارب الغير في هذا المجال، أكدت صعوبة وخطورة محاولة تغيير الأنظمة والأوضاع العمومية عن طريق العنف، كما أكدت هذه التجارب خصوصا في منطقتنا العربية، أهمية الحرص الواسع على الاستقرار، مهما كان هشا ناقصا.

ويبدو بوجه عام أن الأولوية لما يريد النظام تمريره ،وبالنسبة للمعارضة، يتقدم أولويتها وبياناتها ،الحرص على تنفيذ وتحقيق قناعاتها الخاصة، أما الشعب فهو يعاني في أغلبه دون أن تكون بعض أهم قضاياه المعيشية الملحة واردة بقوة في مخططات واهتمامات الأطراف المشتغلة باللعبة السياسية الضيقة.

فهل يحاسب السياسيون أنفسهم، وهل هم مهتمون حقا وصدقا بتحديات وأزمات هذا الشعب المتنوعة المؤلمة.

18. يناير 2018 - 9:25

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا