وطن الانقلابات... / أحمد ولد محمد الحافظ

altكان صباح يوم عاثر-السادس أغشت ألفين وثمانية- أفلت فيه شمس ديمقراطيتنا الوليدة وصودرت فيه حريتنا المزعومة و قتل الحلم قبل الفطام  بدأت تباشير الصباح الأولى تنذر بالويل و الشؤم و بعودة أصحاب الأحذية الخشنة إلى سدة الحكم التي تخلوا عنها ذات يوم مشهود, إلا أن أفئدة و قلوب زمرة منهم أبت إلا أن تبقى معلقة بأمجاد أسلافهم الغابرين...

أسلافهم الذين اعتدوا على فتاة اسمها –موريتانيا -وهي في ربيع عمرها فضيعوا و أضاعوا و أباحوا و استباحوا وأهلكوا الحرث والنسل فتحولت الفتاة الناعمة الفتية إلى عجوز تعسة شمطاء رغم أنها لم تبلغ سن الخمسين بعد، ورغم أن نظيراتها يزددن شبابا وفتوة ورونقا بمرور الزمن...

كان آخر الفرسان المنقلبين الأكثر شبابا وهوسا بالسلطة والأقل خبرة من بين كل سابقيه فكان بحق بدعا من المنقلبين...

برر انقلابه بكونه أقيل من منصب أؤتمن عليه من طرف رئيس مؤتمن وكأن إقالة جنرالاتنا الموقرين ذنب يعاقب عليه شعب بأكمله وتداس كرامته ويعاد امتهانه واستغفاله لأنه حلم يوما بوطن خال من الانقلابات.

في مشهد تراجيدي ظهر الحكام الجدد و قد أحكموا سلطتهم وسطوتهم, على بلد سئمهم و سئم انقلاباتهم وصراعاتهم, وجوقة المصفقين والمطبلين من البرلمانيين لهم, التي كانت أول المشرعين للحركة التصحيحية كما كانت قبل ذلك في الخلاص, والإنقاذ, والعدالة والديمقراطية. تسبح بحمد كل القادمين وتلعن السابقين "كل ما جاءت أمة لعنت أختها"..

تغلب ساكن القصر الرمادي الجديد على كل التحديات التي واجهته وخدع معارضيه باتفاق لا يساوي الحبر الذي كتب به ليعيد تملك البلاد والعباد من جديد ولكن هذه المرة بوصفه رئيسا ديمقراطيا لا عسكريا انقلابيا...

تعهد الرجل على غرار سابقيه بأن يحول البلد إلى جنة وارفة الظلال, ذات مطارات وجامعات و مرافق صحية وحدائق ذات بهجة وبنايات شاهقة خالية من الفساد والمفسدين والمحسوبية و الزبونية...

اقتفاء لسيرة من سبقه واقتداء بنهجهم الرصين خلف آخر الفرسان كل وعوده التي قطع على نفسه وأسكر بها آلاف المساكين من أبناء هذا الوطن المستكين, قبل أن يعلموا أنه هو عين الحكم وقلب الحكم وذات الحكم هو "الرئيس والوزير والمدير والكاتب والحارس..." تلك لذة الحكم ومرض الدكتاتورية الذي يسكن حكامنا الميامين.

بعد حولين وحول على توليه مقاليد الحكم في "بلاد السيبة" فقدت هذه الأرض الكثير من حيويتها وثروتها ومكانتها وانتشر الفقر والجوع والبطالة والجهل في ربوع زاخرة بالثروات والخيرات, نهبها حكامها المترفون الباغون, وأصبحت مغنما لكل من أسعفه سلاحه على أن يكون فارسها المنتظر...

في آخر إبداعات –صاحب الريادة- كان لقاء الشعب الأخير الذي مثل مسرحية سيئة الإخراج و الإنتاج, فقد كانت أجوبة الرئيس سطحية للغاية وكأنه قادم من كوكب آخر أ و يقود شعبا غير هذا الشعب الذي عاني الأمرين منذ قدومه للحكم -بطالة و تسيبا وفسادا منظما وصفقات مشبوهة ونسبة فقر تجاوزت حاجز الخمسين في المائة... 

كل هذا يحدث والبلاد تعيش عصرها الذهبي بحسب مؤيدي الرئيس...

يا للمفارقة!!..

بلاد شنقيط تتألم في ذكري مأتمها السادس وتبكي دما ودمعا على سنينها الخوالي وعلي ثروتها, وتعليمها, وصحتها, وثقافتها وديمقراطيتها وشبابها وشيبها وفقهائها ومشايخها ومعالمها، كل ذلك ضاع في عهد العسكر الطغاة, بعد أن أبدلو ا اسمها من بلا د شنقيط أرض المنارة والرباط إلى بلاد الانقلابات والانقسامات والصفقات.. إنها مأساة و طن...

فأهلا بكم في و طن الانقلابات...

20. أغسطس 2011 - 23:52

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا