حملة الانتساب وواقع الرقعة السياسية / أحمد سالم المصطفى الفايدة

لم يعدم الموريتانيون يوما تفاعلا نشطا مع واقع بلادهم السياسي فهم من أكثر الشعوب العربية ممارسة للانتخابات وهم من أكثر الشعوب العربية حرية في التعبير وهم من أكثر الشعوب العربية استئناسا بالتحليل والنقاش السياسي والمشاهد لحملة الانتساب الأخيرة لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية وكم المشاركة وحجمها يدرك دون عناء شغف الشعب الموريتاني نساء ورجال بخوض غمار السياسة في أدق تفاصيلها

 كما سيدرك أن واقعا للرقعة السياسية في البلاد بدأ في طور التشكل، فالمتتبع لتلك الطوابير في كل حي وفي كل مقاطعة وهي تصطف اصطفافا بغية التسجيل على قوائم المنتسبين للحزب يخرج بعدة ملاحظات أهمها أن للحزب قاعدة قوية تدعم طرحه وتؤمن بخطه السياسي.
فإلى أي مدى ساهمت الحملة الجديدة في تأكيد قوة الحزب؟
وما هو واقع الرقعة السياسية للأحزاب بعد تخطي الحزب حاجز المليون منتسب؟

لقد شاهدنا جميعا الجدل الذي أثير إبان الاستفتاء على الدستور في العام المنصرم وكيف أن أكثر من شككوا بالعملية ونزاهتها استخرجوا صوراتم التصرففيها لمكاتب التصويتوهي تظهر قليلة الإقبال وعديمةالطوابير معللين ذلك بضعف الحزب وعدم اكتراث المواطنين بما يدور، إلا أننا لم نشاهد أي صور تعرض اليوم على صفحات التواصل تقلل من الإقبال على مكاتب الانتساب أو تشكك برغبة المواطنين بالالتحاق بركب المنتسبين وهو ما يؤكد أن للحزب قاعدة عريضة وقوية ترد بنفسها على كل المشككين.
لقد قام الحزب عن وعي منه بتكليف لجنة بتشخيص واقعه السياسي وفحص هيئاته وإصلاح ما أمكن إصلاحه والبحث عن مكامن الضعف والخلل في البنية الحزبية فأخرجتبناء هرميا جديد مبني على أسس رصينة وقواعد ثابتة ومرتبطة بالواقع ارتباطا،كما لمس الجميع الإرادة القوية من طرف رئيس الجمهورية بضرورة تلك الإصلاحات حتى تبث نشاطا وحيوية وتضخ دماء جديدة.
وهو ما جعل الإقبال على مراكز الانتساب يظهر بشكل أقوى في مرحلته الأولى في انتظار أن تستكمل لاحقا مرحلته الثانية من خلال تعيين الهيئات القاعدية للقطاعات ليتم بعدهاتعيين الفروع والأقسام والاتحادياتفيكتمل البناء بمعرفة أعضاء المؤتمر الوطني.
ورغم أن حزب الاتحاد من أجل الجمهورية ظل ولا يزال رقما صعبا في خارطة الأحزاب السياسية إذ يملك الأغلبية البرلمانية ويحظى بدعم طيف واسع من مختلف التشكلات المجتمعية ورجال الأعمال إلا أن تخطيه حاجز المليون منتسب يستدعي التساؤل عن مدى تموقع الأحزاب السياسية الأخرى على رقعة الشطرنج السياسي خاصة إذا علمنا أن الفئة العمرية التي يحق لها خوض الانتخابات تزيد على المليون بمئات معدودة وهو الأمر الذي يجعل منه حزبا ذا أغلبية واقعية ومريحة تمنحه  حق إدارة البلاد دون عناء من أجل تنفيذ برنامجه السياسي في العشرية القادمة، خصوصا أن البلاد مقبلة على طفرات اقتصادية مهمة تستدعي الاستقرار السياسي وإن كان الاستقرار قد لا يعني بالضرورة الاستئثار بالحكم إلا أن امتلاك الأغلبية يعتبر أمرا مهما بالنسبة لحزب يحمل رزنامة أهداف تتطلب وجود حكومة مستقرة وهو أمر مشروع تكفله الأعراف الديمقراطية.
وإن كان واقع البلاد المتمايز عن أقرانه بشبه المنطقة يحتم على معظم الأحزاب معارضة وموالاة الاتفاق على ميثاق سياسي يضمن التوصل لتفاهمات تفضي في نهاية المطاف إلى تخفيف الاحتقان والتخوين السياسي وإنهاء حالة القطيعة.
ولقد شكل الحوار السري الذي أعلن عنه منذ أيام بارقة أمل في طي خلافات الماضي وفتح صفحة جديدة في التعاطي بين الأغلبية وأحزاب المنتدى،ورأى فيه مراقبون مؤشرا للتوصل لإطار سياسي مبني على حسن النية يمهد للاتفاق بين الطرفين حول مجمل القضايا المطروحة على الساحة السياسية.
كما أن قرار المنتدى الأخير بالمشاركة في الانتخابات القادمة يعد خطوة في الاتجاه الصحيح خاصة إذا علمنا أن الواقع الجديد بعد حملة الانتساب ونتائجها والانتخابات البرلمانية والبلدية اللتين باتتا على الأبواب يستدعي من منتدى أحزاب المعارضة النزول من سلم العناد والقطيعة والعودة إلى الرشد في التعاطي مع الشأن السياسي والاتسام بالواقعية والحنكة بوصفهما من متطلبات المرحلة .
 

26. أبريل 2018 - 8:04

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا