النخبة السياسية بموريتانيا واستلاب الهوية !! / سيد أحمد ولد باب

altما الذي يجري في موريتانيا ؟؟ أتنهار أخلاق النخبة السياسية إلي هذا الحد الفاضح !! لم أصدق وأنا أقرأ صحيفة "الفجر الجديد" الليبية كيف أن قادة من خيرة أبناء هذا البلد يتساقطون علي فراش القذافي تساقط الذباب علي الشراب،

يتامي يتدافعون كل واحد منهم يعبر عن حاله بلغة الصعوبة ورغبة غير مسبوقة في العطف والحنان، وعن ولاء غير منقوص و تضحية بالوطن والهوية والقطر لصالح مشاريع أخري دون مبرر.  سترك اللهم !! حاولت أن أكذب نفسي وأنا أتصفح بيعة قادة الأحزاب السياسية "القومية والإسلامية" في موريتانيا للزعيم الليبي ومن دون مناسبة،لكن هيهات فالأسماء هي ذاتها باستثناء "ألفين" سقطوا من اسم واحد والوجوه هي ذاتها التي عرفتها في شوارع نواكشوط أيام الحديث عن الوطنية والشهامة والكبرياء ،لكن المنطق مختلف والهامات منكسة وصرخات الاستجداء والاستعطاف فاقت كل تصور.... "أريد أن أؤكد على أننا في الساحة الموريتانية لسنا إلا نتاجاً طبيعياً لفكركم وتجربتكم ولفعلكم السياسي بالساحة الموريتانية، هذا النتاج الذي وصل فعلاً إلى مرحلة من النضج الآن، نأمل أن يكون بداية لجمع شتات التيار القومي المختلف، وجمعه لاحقاً بالتيار الاسلامي الذي من بيننا الآن من يمثل طائفة منه". بهذه الكلمات أختصر أحد القادة السياسيين الموريتانيين كينونة تياره وأوضح عن دور حزبه وأهدافه أمام الزعيم الليبي – ولست هنا بصدد التنقيص من الأخير- ،لكن الصدمة بالغة والوطن لم يعد له مبرر والدستور هراء والوحدة الوطنية في مهب الريح والخيط الناظم صفر إن كان كل واحد منا نتاج جهاز أو دولة وصلته بالوطن تماما كصلة الأمهات المؤجرات ب"البويضات المخصبة" أو كصلة أطفال الأنابيب بالأنبوب الذي غرزوا فيه (دور وينتهي مع انتفاء الحاجة إليه) غريب أمر أبناء هذا الوطن!!. لا أحد يجادل في أن لليبيا قامتها ومكانتها بين الدول العربية في وقت هيمن فيه الذل والخنوع علي كثير من الدول،ولا أحد يعترض –ولا يمكنه ذلك – علي علاقات طيبة بين نخبة سياسية وبلد عربي ومسلم مناصر للكثير من قضاياها ،ولكن الغريب هو أن تري من مملكهم الآلاف من الموريتانيين زمام أمرهم وهم يضعون أنفسهم وأحزابهم وكينونتهم السياسية في يد شخص آخر بل ويستنجدون به "افعل بنا ما تري فقد نضجنا وحان الحصاد".. من يستطيع بعد الآن أن يلوم السينغال إذا تدخلت في شؤوننا الداخلية فلها من دون شك محبون وعاشقون نضجوا هم أيضا وينتظرون الحصاد. من يعاتب مالي إن تصرفت في حرية أبنائنا وسلمتهم للقاعدة أو الفرنسيين فربما هم أيضا سلموها الزمام ووالوها وباتوا جزءا من رعاياها غير القاطنين علي أراضيها شأنهم شأن إخوتنا القوميين... من يعاتب الفرنسيين إذا تلاعبوا بأمننا ونصبوا لنا الحكام وخلعوا من يرغبون في خلعه متي أرادوا فلهم أيضا محبون وأبناء هم في الحقيقة نتاج حصاد السنين... ولكن الأخطر ليس هذا ولا ذاك بل الاستعداد المعلن للتحرك السريع دون تحديد الوجهة أو الهدف ولنستمع قليلا إلي أحد هؤلاء وهو يقول "إن التيار القومي في الساحة الموريتانية، أصبح الآن جاهزاً للتحرك السريع بتوحيد صفوفه تحت قيادة الأخ القائد، بعد أن حققت معظم تيارته نقلة نوعية على مستوى مرجعيته الفكرية بتبني النظرية العالمية الثالثة وأدواتها التنظيمية، وستكون نتائج هذه النقلة عظيمة، والآفاق التي ستفتحها واسعة ليس على مستوى التيارات القومية والإسلامية فحسب وإنما على مختلف عموم موريتانيا". قطعا موريتانيا دخلت منعطفا بالغ الخطوة ليس في انتفاء البلد ككيان موحد يجمع شتات أبنائه،بل بسبب ضعف النخبة العسكرية الحاكمة التي فتحت هي الباب أمام الاسترزاق بالوطن والمتاجرة بمواقف أبنائه واختارت البقاء في الكرسي علي منطق الشهامة والاستقلال بالقرار والرأى. من يصدق بعد الآن أحادث وزيرة الخارجية عن السيادة الوطنية والمعاملة بالمثل وعودة الدولة الموريتانية القوية إلي مصاف الدول التي تحمي كرامة أبنائها وتفاخر بوجود فاعل في المحافل الدولية،ومن سيصدق الآن تعلق الشعب برئيسه إذا كان أقرب المقربين منه يبايعون غيره ويعقدون الصفقات باسمه مع الآخرين وكأننا في عهد المماليك الغابر . سترك اللهم!!! من يصدق الآن دعاوي الوحدة الوطنية التي ملأت الدنيا وشغلت الناس وأشعلت من أجلها الحروب مع الجيران ،وما قيمة أحواض ناضبة هنا أو هنالك إذا كان من تراد له الحياض مستعد هو الآخر أن يسلم زمام أمره للغير وحياضه بل وحياض الآخرين مقابل دريهمات ضرها أكثر من نفعها يقينا. لرئيس حزب الفضيلة الحق في أن يشيد بخطاب القذافي أمام الأمم المتحدة كغيره من المستضعفين في الأرض الذين رأوا فيه كلمة حق أمام سلطان جائر،ورسالة قوية لقوي الاستكبار من بلد ثالث لا يزال في طور النمو – ونحن معه في ذلك-،لكن ليس له الحق بحال من الأحوال أن يبخس الناس أشيائهم وأن يسرق من الموريتانيين انتصارهم في مواجهة العدو المشترك "الكيان الصهيوني" ودورهم الرائد في مواجهة اختراقاته والعمل علي إنهاء العلاقات معه بشكل تام . صحيح أن الرجل كان بعيدا من ساحة الفعل السياسي ،وصحيح أن علاقته بالرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز غير ودية ،لكن لا أحد يكابر في أن الشعب الموريتاني هو من ضحي من أجل قطع تلك العلاقات وأن ولد عبد العزيز هو من نفذ والحديث عن قطعها من قبل آخرين أو استجابة لضغوطهم هو خفة في الميزان السياسي لرجل ذو بصيرة واستهتار بتضحيات شعب عظيم كشعب موريتانيا. شكرا لليبيا حينما قارعت الاستعمار،وشكرا لليبيا عن ساعدت موريتانيا في أوقات صعبة ،وشكرا لليبيا حين كشفت القناع عن أوجه نخبة من أبناء موريتانيا انخدع بهم كثر..

23. مارس 2010 - 14:40

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا