سياسة المحاسبة ...هواجس وشكوك..!!!! / أحمد أبو المعالي

altشهدت الفترة الأخيرة سلسلة إجراءات تم بموجبها تجريد بعض الإداريين من وظائفهم واعتقال بعض المسؤولين بتهمة اختلاس المال العام ..وقبل ذلك شهدت فترة الانقلاب التي سبقت الانتخابات الرئاسية مثل ذلك .

وقد أحدث ذلك ردات اهتزازية مختلفة... فهناك من اعتبرها خطوات ملموسة في سبيل إصلاح مؤسسات الدولة التي عانت عقودا متعددة من السلب والنهب دون أدنى مساءلة أو عقاب ..بينما اعتبرها آخرون ذرا للرماد في المقل ، ووسيلة مكشوفة لمعاقبة المعارضين والمناوئين تحت يافطة محاربة الفساد ..ولكل وجهة هو موليها....ولعله في هذا السياق يمكن الإشارة إلى ملاحظتين اثنتين:

الأولى:- أن غياب هذه السياسية العقابية مكنت كثيرا من المسؤولين من اختلاس ثروات عمومية طائلة علنا دون أدنى خجل أو حياء ..وقد عانت الخدمات العامة من جراء ذلك وأنهكها ذلك السلوك المشين... فشل الكثير منها وغابت مقوماته ..وأثرى بعض المسؤولين ما بين عشية وضحاها ..ورغم مجاهرة بعضهم بذلك إلا أن ذلك لم يحل بينه وبين تبوء مناصب مختلفة في شتى مفاصل الدولة...والضحية الوحيدة لذلك الاختلاس والنهب العلني هو المواطن المسكين الذي حرم من ثرواته ..وغاب صوته واحتجاجه وسط الزحام ...حتى أصيب باليأس من التغيير والإصلاح ..وما إن تنشب الحملات حتى يهب المترشحون لبث وعودهم المختلفة بتحسين أحوال المواطنين وإعادة الاعتبار لهيبة الدولة .... لكن ما إن يصل إلى الكرسي حتى يتوارى عن الوعود .ويتخذها ظهريا .وتعود السيرة الأولى ..وبناء على ذلك فإن أي محاسبة لأي مسؤول لاشك ستلقى ترحيبا منقطع النظير ..وسيتنفس بعض المتضررين الصعداء ..ويستبشرون بذلك خيرا لأنهم يعرفون أن الله يزع بالسلطان ما لايزع بالقرآن ...

الملاحظة الثانية – إن ثمة من يخشى أن تتحول تلك المحاسبة عن مسارها الطبيعي ،وتصبح سيفا مسلطا على رقاب معارضي النظام في حين ينجو منها رموز الفساد اللاهثون خلف النظام حتى ولو كانوا "أو كل من لرظ" ويعرف القاصي والداني جرائمه الاقتصادية وماضيه السيئ في التسيير والإدارة ...إن مثل ذلك التصرف يفقد هذه المحاسبة مصداقيتها ..ويسحب البساط من تحت جديتها ...ولعل الكل يتذكر الاعتقالات التي طالت مدراء ومسؤولي الخطوط الجوية الموريتانية التي نجى الله منها من بايعوا الانقلابيين ..كما نجى غيرهم من المفسدين الذين أعيد الاعتبار لهم ..والله أعلم بحالهم... وهو وليهم وحسيبهم
لذلك يصبح هذا الهاجس مبررا وله ما يؤيده ...نعم على الدولة أن تضرب بيد من حديد على أكلة المال العام... لكن ذلك لا ينبغي أن يقتصر على تجريدهم من مناصبهم أو إعفائهم من وظائفهم فحسب..بل لابد من تقديم المشتبه فيهم للعدالة حتى تقول كلمتها الفصل ..ومن ثم تصبح الإدانة ذات بال ..ومن يدري ..فقد يكون أحد هؤلاء برئيا طالته الاتهامات خطأ فيجب إعادة الاعتبار إليه .؟؟؟.إما إن أدانته العدالة فيجب أن ينال العقوبة المناسبة ليكون عبرة لغيره..

فما جدوى اعتقالات وإعفاءات لا تشفعها محاكمات وأحكام مناسبة .؟؟؟ وما فائدة محاسبة تستثني سدنة النظام وأساطينه وأعوانه الوالغين في الفساد وسوء التسيير؟؟؟؟
شكوك وهواجس ستثبت الأيام القادمة مصيرها وموئلها ...

23. أكتوبر 2009 - 18:23

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا