مسيرة الحرية أو قصة العبودية في موريتانيا (3) / محمد الأمجد بن محمد الأمين السابم

بعد الانقلاب السياسي الذي قام به بنوا أمية والذي قضوا بموجبه على مبدإالشورى قاموا بالانقلاب

 الثاني الذي أشاع الفسادالمالي وشرع ممارسة الغلول. ( أكل المال العام ) 

ظلت الموارد المالية للدولة الإسلامية بسيطة طيلة عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولفترة من عهد خليفته أبي بكر الصديق رضي الله عنه  كانت غنائم الحرب من أسلحة وخيول وما يحصل عليه من  الإغارة على القوافل التجارية للأعداء هي المال العام المشترك  بين المسلمين  ومع تزايد عدد الداخلين في الإسلام أصبح للدولة دخل جديد هو الصدقة أي مداخيل الزكاة  فكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقسم تلك الغنائم بين المقاتلين الذين هم في حقيقتهم أناس متطوعون تدفعهم عاطفة حب الإسلام والرغبة الجامحة في نجاح مشروعه إلى التضحية وبذل الغالي والنفوس في سبيله ومع هزيمة المسلمين للإمراطوريتين الساسانية والرومية ووقوع ممتلكات الدولتين المذكورتين في أيدي المسلمين وتضخم أموال الزكاة اقتضت ضرورات هذا الواقع إنشاء مرفق تحفظ فيه هذه الممتلكات الهائلة ومن هنا نشأت أول خزينة للدولة (بيت المال ) اعتمد الخلفاء سياسة مالية صارمة جعلت  بيت المال مستقلا تماما عن الخليفة ولا يصرف منه أي فلس في شؤونه الخاصة ولا يعطي منه لأي كان لأنه ملك للأمة (جماعة المسلمين ) يصرف بيت المال في شؤون الأمة التي كانت تتمثل في تجهيز الجيوش والصرف على بعض المحاويج ممن يعيشون ظروفا اقتصادية صعبة 

كانت حياة الخلفاء وقادة الجيوش ووجهاء الصحابة تتسم بالتقشف والبساطة لما يتسمون به من زهد وعدم رغبة في حطام  الدنيا 

ما إن  انتهى العهد الراشدي وحكم بنوا أمية  سنة أربعين للهجرة حتى تم طي تلك  الصفحة المشرقة من تاريخ الأمة فتحول بيت المال من ملك للجماعة ليصبح جزءا أساسيا من   ممتلكات الخليفة  

ومن هنا دخل المال في لعبة السلطة وأصبح أحد مفاتيحها وأدواتها الفعالة ومن هنا  أيضا بدأ الفساد المالي مسيرته التي رافقت مسيرة الأمة منذ ذلك التاريخ وإلى اليوم 

استخدم بنوا  أمية المال لشراء الذمم وعلى نهجهم سارالعباسيون حيث كان الخلفاء والولاة وقادة الجيوش  يوزعون آلاف الدراهم ومئآت الإقطاعات تحت الشعار الهدام أمرت لك 

كانت تلك الأموال تصرف على شيوخ القبائل وأبناء الأسر ذات النفوذ وباعتبار أن الشعر كان المنبر  الإعلامي الوحيد المؤثر يومئذ فقد حظي الشعراء بنصيب وافر من عطاءات الخلفاء والولاة وقادة الجيوش والراغبين من أبناء الأسر ذات النفوذ في المناصب السامية في الدولة 

أما الإنقلاب الثالث الذي قام به بنوا أمية فهو انقلاب اجتماعي يرتبط بصفة وثيقة بموضوع الرق لأنه مربط الفرس في استنبات الظاهرة من جديد بعد أن كادت تختفي 

يتواصل

19. ديسمبر 2018 - 11:21

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا