رفقا بالقوارير يا حسن مختار/ المهدي بن أحمد طالب

 المهدي بن أحمد طالبقيل في سالف الزمان أن موريتانيا بلد المليون شاعر وها أنا اليوم أقول بلد المليون عبقري وكاتب لكن أرضنا وللأسف تأكل أبنائها قبل أن يبلغوا سن الرشد وأحيانا لا تهتم بهم إلا بعد أن يواروا في ثراها .

بعد بحث مضن وجدت هذا المليون يختزل في أشخاص كانوا مدفونين  في غيابات جب صحراء الملثمين  ليكشف الزمن اللثام عنهم  بعد مسح جيولوجي  ومن بين هؤلاء الناجين حسن مختار بن " النعمان بن المنذر بن ماء السماء ".
حسن مختار: يتجسد في أسلوب حسن  وأدب مختار يعشق الحديث إلى حد الثمالة  عن يوميات جامبور بمدينة كيفة وأزقة القديمة  بلا تكلف ولا تصنع .
ظهرت لآلئ الرجل وأصدافه  في بحر ظلمات تقدمي على شكل اسم يعتقد البعض أنه مستعار يكتب من ورائه حنفي ولد الدهاه .
لم أصدق حينها هذه المعلومة وقلت في نفسي حسن مختار ستكشف الأيام عن وجهه اللثام ولو بعد حين .
بعد بُرهة كشف عن ساقي مُذكراته فحسبتها لجة من معارف الأدب والفكر .
أصبحت أتابع " مارتشوهات " حسن مختار وحلقاته المتلاحقة بشغف جعلني جامبو يا أنضوي في حركة الكادحين من حيث لا أشعر بأسلوبه الشيق وجاذبية سحره  البياني وقريضه الأدبي .
أصبحت أتخلى في حِلي و ترحالي عن كثير من كتب الأدب كوحي القلم للرافعي وأدب الكاتب لابن قتيبة والبيان والتبيين للجاحظ واستبدلتها بأدبيات محمد الأمين الشاه في كتابه بلسم وجراح وحنفي ولد الدهاه في أحرف النار وحسن مختار في مذكراته .
حسن مختار: في نظري هامة عالية تستحوذ في طياتها على كثير وكثير من دقائق الحياة الصحراوية وثقافاتها المتشعبة بحكم احتوائه وانطوائه ومروره على تيارات مختلفة المشارب والمسارات .
لعل الرجل مرّ في مرحلة من مراحل جامبور بشعر عمرو بن أبي ربيعة وخَمريات أبي نواس وتشبُب نزار إنه يحب الحديث عن " مكتنزات الأرداف " وصويحبات الشفاه الحمراء ......بباسطة يُحب ما هيئ له في هذا الكون من زينة وجمال .
صَور رسومات فنية على حيوط كيفة جسد فيها يوميات شيخه "عبد المجيد ، ومعلمه الثاني عبد الله وزملائه اسديدم ، واشوينلاي ومدير المدرسة ، و الفنانة منينة وسلمى ووزراء المختار ولد داداه ".
حسن مختار: في مستطرف مذكراته ذكر الشجر والمدر ، ذكر حياة الطفولة ، ذكر عشوائية الأطفال ، ذكر حزنه وفرحه ، ذكر أشياء يصعب علي وصفها يعتبرها البعض خروجا عن المألوف ووصفا لما لا ينبغي وصفه في  [ الحلقة السادسة ]
حسن مختار: ببيانه وتبيينه ينقلك إلى الجاحظ وبخلائه وابن الجوزي وأذكيائه والإبشيهي ومستطرفه وبن بطوطة ورحلاته .....!
لم يترك " زنقة " في كيفة إلا ومر بها  وسطرها ، عاش مع أبناء زمانه وتجليات أحداث الاستقلال وانطباعاتها على أبناء المنطقة بين الفرح والسرور.
الكادحون أخذوا الغالي والنفيس من وقته ،  سلاحه حينها ثقافة الجامبورين والجامبوريات  التي سرعان ما تلقفها ساكنة كيفة بكل سرور وتلقائية .
في " الخولخوز" : صُنع حسن  على يد مدير المدرسة عبد الله ، شبّ وترعرع على ثقافة  مانديلا  .
استطاع  أن يُخضع لقلمه الفصاحة والبلاغة في آن واحد  لا أن يخضع لهما ، استطاع أن يجذب إليه جمهورا شغوفا تحركه السوافي والقوافي ، جمهورا يعشق كلما هو جديد ، جمهورا يألف الأدب ويألفه الأدب  .
أحب ما في حسن أن يحدثك عن خلجاته ومشاعره دون أن يطليها ببهارات التزلف فهو يحدث الآخرين وكأنه قيم شاي في أسرة تتفيأ منتجعات الخريف على تلال كنكوصة .
إنه يسمي الأشياء بمسمياتها لا تعرف الغموض شخصيته .
حسن مختار: شجرة لا شرقية ولا غربية  يكاد زيتها يضيء .
طلب بعض المعجبين بحسن مختار أن يتجنب بعض الألفاظ التي جسدها في مقاله عن زيارة الوزير حفاظا على الذوق العام .
وأخيرا على وزارة الثقافة أن تكتشف بعض الموهوبين وتعتني بهم لا أن يبقوا مدفونين في الصحراء .
والعيب كل العيب أن يموت أحدهم ونبكي على أطلاله ونغني عليه في مماته لا في حياته .
طُويت صفحة يحي بن المختار بن حامد كأول رجل عربي في الرياضيات وثالث رجل عالميا في نفس التخصص ومع هذا الجهد كله يجهله الكثير من أبناء زمانه فهل نحن أمة لا تعرف أبنائها إلا بعد الموت .

17. يونيو 2012 - 0:00

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا