أمضى الزعيم والقائد الليبي معمر القذافي قرابة نصف قرن يحكم شعبه بأوهام شعارات مزيفة لم تطعم فقيرا ولم تعلم جاهلا ولم تساهم في تحرير أرض ولا نصرة قضية عربية ، بل ظل يسوم شعبه وأهله سوء العذاب كما كان يفعل الفراعنة مع قومهم وكل الحكام المتكبرين عبر تاريخ الديكتاتوريات الطويل.
أنا الحرية, أتحدث إلى شباب الوطن العربي الحر..طالما تقتم إلي وحلمتم بي وطالبتم وتمنيتم قدومي ,لكن لم ألب ندائكم ولم أعركم انتباهي لأنكم لم تستحقوني ولم تسعوا إلى بجدية ولم تعملوا لتحقيقي بعملية..وأظنكم عرفتم السبب الآن,
كان أستاذنا لمادة التاريخ في (الصف الثالث اعدادى) يكرر دائما : انه لابد أن يأتي ذالك اليوم الذي يصل فيه إلي السلطة قائد"ملهم " يعمل على تغيير كل رموز السيادة الوطنية بدءا بالعملة والعلم ،وانتهاء بالنشيد الوطني.
مبروك....مبروك.....وألف مبروك لكل الشعوب العربية ولكل أحرار العالم، الذين انتظروا طويلا هذا اليوم المصري الثوري التاريخي، بعد الحدث الثوري التونسي الملهم الأول لكل أبناء العروبة والإسلام في سائر الديار والربوع.
منذ احتراق البوعزيزي- رحمه الله- ساعة امتعاض من تجبر أمني مألوف في تونس يومها ..وما ولده ذلك "الاحتراق" من تداعيات ظلت ككرة ثلج تكبر وتنمو حتى أودت بأحد أقوى الأنظمة الفرعونية في القرن الحالي.
دخلت الثورة المصرية المجيدة ساعة الحسم، وتكثفت المساعي الداخلية والخارجية لاغتيال الثورة، أو سرقتها، أو تفريغها من مضمونها، وبدأ النظام المصري ينتقل من احتواء الثورة إلى اغتيالها. ويحتاج الثائرون اليوم الانتقال من إستراتيجية الاستنزاف إلى إستراتيجية الحسم، قبل فوات الأوان.
خطى الشعب المصري خطوات على "صناعة تاريخ مصري جديد"... وكثيرا ما فعلها الشعب المصري فهو صانع تاريخ بامتياز، ماضي الشعب المصري ماض مشرف، وتاريخه تاريخ ناصع، ولا يخدش في هذا الحكم تلك الفترات غير المضيئة في تاريخ هذا الشعب العظيم، فهو إثبات للقاعدة وتأكيد لها.
تشهد الساحة هذه الأيام حراكا إعلاميا مثيرا، تزاحمت فيه المقالات الكثيرة،قليلها نافع وأكثرها ضار، وجلها غث وبعضها سمين،وبين هذه المتناقضات ،اختفت الحقيقة في تيه الأهواء والتضليل.
كتب أريك هوفر مرة يقول "يحسب الناس أن الثورة تأتي بالتغيير، لكن العكس هو الصحيح". وقد صدق ذلك الفيلسوف الأميركي، فالتغيير هو الذي يأتي بالثورة: تغيير النفوس، والثقافة السياسية، والمعايير الأخلاقية.
ملايين العرب وأهل العالم الثالث المسكون بشياطين الدكتاتوريات، ينظرون إلى ما حدث في تونس صبيحة 14 يناير الماضي، بأمل وحسرة متسائلين، متى تنتقل إلينا العدوى؟ ولماذا في تونس وليس في بلداننا، رغم أننا نعاني نفس المشاكل وفي بعض الأحيان أسوأ؟
أخيرا سالت الدماء مدرارة ضد الاستبداد في دولة عربية، في أول ثورة شعبية في منطقتنا المكلومة بحكامنا المستبدين، بعد ثورة السودانيين على الجنرال عبود والمشير النميري. لقد برهن الشعب التونسي على شجاعة لا ترهب الموت، وعلى استعداد للتضحية قل نظيره.
أخيرا صدق شاعر تونس ظنه على شعب "الخضراء" فأراد الحياة التي رمز لها بقوله"إذا الشعب يوما أراد الحياة"..كأن الشعب التونسي الأبي ما عشق الحرية أي ما أراد الحياة مذ كان يطوي أجنحته على الضيم...لتهنك النبوءة الشعرية يا أبا القاسم!
هذه واحدة من اللحظات التي وجدتني أعجز فيها عن الكتابة..فقد أحسست أن التعبير بكلمات مرصفوه ضرب من العبثية. لقد كان يوما من أيام الله! وجدتني وسط غرفة أخبار قناة الجزيرة أتابع الأخبار الواردة عن زوال دكتاتور قطرة قطرة!.