مرة أخرى تتوالى فصول المأساة ..تسيل الدماء و يرحل الشهداء فى صمت داخل أو خارج أرض المعركة ..ليس مهما.. المهم أن يقطف القادة و"المشاييخ" وأصحاب القبعات الحمر "ثمر" الهزيمة ،وللراحلين والمكلومين بشرى بيوم النصر الموعود فدماء الجنود أساس بنيان القادة!!.
موريتانيا الدولة العربية الإفريقية جنوب الصحراء، عرفت خلال السنوات الأخيرة العديد من المحاولات الانقلابية الفاشلة، تُوِّجت في العام 2005 بانقلاب عسكري ناجح، تمخضت عنه مرحلة انتقالية قادت إلى انتخابات على المستوى المحلي والتشريعي والرئاسي، ونالت إعجاب العالم، ولقيت تسويقا
انفجر الصراع السياسي المحتدم منذ عدة أشهر صباح الأربعاء (6/8/2008) كالبركان الهائج: الرئيس المنتخب ينقلب على حلفائه العسكريين فيقيلهم دفعة واحدة، والجنرال ولد عبدالعزيز المعروف بخطواته الجسورة ينقلب على الرئيس معلنا استحواذه وما سمي «المجلس الأعلى للدولة» على صلاحيات
إذا صح ما أشيع خلال الأيام الماضية من أن الجماهيرية الليبية قد اعتذرت عن استقبال أي موفد موريتاني خلال شهر الصيام المعظم، فذلك دليل واضح على أن تلك الدولة العظيمة أصبحت تصنف محامي الانقلاب والمدافعين عنه ضمن القائمة التي يفترض أنه يجب تصفيدها خلال الموسم الرباني.
تزداد الأزمة السياسية في موريتانيا تعقيدا يوما بعد يوم وتشتبك خيوطها اشتباكا يصعب معه على المراقب رؤية ضوء في آخر نفق الواقع المأزوم.
التوجه نحو "شرعية الواقع"
الجميع غضب غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثلا، والجميع أخذ يسود صحائفه في هجائيات مقذعة، وصحت في الجميع روح الوطنية والمبدئية والثوابت والمنطلقات، لم يكن لكل تلك الجلبة والصراخ من داع إلا أن رئيس الجمهورية المنتخب أراد توسيع قاعدته المساندة.
هل رأيتم أوضح من الصورة البديعة التي رسمتها الدورة الطارئة للبرلمان العسكري المنعقدة حاليا ،هل ما زال هناك من يجد صعوبة في رؤية حقيقة موريتانيا الجديدة التي يبشر بها " رسل التصحيح" المنطلقون هذه الأيام كما ينطلق مردة الشياطن مع نهاية شهر الصيام، إنها لصورة رائعة فعلا لديمقراطيتنا الوليدة..
هم في الجهتين، المؤيدة للانقلاب، والمناوئة له.. تراهم تعرفهم بسيماهم, لايعرف الخجل إلى وجوههم سبيلا، يتخذون المواقف اليوم، ويناقضونها غدا، يبررون بألسنة حداد ما لايمكن تبريره، يناقشون، يصرخون، يقودون التظاهرات المؤيدة في الصباح، والمناوئة في المساء..
قبل ثلاث سنوات بالتحديد ومع فجر الثالث من أغشت 2005 كانت موريتانيا المفعمة بأحاسيس الظلم والقهر قد بدأت تتنفس الصعداء بفعل الفجر الجديد الذي صنعه ومن دون مواربة ضباط الجيش بعد عناء طويل عاشه أحرار كثر جمعتهم المأساة وفرقتهم الرؤى والانتماءات.
حاول الفكر السياسي العربي الحديث بناء نموذج للدولة العربية القائدة في العالم العربي الحديث. وقد استبعد قادة الفكر السياسي العرب أيَّ دور لدول «الهامش» وأقطار «الأطراف»، واستنبطوا مواصفات هذه الدولة وشروطها من جغرافيا الاجتماع السياسي العربي الحديث، وكان النموذج الماثل دائما
أخيراً سقط قناع «العملية الديمقراطية» الموريتانية التي جاء بها تغيير الثالث من أغسطس 2005 في موريتانيا حيث أزيح الرئيس (ولد الطايع حينها) رمز النظام وبقي جسد نظامه مهيمنا على البلاد. فلم يصدق الكثيرون من المراقبين أن الجيش سلم السلطة بكل طواعية لرئيس منتخب وهو ما حدث في الشكل
ليست ميزة جديدة فى القوى السياسية المنحرفة أن تستخف بشعبها، كما ليس من الغريب أن تحتضن المجتمعات القاطنة على طريق النمو السياسي والفكري فيروس "القابلية للاستخفاف" الذى يجعلها مهيئة -لابل مرشحة - أن لايتولى قيادتها إلا من يوفر لها مقادير معتبرة من ذلك الفيروس ؛الداء والدواء على الطريقة النواسية.
ابْهارَّ الليلُ في عاصمة المنكب البرزخي ودبت الحياة فُجاءةً في هذا البيت الواقع في منطقة تفرغ زينة. بيتٌ تختلط فيه رطانات الأعاجم بالتسبيح والتهليل والتكبير. تجافى الشيخ عن مضجعه كعادته وافتتح يومه قائلا: "الحمد لله الذي أحياني بعد ما أماتني وإليه النشور".
في إحدى عشيَّات عاصمة بلاد الملثمين، تهادى الشيخ الوقور إلى مصلاه متمتما: "اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح لما غلق والخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق والهادي إلى صراطك المستقيم".